شعراء وأدباء يوجهون تحية وفاء إلى… روز غريّب شخصية متفردة من جيل الريادة

rose 1نظمت “دار نلسن” و”دار الندوة” ندوة تكريمية بعنوان ” تحية الى روز غريب” الأديبة والناقدة والأستاذة الجامعية سبع سنوات على رحيلها  (1909-2006) في دار الندوة – رأس بيروت، وتحدثت فيها السيدة أنيسة نجار،الروائية إملي نصرالله، الشاعرة هدى النعماني، الد كتورميشال جحا، والباحث محمود شريح وخصّ الشاعر شوقي أبي شقرا الندوة برسالة وجدانية في المناسبة.

أدار الندوة وقدمها سليمان بختي وقال في مستهلها:

لماذا روز غريب؟ لأنها علم من أعلام النهضة وقتطرة عالية يستفيء في ظلها كل غمامة وعابر سبيل وطالب معرفة. ولأن هناك أكثر من ست وخمسين سنة في التعليم الثانوي والجامعي، وأكثر من 75 مؤلفاً في الأدب والنقد وقصص الأطفال. وأكثر من ثلاثين سنة في حقل دراسات المرأة وبينها سبع سنوات رئيسة تحرير لمجلة “الرائدة”. كتبت روز غريب في مجلة “المكشوف” و “الأديب” و “صوت المرأة” و “النهار”. وكتبت أيضاً القصائد والأغاني للأطفال.

أعطت روز غريب عمرها كله ومواهبها للمجتمع، لقضية العلم والتنوير والنهضة والتقدم. تركت الضوء الذي يجعلنا نستدل. وماذا بعد كل هذا  العطاء واللوعة؟ بذمة من كل هذا الدين؟.bakti.j-1pg

بعد سبع سنوات على غيابها لم نفعل شيئاً. أؤمن أن تكريم المبدع بنشر أعماله. ماذا عن كتبها وإنتاجها المفقود ومخطوطاتها ومقالاتها غير الموثقة؟ ماذا بعد ؟ كأن الزمن تريث على الكلام. مجرد صمت مريب مخيف مخجل. لم يطلق أسمها على شارع أو مدرسة أو مكتبة في مسقط رأسها في الدامور (لم يحضر أحد من بلدية  الدامور)، أو في بيروت حيث نجحت وتألقت. لم يطلق أسمها على منحة في الجامعة اللبنانية الأميركية، حيث درست ودرّست، أو على برنامج، أو على محاضرة سنوية، أو على جائزة أو على مقعد أو على شجرة (لم يحضر أحد من الجامعة اللبنانية الاميركية ).

لماذا كل هذا الإحجاف والنكران بحق  العطاء والورد والبنفسج والتواضع والتفاني؟ هذا الكلام برسمنا جميعاً: المؤسسات الثقافية، والمجتمع  المدني، ووزارة الثقافة، وبلدية الدامور، وبلدية بيروت، ودور النشر، تركت لنا روز غريب كل ذلك الحصاد الجميل ورحلت بصمت وخفر، ولم نترك لها حتى الذكرى كأنها من عالم آخر وكأننا من كوكب آخر.

أما انيسة نجار  التي حملت المئة عام على كاهلها لتقول كلمة طيبة بصديقة ورائدة ولتشهد لها: ” عملت روز غريب سنتين معي يوم كنت مديرة ثانوية في مدينة الموصل – العراق، وكانت مثالاً للأدب والتفاني والإخلاص في العمل، والمرجع المتواضع في الملمات. معاً أسسنا الحركة الاجتماعية النسائية. امتلكت روز أدناً موسيقية رائعة وكتبت القصص والاغاني للاطفال، من قلبها، وقامت بتلحينها، ومنها المعروفة التي غناها أطفالنا “كلن عندن سيارات وجدي عندو حمار”. روز غريب قيمة لا تتكرر في عطاء لا حدود له.

وتحدثت الشاعرة هدى النعماني عن روز غريبالأقحوانة الراهبة والمترهبة، المنطوية والمتعددة، الباحثة أبداً عن رمز الجمال في دهشة الأطفال، وفي الجمال القاسي والقصي عند المرأة، وفي الدراسات التربوية والادبية التي جعلت من حياتها الفنية مثال تحد، ومرآة احتذاء كمصدر فخر واعتزاز للبنان. ماذا نقول عنها وفي فكرها كثير من اليمام ينطلق مبتهجاً بخطوط بيانية تحكي ببساطة عن السمو والجلال والرفعة. كتبت كثيراً ورغم مؤلفاتها ودراساتها القيمة دونت في سجلها ملاحظة عظيمة يجب ان تخلد “لا تساوي حياتي ابتسامة طفل”. فأين روز غريب مما يحيط بنا من أخطار اليوم؟ وأين هي أجنحتها لتغمرنا بالدفء وتدفعنا إلى شاطىء الأمان”.rose

