“مغاور الوادي المقدس” الجزء الثالث لجورج عرب بدعم من نعمت افرام

صدر الجزء الثالث الاخير من سلسلة مغاور الوادي المقدس لمعدّ مشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي ومديره، أمين النشر والاعلام في رابطة قنوبين للرسالة والتراث الزميل جورج عرب، بدعم رئيس المؤسسة المارونية للنتشار، عضو الهيئة الفخرية في رابطة قنوبين، المهندس نعمت افرام. يقع الكتاب في 500 صفحة قياس 25*25 بطباعة ملونة وبتجليد فني فاخر في مطابع مؤسسة الرعيدي، وصادر بست لغات. ويتناول مسحاً لسبع وثلاثين مغارة وكهفاً تقع غالبيتها في القسم الغربي من الوادي المقدس ناحية دير قزحيا اهدن.

وكتب الزميل عرب في مقدمة الكتاب:

يختتم الجزء الثالث من مغاور ومعالم الوادي المقدس مسحاً لهذه المعالم امتد أكثر من عشر سنوات. توزع بين أبحاث تاريخية وكشف جغرافي وتصوير المواقع واعداد النصوص وترجمتها. وغطّى هذا العمل معالم معروفة في الوادي ونطاقه، ومعالم أخرى كانت مغمورة تمّ كشفها. أما المعالم المعروفة فقد وردت في الكتاب الاول من سلسلة اصدارات الوادي ” المسيحيون والوادي المقدس” . ( طبعته الاولى 2009). وقد بلغت 63 معلماً تنوعت بين كنيسة ودير قائمين، وبين مغارة ومحبسة وآثار مندثرة. وقد سبق ان أجرى عديدون من الباحثين والمؤرخين دراسات على غالبية تلك المعالم، وحصّلوا حولها نصوصاً تاريخية علمية، وردت في الاصدار المذكور. أما المعالم التي تضمنها الجزءان الاول ( 2012) والثاني ( 2014) والثالث هذا من ” مغاور الوادي المقدس” فقد بلغت مئة وثمانية عشر معلماً هي مغاور وكهوف ومحابس وآثار عمرانية متصلة بحياة البشر كالطواحين والمدافن والبيادر… وبهذا يكون مجموع المعالم التي غطتها الاصدارات الاربعة المذكورة 181 معلماً تنتشر في أقسام الوادي الثلاثة، الشرقي ناحية دير مار اليشاع في بشري، والمتوسط ناحية قرية وادي قنوبين، والغربي ناحيتي دير مار أنطونيوس قزحيا في نطاق اهدن، ودير سيدة حماطورة مقابل كوسبا.

ومن المعالم التي تضمنتها الاجزاء الثلاثة يمكن استخلاص المعطيات التالية:

– غالبية المعالم البالغ عددها  118 مهجورة طرقاتها وعرة تكسوها الاشواك والنباتات البرية.

– لا أبحاث سابقة أجريت على هذه المواقع لتحصيل النصوص العلمية التاريخية حولها.

– وضعنا حولها نصوصاً أولية وصفية انطباعية تؤسس للتعمق بالابحاث الاكثر تخصصاً.

– بعض هذه المعالم مدافن تحتضن هياكل وعظاماً بشرية.

– بعضها مغاور ذات طابع استغواري عميق ومميز، يحتضن روائع الصاعدات والهابطات المائية المترسبة المتحجرة…

– بعضها يحتوي على فخاريات وحجارة منحوتة بيد الانسان.

– بعضها ملاجئ للبشر أو للطير وسائر الحيوان.

– بعضها مواقع لاحتضان أطباق دود القز لاستيلاد الحرير الطبيعي.

– بعضها طواحين وبيادر وأمكنة تصنيع الفحم والكلس ومعاصر زيت وخمور… ذات صلة وثيقة بالحياة البشرية في الوادي…

– بعضها كهوف طبيعية رائعة الجمال تشكل مقومات كافية فريدة للسياحة البيئية والطبيعية داخل الوادي.

– بعضها محابس عرفت حياة نسكية.

– بعضها متصل بتاريخ الوادي التربوي والتعليمي… وبعضها متصل بتاريخه البشري وحركة الهجرة.

– بعضها بيوت مندثرة متصلة بالحياة الاجتماعية في الوادي المقدس والجوار.

– بعضها متصل بمعرفة المتصوفين المسلمين الوادي المقدس.

– بعضها تسمياته متصلة بتسميات رحالة ومستشرقين أجانب زاروا الوادي.

– بعضها متصل بمحطات تاريخية محورية كغزوة المماليك سنة 1283،وتأسيس المدرسة المارونية في روما سنة 1584، وانعقاد المجمع اللبناني سنة 1736 … وسواها.

– بعضها متصل باقامة البطاركة الموارنة في وادي قنوبين، وبعلاقاتهم الداخلية والخارجية، وعاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم وأمكنة مخابئهم أوقات الشدة…

– بعضها متصل بوجود سائر الجماعات المسيحية – غير الموارنة – في الوادي المقدس، وبالآثار العمرانية التي تركتها هذه الجماعات، وهذا ما يبرز التراث المسيحي المشترك الذي يحتضنه الوادي المقدس.

