مارون عبود كبير من لبنان…

 

أقام المعهد الانطوني ندوة بعنوان “مارون عبود كبير من لبنان” بالتعاون مع جمعية أصدقاء المعهد في قاعة الاب المدبر يوسف الشدياق في بعبدا، مساء اليوم، بحضور وزير الثقافة غطاس خوري، رئيس دير مار انطونيوس والمعهد الانطوني الاب المدبر، جورج صدقة، ومدير المعهد غسان نصر ورؤساء بلديات وعدد من عائلة آل عبود وأساتذة وتلامذة المعهد.

صدقة

بدأت الندوة بنشيد الوطني اللبناني فكلمة ترحيبية للاب المدبر جورج صدقة قال فيها:” يشرفنا في المعهد الانطوني أن نقيم حفل تكريم للاديب مارون عبود لكي نضيفه الى سلسلة الكبار الذين نكرمهم في معهدنا كل سنة ونلقي الأضواء عليهم لأنهم ارث عظيم لنا”.

وتحدث عن أدبه وكتبه وعدد مزاياه وتطرق لاسلوبه النقدي والادبي في قصصه وكتبه وتراجمه، واصفا مارون عبود بأنه مدرسة واقعية. وتناول علاقته برجال الدين في تلك الحقبة ونقده لهم.

ثم تم عرض فيلم وثائقي من تنفيذ تلامذة من القسم الثانوي تناول سيرة حياته بعنوان “عين كفاع” مسقط رأسه وهي بلدة في قضاء جبيل.

الوزير غطاس خوري

سكاف

وتحدث الدكتور أسعد سكاف عن ريادة مارون عبود في النقد التطبيقي، مشيرا الى انه سلك هذا المضمار وجلى به وكان مصاحبه وتطرق الى واقعيته وعلاقته بجده الخوري حنا عبود وعن اسلوبه النقدي لكبار الادباء العرب في ذاك الوقت.

وألقت التلميذة يارا سلوم قصيدة من قصائده “اننا بنينا للعروبة معقلا”.

نخول

فكلمة الدكتور ايليا نخول تحدث فيها عن الدين في فكر مارون عبود وقال “لا يمكن أن نفصل شخصيته عن أدبه فقد استعمل الدين وثقافته المسيحية في خدمة الادب ونبذ التعصب الديني والمتاجرة بالدين لتحقيق غايات خاصة وأراد بتسمية ابنه محمد أن يكون مثلا صالحا لكل لبناني حتى اذا عاش الجميع من مسيحي ومسلم معا استطاعوا أن يعيشوا اخوة في الوطن فكان منفتحا على كل الاديان وأعتقد برسالة النبي محمد وقدس شخصيته وأخلاقه الفاضلة ونبذ التعصب الطائفي وكان يقول الطائفية نار ونور نار في المجتمع ونور في الكنيسة والجامع والدين هو ايمان وعمل.”

ثم كان عرض ممسرح من تنفيذ تلامذة القسم الثانوي.

الوزير خوري

وقال وزير الثقافة غطاس خوري:”كم أشعر باعتزاز حين أكون في صرح تربوي كبير، محاطا بأساتذة الفكر والأدب، وطلابهم الواعدين.

وكم أشعر بالفخر حين أسمع أنه من التربية التي تبني عقد “أيام للاحتفال بصاحب قلم”.

وها أنتم في المعهد الأنطوني تحتفلون بيوم الأديب مارون عبود، فلكم أطيب التحيات والتمنيات والتشجيع …نعم ، هكذا تكون التربية وهكذا تكون المعرفة.

وتحتفلون بمارون عبود؟

طبعا، لأنكم قرأتم أن مارون عبود كان واسع الثقافة، يعرضها بقلم بارع في موضوعية وطرافة، ثقافته هي ابنة الأرض، ابنة القرية، أولا، قبل أن يسقيها من كتب الخالدين وروائعهم، من الشرق والغرب، في أبعاد متجددة.

لكن مارون عبود، المعلم والأديب والصحافي والقاص … بقي، رغم ثقافته وتجربته الطويلة، أديب الشعب، فلطالما استقبل الطلاب والموهوبين، كما استقبل الصحافيين والنقاد.. نعم كان مارون عبود محجة لكل صاحب فكر وقلم. وهو لم يخف من مواجهة أو نقد.. همه الحقيقة كما يفهمها، لذلك دخل قلوب الناس قبل عقولهم.

