إبراهيم أمين مؤمن
(أديب وروائي وشاعر- مصر)
1- أبي ..هل شاهدتَ جنازة آلان الكُردي؟
بني، لا،.. بلْ شاهدتُ بزوغ العار العربي في القبور ومُتكفّن بطُرح النساء (ملحوظة.. الان الكردي طفل سورى مات غريقا).
2- أبي .. لقدْ سمعتُ عن اختلاف الفلاسفة في (علم الوجودات وعلم الماهيّات)
أيهما أشمل وأسبق … أيهما أصيل وأيهما اعتباري..
فهل لديك كلمة الفصل ؟
بني ..لا ماهية لشئ غير موجود ولذلك فالوجود ما بين مجعول و مخلوق قبل الماهية
أما الأشمل فإنّ كل مخلوق ومجعولٍ من الله له ماهية، ولذلك فإنهما الشيء واسمه فاصبحا صنوين متطابقين لا يفترقان .
3- أبي … كيف يُدوّن التاريخ ؟
بني..التاريخ يُخطُّ بأنامل الأقوياء،
والأكثر منه صفحات تحمل عقيدة القوم الذين دوّنوه.
أبي أليس يُدوّن على نقل الأخبار والحقائق !
لا يا بني .. يدوّن كما قلتُ لك.
وآه يا أبي.. أين أجد الحقيقة إِذَن ؟
الحقيقة ابحث عنها فى عقلك.انزع هوى النفس والعصبيّة تجد الحقيقة أمامك.
4- أبي .. ما هو العدم ؟
بني العدم شيء لمْ يُخلق ولمْ يُجعل ولم يكنْ له تصور في داخلك أو في الفضاء الخارجي.
أبي: أليس الموت عدماً ؟
بني: الموت مخلوق . فكيف نسميه عدماً !!
بني كل ما سُمّي فهو موجود .. سواءٌ كانتْ تسميته تسمية مادية أو معنوية.
5- أبي … أين أجد السعادة ؟
بني ..ابحث عنها في المتضادين وأعرضها على قلبك فإذا استراح فاعلم أنّك قدْ ادركتَ السعادة
كيف أبي؟
بني: إبحث عنها عند عمل الخير وابحث عنها عند دفع الشر واعرض ذلك على قلبك. وابحث عنها في الشكر عند الوهب، والصبر عند النزع واعرض ذلك على قلبك .
أبي: أجد السعادة فى مقاومة الشر ونزع النعم !
نعم بني، السعادة فيهما، لأنك إنْ لمْ تقاوم الشر طالك، ومقاومته فيها الظفر، وإنْ لمْ تصبر عند النزع فرُغ قلبكَ وما رُبط.
6- أبي .. ما هي الموهبة ؟
بني .. الموهبة هي ذاك العلم المرتكز في النفوس بلا تحصيل أيّ علمٍ من العلوم .
أبتِ ..هل تستطيع الموهبة أنْ تُؤسس علماً ؟
نعم يا بني،الموهبة علمٌ لا نهائي مِنْ جِنسها.
أبي .. ألمْ يدرُس صاحب الموهبة علوم جنسها؟
يدرُس يا بني يدرس..لكن موهبة هذه العلوم مرتكزة مسبقاً فيه،
ويستطيع ان يبتكرْ ويُضف بل ويُؤسس علماً زائداً على هذا العلم .
7- أبي .. هل سمعتَ عن الحربين العالميتين الأولى والثانية ؟
بني … رأيتُ أُناساً حمقى .. يسعون إلى البقاء بتقديم أرواحهم للفناء .
أبتِ . أليس أحدهما على حق والآخر على باطل ؟
بني ليس في متاع الدنيا باطل وحق إذا كانت الأرواح ثمناً لفصل النزاع .
أبي : ربما أراد قتلى !
بني :لا تبسط يدك لقتله .
8 – أبي ..أليسَ هناك أُناس يعملون الشرَّ ويحسبون أنّهم يعملون الخير؟
نعم يا بني ….هو كذلك .. ولكنهم في النار.
أبي .. ألسنا محاسبين على ما اعتنقنا من عقائد ؟
نعم يا بني ..