– كلها صاغ أسماءها أهل الوادي

وكلها قادنا اليها أهل الوادي

– كلها متصلة بتراث الوادي المقدس، وتشكل مجتمعة أبرز مقومات هذا التراث.

ويضيف: كشف المعالم أو قل مغامرات الاخطار وجراح الاشواك والاعطال الدائمة في العظام… كلها نقطة ألم عابرة في بحر الآلام التي عرفها شعب الوادي المقدس. أين أوجاعنا البسيطة هذه من ملحمة قنوبين، ملحمة الشهادة بوجهيها شهادة الدم في التاريخ وشهادة الحياة اليومية في سبيل الايمان والحرية؟!

– وبعدما أنجز مسح هذه المعالم تركز رابطة قنوبين للرسالة والتراث العمل على أمرين ملحين:

الاول: تأهيل طرق المشاة الى هذه المعالم بهدفين سياحي وعلمي. السياحي يتيح للزوار زيارة هذه المعالم، والعلمي يتيح للباحثين المتخصصين الوصول اليها لاجراء دراساتهم اللازمة.

الثاني: اطلاق حركة الدراسات العلمية المتخصصة لهذه المعالم، كتوصية أساسية لمؤتمر علمي تعدُّ الرابطة لعقده لاحقاً.

ان هذين الامرين المطلوبين – وسواهما بالطبع – يجب أن يشكلا خطة عمل مشتركة بين رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث وسواها من الهيئات الاهلية والرسمية المعنية.

ويكمل: وفيما يصدر الجزء الثالث الاخير من سلسلة معالم الوادي، يشدني حنين حزين الى زمن كشف هذه المعالم، ربما لان مركب العمر يعبر صوب المساء، ولن يعود الى ماضٍ يتيح لي العودة الى تلك الامكنة الصعبة الخطرة المعلقة عودة الطائر بأجنحة الايمان، وأتذكر أننا حين كنا نزور أي معلم في الوادي تحت الامطار والثلوج أو تحت أشعة الشمس الحارقة كانت أصوات قديسيه تشدنا الى الامام والى الوراء…الى الامام لنكتشف هوية فريدة لنا حصّلها مؤمنون قديسون، غابوا وعادوا الى تراب قنوبين والى الوراء الى الينابيع والجذور…

وليس لي أمل أو أمنية أو وصية سوى ان تتاح امكانية الوصول الى كل المعالم هذه المهجورة في الوادي المقدس، لتتاح فرصة استعادة الروحانية التي تشكلت في حناياها… بكلمة: لكي تتاح للمؤمنين فرصة اللقاء بالله…

المهندس نعمت افرام، داعم الاصدار، قال: لا يسعني الا الانحناء امام تراث عظيم تشكل لنا من داخل المغاور والكهوف. ان تراث أعطانا هوية فريدة نفتخر بها. وتدعونا الامانة لا الى التمسك با علامة فارقة لقيم الايمان والحرية في عصر تستباح فيه هذه القيم ويهدد أصحابها بالاضمحلال. وان ما كشف لنا هذا الكتاب، بجهد مؤلم شاق قاده الصديق الكاتب جورج عرب، و دعوة لكل مؤمن ليعود الى ذلك العالم المشبع بأنوار الرجاء من مغاور ومحابس وادي القديسين. وفيما أؤكد الالتزام بواجب التعاون الدائم من اجل تعميم هذه الانوار الروحية والثقافية أدعو الجميع الى اكتشاف كنوزها في الوادي المقدس، والى عيشها بشهادة الحياة اليومية.

المطران جوزف نفاع، النائب البطريركي المشرف على رابطة قنوبين، أثنى على أهمية العمل الثقافي الصادر في مسيرة العناية بتراثنا الروحي والوطني، هذه المسيرة التي تضطلع بها، بأمانة ومسؤولية، رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث. وشكر جهود الكاتب الطويلة التي أثمرت هذا الاصدار المميّز وسواه، وحيّا التزام المندس نعمت افرام بشراكة حقيقية فاعلة في انجاح هذه المسيرة، كأن يكمل بذلك التزام المرحوم والده جورج افرام، الذي ترك بصمات جليّة في نطاق حديقة البطاركة وتراث قنوبين. وأكد المطران نفاع ان العمل سيتابع بعناية وتوجيه أبينا البطريرك الكردينال الراعي، لعقد مؤتمر علمي متخصص هو الاول من نوعه حول مغاور الوادي المقدس وسائر معالمه لانجاز الدراسات الاركيولوجية والتاريخية اللازمة.

يشار الى ان النسختين المذهبتين الاولى والثانية من الكتاب ستقدمان الى كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الكردينال الراعي ضمن فعاليات حديقة البطاركة لصيف 2017. ومن ثم يوزع كسائر منشورات رابطة قنوبين، على السفارات الاجنبية وعلى المرجعيات الروحية والزمنية في لبنان وبلدان الانتشار.

اترك رد