انطلق مارون عبود من القرية وأمثالها، حيث “الحركة فيها بركة”، كما كتب في مقدمة كتابه الشعر العامي، إلى أقاصيص تربوية موجهة، موضوعة أو مترجمة بعناية، ودائما مختارة لتبني، فالأعلام الذين كتب فيهم ( الريحاني والشدياق والمعري والهمذاني…) قصد من سيرهم إثارة القدوة في رؤية تربوية، ولم يقصر في سياق آخر، حين كتب عن المجددين والمجترين والجدد والقدماء في “نقدات عابر” ودائما “على المحك”.

المثقف الكبير هذا، والنقاد الجريء هو ما علينا أن نتدارس أدبه، ونتأمل في رؤاه، كما في موضوعاته ولغته.. لنكون أجيالا “مثقفة” أولا، وفخورة بأعلام أدبها من اللبنانيين الخالدين ثانيا، فندفع بهم إلى طلب المزيد والمزيد من المعرفة، تلك المعرفة، غير الترفية، بل المعرفة المؤدية إلى تنمية فكر ناقد، وسلوك راق، ولغة جميلة، وأبعاد وطنية وإنسانية، سترتد حتما عليهم حياة هانئة، وتوازنا سويا، وإبداعا في العمل المنتج.

والى الحفيد الصديق وليد عبود اقول: “ليس سهلا ان يكون جدك مارون عبود فعليك مهمة جادة للحفاظ على ارثه الرائع والسعي الى انتشاره وخصوصا في اوساط الشباب ليتعلموا ويتثقفوا وبنفس الوقت ليفتخروا بكبير من لبنان.

بوركت الأيدي التي تزرع، وبوركت الأيدي التي تستعد للقطاف، وبوركت الصروح التربوية الوطنية الفاعلة، مثل المعهد الأنطوني، في رؤيته وإدارته ومعلميه.

عشتم، عاش الابداع في وطن الإبداع، عاش لبنان.

وليد عبود

عبود

وفي الختام كانت كلمة حفيد مارون عبود الزميل وليد عبود تناول فيها اشكالية الواقع الاجتماعي ومارون عبود وقال:” أن مارون عبود اذا خير بين حضارة الغرب وحضارة الشرق لما احتار أو تردد فهو يختار لبنان اشكالية تنبع من اشكالية الواقع اللبناني من زمن المتصرفية الى اليوم .مارون الانسان عاش هذا المأزق بكليته واختار أن يحاربه لا ان يهرب. عاش ماسي الحرب العالمية الاولى والمجاعة التي ضربت لبنان في ذاك الزمن ظل يحمل في وجدانه شذرات من هذه الحرب السوداء وشهد ولادة لبنان الكبير وصعوبات الحرب العالمية الثانية وفرح بالاستقلال معتقدا أن الميثاق الوطني سيتحقق ولم يعرف انه سيبقى حيرا على ورق. كتب الكثير ممجدا الاستقلال وميثاقه معتقدا ان هذا الاستقلال سيصمد لكنه اكتشف ان بعض ما تمناه ظل حلم ليلة من ليالي الخريف فاطوائف ظلت جاليات لها مقر اقامة وقرارها في معظمه من الخارج.

في هذه المعطيات اشكالية أدب مارون عبود على الصعيد السياسي والوطني والقومي هذا الادب الذي كتبه يطرح أكثر من سؤال على قارئه هل كان مصيبا عندما امن بلبنان الكبير؟ هل كان مصيبا عندما ناضل الانتداب؟ وعندما سمى ابنه محمد وهل كان مصيبا عندما راهن على العروبة الحضرية الذين استقال منها الكثير من أهلها اليوم ؟ وهل كان مصيبا بهذا الحب المجنون الى الكيان اللبناني؟”

وتابع:”لبنان الكيان والدولة والجمهورية راعيتان مشروع لم يتحقق بعده بناء في طور التحقق كل يوم قد يكتمل وقد لا سيبقى المؤمنون بلبنان في نضال مستميت وكتاباته شاهدا على حقبة حية”.

ثم توزيع الجوائز على الفائزين بمسابقة مارون عبود التي أقامها المعهد.

اترك رد