ترملتْ ابتسامتها بين شفتَيها، وهي تتأملُ تذمره الذّي طال عن حدهِ، الحادثة التّي وقعتْ لها لم تكنْ هينة، لو مرّت على جبل لتصدعَ على حدّ قولِ أمّها.
نزفُ المكابرة الذّي يجتاحها لا يحدوه حدّ ، وهي تملأُ فنجانَ وجعها منه أكثر منهم، اعتقدت أنّها، برغمِ مَا حصلَ، سيقاسمها رغيف المودة لبقيةِ العمرِ. استفاضَ به شروده حتّى اهتمامه بأطفالهِ تناقصَ. ما حدثَ معها تصدعت له أركان فؤاده. واهتز له حيّهم، وأضحى حديث الأحياء المجاورة…
حتّى مواساة الزميلات لها بالعمـــــــــــلِ غدا مصدر إزعاج وشفقة هكذا أحست… وهي الموظفة المثالية. فكرَ إبراهيم بالخسائرَ التّي اجتاحت مشاعره، من طرفِ الذّين لا مبادئ لهم…. حين وصفتهم سعدية قالت: كانوا ثلاثة وجوههم ملثمة وعيونهم تقدح شرًا، أجسامهم ممتلِئة .
ورابعهم انعدام إنسانيتهم، كانوا يعرفون أنّه يوجد بالبيتِ المال و الذهب… وهي…؟
تزاحمتِ الصورُ و الدموع بعينيها وهي تسردُ لوكيلِ الجمهوريةِ خفايا ما حدثَ معها، ابراهيم واجم يستمعُ، مع مرورِ الأيامِ أصبحَ صمته يضجُ بالآهاتِ الغارقة تارةِ بالتعفف وتارة بالاشمئزازِ، ما استساغ قذارة ما حدث لها، وكأنّها صندوق قديم استعملَ لأغراض منتهية الصلاحية، تصرفاته اوحت لها بذلك…
أمّها لاحظت ما به من تغير توجستْ، بينما جدتها ما فتأت تردد من حين لآخر: “إيه يا بنتي سعدية لا توجدُ من تزوجت في مثل أخلاقِ أخيها أو أبيها غير التي تزوجت عدوها…؟ ” .
سرها المنثور بين أفواه النسوة والجيران ذكتْ جذوته ابنة عمّها وسكرتيرة زوجها في العمل جهينة. هذا الذي أصبح يجد العزاء في ثرثرتها العابرة وكأنّ أوجاعه امتزجت بحضورها…
على فتيل قنديل ضعيف الأمل قررت سعدية ذات ليلة استرجاعه من شروده. قالت: إنّ ما حصل معها نخر كوابيس بذاكرتها المنهكة… سينالون الجزاء وصمتت. بصوت غائر في الشحوب أجابها: أترك لك الأولاد والبيت القديم وتصلك النفقة في وقتها…
بعد أسابيع كانت أخبار ارتباطه بابنة عمّها جهينة وتجهيزه للبيت الذي شيدته سعدية براتبها معه ملء الأسماع.