وقالت الأديبة إملي نصرالله في كلمتها  في صفات روز غريب “أمانة مطلقة لا تساوم، تواضع إلى حد إنكار الذات، عقل علمي مشع. علاقة مميزة وشخصية متفردة من جيل الريادة. وإلى جانب اهتمامها بالكتابة والتأليف نشطت في العمل الاجتماعي في القرى الريفية النائية. كانت أول امرأة تتصدى للنقد الأدبي. ودراستها عن مي زيادة تعتبر من أهم المراجع الموضوعية في سيرة مي الأديبة. عانت بعد الحرب الشرسة في لبنان فقدان المكان والأمان. خسرت بيتها ومكتبتها ومخطوطات معدة للنشر، وازداد ذهولي حين قالت: “في امكاني إعادة كتابتها”. في كل حياتها وما أعطت بقيت روز غريب المفكرة الموضوعية والباحثة المعتمدة على العقل والتجربة وصفاء الرؤية.

وتناول الباحث محمود شريح مفهوم النقد عند روز غريب المرتكز على مقدرةالحكم المكتسبة بدقة النظر والممارسة. وكيف طبقت هذا النقد على شعر توفيق صايغ وغزل عمر أبو ريشة. وشرح شريح كيف توقفت غريب في أثرها المرجعي “تمهيد في النقد الحديث” عند الأسس الذاتية للنقد ومبدأ اللانهائية الذي أشاعه كانط. وختم شريح: “ترى غريّب أنه كانت الوحدة غالبة في الصنيع الفني، مهما اختلفت أنواعه، فهي ضرورة لازمة في النقد والبحث العلمي. تمهيد روز غريب في النقد مدخل إلى عالم رحب من المعرفة.

ومما قال الدكتور ميشال جحا في كلمته :

“غالباً ما كنت أشاهدها جالسة منطوية على نفسها على مقعد في حرم الجامعة اللبنانية الأميركية، حيث كانت تدرس، في ظل شجرة وارفة الظلال وفي يديها كتاب . مارست التعليم الثانوي والجامعي ومارست التأليف في مواضيع شتى تاريخية وأدبية ونقدية وقصص. ومن أهم كتبها: “في عالم جبران”،  “أضواء على الحركة النسائية المعاصرة”، المعني الكبير”، “النقد الجمالي وأثره على النقد العربي”،  “تمهيد في النقد الحديث”،  “البيان الحديث في علوم البلاغة والعروض”، ” مي زيادة التوهج والأفول”.

لم تكن روز غريب متحمسة للتيارات الحديثة المستجلبة من الغرب أمثال البنيوية والتفكيكية وصرعات الحداثة وما بعد الحداثة، إنها مع الأصالة لأن الأصيل هو الذي يبقى على  الدهر.rose-3.--1jpg

عرفت روز غريب بتواضعها الجم وابتعادها عن الاضواء. وفي سنة 2006 رحلت روز غريب بعد حياة مديدة مثمرة”.

وارسل الشاعر شوقي أبي شقرا  كلمة تحية إلى روز غريب استهلها : “لفضلها المعرفي ولروحها الكبيرة ولانفتاحها الثابت والأكيد على حركات التجدد في الشعر والأدب والثقافة والفنون. إنها روز غريب، عاشت والكلمة والحياة الجديدة والحداثة في النص، وما يمس الإنسان والفتاة المعاصرة والمرأة المعاصرة التي تعلو فوق العادي، وتلقط الثمرة من شجرة المعرفة. كانت المعلمة والأديبة والحارسة، وتحولت ذلك القنديل في مدار التربية والأدب واللبناني عامة، حيث طالما القت الشعاع تلو الشعاع على مبدعيه ومن هم يستحقون. وكانت ناقدة أخذت النقد إلى موضعه من الحلم في ذلك الاسلوب الصافي والنقي. وعمدت إلى التأليف انطلاقاً من الموهبة الذاهبة إلى الأوسع دائماً. وهي كانت وحيدة في عمرها وفي نضجها وجريئة صوب الحق، صوب الجمال ذي الحضور القوي في بالها وفي مدى هذه الفانية. كتبت إلى النشئ، إلى الصغار، فصولاً من القصص في قالب من الجدية ومن المحبة. ولعلها، وهي المتحفظة في الظاهر، وضعت قلبها أفكاراً والوناً خصبة للقارىء، وظلت تلك الصبية حتى وهي عتيه.

واختتمت الندوة بمداخلات من كل من جوليندا أبو النصر وبشارة مرهج والهام كلاب البساط وأمين الباشا.

كلام الصورة

1- غلاف كتاب “الأكواريوم” لروز غريّب

2- سليمان بختي

3- غلاف كتاب  “النملة والبرغوث “لروز غريب

4- غلاف كتاب الأميرة النائمة لروز غريّب

اترك رد