قَلْــبُ الْحُـبِّ الْعَميــقْ..!

نَدى نعمه بجّاني

(شاعرة-لبنان)

في حَضْرَةِ العيدِ، نورُ عَيْنَيْها، وَضَوْعُ الزَّنْبَقِ،

وَقَلْبُ الْحُبِّ العَميقِ خافِقٌ في صَدْرِها،

وَحَضارَةُ التَّحْنانِ ماضِيَةٌ، في نَفْسِها،

وَالحُلْوُ كِيانُها طَواهُ العُمْرُ،

فَما اسْتَراحَ، وَلا اعْتَراهُ الضَّجَرُ.

***

إِنْ ذَكَرْتُها أُمّي،

مَدَحَني شُعورٌ مَدى الأَفْلاكِ وَالنُّجُمِ،

وَإِذا جِئْتُ فُؤادَها، أَشْبَعْتُ روحي،

وَحَمَلْتُ مِنْ أَنْفاسِها دُرَّ الكَوْثَرِ،

إِنّي وَزَمَنُ الصِّغَرِ يَلِجُ داخِلي، ما زِلْتُ لا أَدْري؛

إِلى أَيَّةِ مَنارَةٍ فِكْرُها يَنْتَمي؟،

وَأَبْلَغُ ما فيهِ رَجاحَةٌ عَلِقَتْ في دَمي.

أَيَّ جَوْهَرٍ أَلْبَسْتَها يا رَبّي؟،

غَداةَ حُنُوٍّ.. تَجَلّى في مُحَيّاها العَذْبِ،

وَإِذا بَهاءً ما أُبْصِرُ.

هَذا العِناقُ، أَلْهَبَ الحَنينَ في الصَّمَمِ،

وَمَتى كَفُّها فَوْقَ خَدّي تَرْتَمي..

تَزولُ الصُّروفُ، وَيَبْتَسِمُ القَدَرُ.

***

فَانْهَلْ مِنَ الحُنُوِّ أَنْهارًا يا قَلْبي..!

وَالْقَ مِنَ الحُبِّ ما يَسْمو عَنِ الحُبِّ..!

وَيا أَيُّها العُمْرُ تَمَهَّلْ.. وَلا تَسِرْ بِمَنْبِتِ مُهْجَتي،

دَعْني أُحاوِرْ قَلْبَ أُمّي، فَلا عَجَبَ.. مِنْ قَلْبٍ يُحاوِرُ..

فَقَلْبُ أُمّي.. نَغَمٌ يَتَرَخَّمُ فَوْقَ مَبْسَمي،

وَهْيَ القَصيدةُ الخَضْراءُ، مُضَمَّخَةٌ.. بِالشِّيَمِ،

وَفي صَفْوِها.. وَفي عَفْوِها..

تَدورُ العُصورُ في عَيْنِ الزَّمانِ المُفْعَمِ..

هِيَ الّتي، بِمِسْبَحَتِها يَطيبُ الدُّعاءْ..!

وَبِحَرارَةِ صَلاتِها، أَسْتَلْهِمُ عُذوبَةَ الصَّلاةْ..!

هِيَ إِنْجيلُ هذا القَلْبِ.. وَقُرْآنُهُ..

مُقيمَةٌ، فَوْقَ العُروشِ وَالمَقاماتْ.

***

قَدْ شاخَ العُمْرُ يا أُمّي، وَما شاخَ الْحُبُّ الَّذي هُوَ أَنْتِ..

فَأَنْتِ القُبْلَةُ البَيْضاءُ فَوْقَ جَبْهَتي،

وَأَنا في شَوْقي، أَبْحَثُ عَنْكِ، في مَواكِبِ الصَّفِيّاتْ،

وَفَوْقَ وِسادَتي، يُعودُني طَيْفُكِ، وَسْطَ شَريطِ الذِّكْرَياتْ..

يا مَنْ حَمَلْتِهِ قَلْبي أَوْرَثْتِني الصَّبْرَ الجَميلَ،

وَعَلَّمْتِني فُنونَ الأُمومَةِ، عَلى طَريقَةِ الفاضِلاتْ..

عَلَّمْتِني أَنَّ تاجَ المَرْأَةِ مُرَصَّعٌ بِرِفْعَةِ الصِّفاتْ…

***

قَدْ تَنْتَزِعُ الأَرْضُ بَعْضًا مِنْ قُلوبِنا يَوْمًا.. قَدْ نَتَباعَدُ..

قَدْ تَحْرِقُ الشَّمْسُ أَصابِعَنا، وَتَغيبُ إِلى زَوالْ..

قَدْ يَخونُ الخَلْقُ، وَيَشِحُّ الحُبُّ، وَتَضيعُ الصُّوَرُ..

لكِنَّ يَنْبوعَ حُبِّكِ عَجيبٌ، لا يَنْضُبُ..

فَهْوَ مِثْلَ انْسِكابِ الضَّوْءِ.. مُقْبِلٌ مِنَ السَّمَواتْ.

***

فَطوبى لِلَّذي أَتى مِنْ رَحِمِ أُمٍّ أَزْهَرْ..!

وَطوبى لِمَنْ سَهِرَتْ عَيْناها عَلى مَذْبَحِ التَّضْحِياتْ،

فَما هذِهِ الدُّنْيا.. سِوى قَلْبِ أُمٍّ.. يَسْتَحِقُّ الحَياةَ،

مَنْ عاشَ فيها، بَحَثَ في الواقِعِ.. عَنْ قَلْبِ أُمِّهِ مَدى الحَياةْ..

(18 . 3 . 2017)

*****

(*) مِن ديوان ” في هَيْكَلِ الشَّوْقِ”

(*) أُلْقِيَتْ خلالَ لقاء دعت إليه مؤسّسة “الأمان الأهلية” احتفالاً بعيد الأمهات

 

اترك رد