إذَن أبتِ … فلِمَ يدخلون النار ؟
بني .. ضلوا فأضلهم الله وسخط عليهم فرأوْا المنكر معروفاً والمعروف منكراً وانعكستْ عندهم المفاهيم التكليفية.
أبتِ .. ألمْ يعلموا أنهم يفعلون الضلالة ؟
بني ..كانوا يعلمون وآلان أمسوا لا يعلمون .. فهم في عمى وغِشاوة .
بني لما حصدوا الدنيا بالشرِّ ظنوه خيراً ، فذاك هو العمه وتلك هى الغشاوة.
9- أبي: ما أشرّ صاعقة تحل بالمنافق ؟
بني : أشر الصواعق آيات القرآن تنزل على المنافق .
فهو شقاء لهم وشفاء للمؤمنين .
10-أبي .. متى نصل لكمال الإيمان ؟
ولدي .. نصل لكمال الإيمان إذا وصلنا لكمال الرضا .
غريب أبتِ .. ألمْ نصل لكمال الإيمان إذا وصلنا لكمال،
..الحب .. او الزهد .. او بذل النفس ..او العبودية .. او ……..؟
بني .. لا على كل ما ذكرتَ ..
فليس بالضرورة أنّ كل هذه المسميات تقترن بالرضا
الرضا يا بني أعلى مراتب الإيمان وأكملها .
11 – أبي : ما هو الإنسان ؟
بني :جوهر الإنسان و ماهيته كلها هو قلبه .
أبتِ : ألمْ يكن الإنسان هو ذاك المخلوق الثديي المفكر .
نعم بني، ولكنْ قيمته فى قلبه وبقاؤه مِن قلبه وفناؤه مِن قلبه،
أبي : أليست الروح هي بقاء الإنسان وفنائه.
نعم بني ..ولكنها لا تُميز بين مخلوق ومخلوق آخر،فروح الإنسان والحيوان واحدة ،
والروح حياة الانسان ، فإذا نُزعتْ تُوفي الإنسان،
فنزعها يُميت البدن ويظل القلب رقيبا على كل الأعضاء التى تهلك إلاَ أنْ يأتي دوره فتُنزع منه الروح .
بني : الروح شئ خفى إذا حلّتْ بشيء جعلتْ له وجودا، وهذا الوجود يُنعّم أو يُعذّب بسبب بقاء الروح فيه.
أبي .. ما أدراك أن القلب آخر ما تُنزع منه الروح ؟
بني هو الرقيب ومَحِل نظر الله في الحساب فلا بد أن يبقى ليشاهد بدنه الذي كان يأمره بالطاعة أو المعصية،
ويري ما قدمتْ يداه قبل نزع روحه.
أبي :ألمْ يؤتَ الإنسان يوم البعث بقلبه وبدنه؟
بني: أى بدن؟ بدن الطفولة أم الصبا أم المراهقة أم الهرم أم الشيخوخة أم بدنه الذي فارقتْ الروح منه.
ودار مُقامه في الخلد بأي بدن؟
بني: القلب هو الثابت الذي لا يتغير، لذلك فهو الانسان، هو ماهيته.
أبي : ألمْ تكنْ الروح في البدن كما هي في القلب ملك البدن؟
بني: تخرج الروح أولا من أطراف أصابع القدم حتى تموت قدماه فلا يتحرك ثم يتوالى النزع حتى يصل إلى القلب وهوآخر ما تُنزع منه الروح.
أبي: ألمْ يَمُتْ الإنسان في نومه؟
بني : وهل النائم قلبه يتنفس باستمرار أم لا يتنفس !
يتنفس ..
إذن فهو لم يمتْ وهو نائم .
أما الغلط الذي وقع فيه العلماء على إثر الآية القرآنية بأن الله يتوفى الانفس فى منامها فهو تأويل خاطئ.
والصواب أنه يتوفاها عن التكليف فليس للنائم تكليف،وأما الأحلام والرؤى فهي عوالم غيبية يراها الإنسان بروحه النائم بها ..
الانسان يا ولدي له حياتان، حياة المستيقظ وحياة النائم ولكلٍ منها طبيعتها الخاصة بها .
(3- 5 -2017)