كَمَنْ  تكتُب عن أخيها

خلال حفلة تكريم  جورج طرابلسي وتبدو إلى اليمين د. ناتالي خوري غريب  وهي تقدم درعاً تقديرية للمحتفى به.

كلود أبو شقرا

ذات وقت من أوائل الألفية الثالثة،  قادتني ظروف مهنية إلى “دار الصياد”، تحديداً جريدة “الأنوار” للعمل في القسم الثقافي الذي يشرف عليه الأستاذ جورج طرابلسي .  وأنا في طريقي إلى مبنى الدار لم أكن أعلم أن هذه الطريق بالذات ستقودني إلى ما هو أهم من المهنة والعمل إلى لقاء شقيق.

في بداية عملي معه كنت أدعوه أستاذ جورج احترامًا لشخصيته ولموقعه في الجريدة، فبادرني ذات يوم بالقول: قد تجدين أساتذة كثراً، ولكن لن تجدي شقيقاً، أنا شقيقك وأرجو أن تناديني “خيي جورج”، هكذا كان، ومنذ تلك اللحظة  صارت  عبارة “خيي جورج” تخرج مني بعفوية  وفرح، كلما أردت مخاطبته،  وأُسعد بزيارته في منزله ولقاء حنان زوجته، هذه السيدة الحاضنة عائلتها  بـ “حنان”  فائق…

عندما تركت الجريدة، وفي المراحل العملية التي قطعتها،  بقي “خيي جورج” هو هو،  يسأل عني  باستمرار ويقدّم لي العون والمشورة، إلى أن اقترحت عليه، في إحدى زياراتي له في منزله،  فكرة تأسيس موقع ثقافي باسم THAQAFIAT، فما كان منه إلا أن تبنى الفكرة وراح يعمل معي بحماسة، ولم يوفر وسيلة إلا وسخّرها ليحقق الموقع انتشارًا، وقد تعزز THAQAFIAT، بعدما أسس جورج موقع Aleph-Lam، وإذا بالموقعين يكملان بعضهما البعض، ويكتسبان حضوراً جميلا في الوسط الثقافي اللبناني، ويستقطبان أقلاماً من دول عربية مختلفة… كل ذلك، بفضل العاطفة الأخوية  النبيلة واللامحدودة التي جعلت هذا التعاون بيننا مثمراً.

اللقاء مع جورج  طرابلسي ليس على درب العمل والمهنة فحسب، بل طريقنا واحدة على درب الإيمان. هذا الإيمان بالذات  ينهل منه  جورج قوة على تحمل الصعاب، وتسامحًا، ومحبة واحترامًا للآخر أيا كان هذا الآخر، وحرصاً على كرامته، وكم وكم وكم من أوقات كان يتألم بصمت لأنه لم يستطع تقديم خدمة، بسبب ظروف مهنية أو غيرها، تكون في غالبية الأحيان خارجة عن إرادته.

هذا غيض من فيض من شخصية جورج طرابلسي التي أقل ما يقال عنها إنها تنبض “إنسانية”، في زمن بات البشر مجرد آلات يطحنها الوقت وتسحقها الهموم واللهات وراء  زمن  هارب من حاضر،  تخنقه لغة المال والأعمال،  وتُغتال فيه لغة  الصدق والأصالة والمحبة الصافية…

*****

(*) كلمة واردة في كتاب “جورج طرابلسي في مرآة محبيه حمسون عاماً  في خدمة الكلمة”، لمناسبة تكريمه في الحركة الثقافية أنطليلس مساء الخميس 11 مايو 2017.

اترك رد