كل ما تسألونه بالصلاة تنالونه

بقلم: المونسينيور كميل مبارك

p-camille-moubarak-2-1بالأمس القريب أقلقت تصريحات بعض قادة العالم قلوب الكثيرين من أبناء الشرق الأوسط، وتبادر إلى ذهن هؤلاء أن حربًا فتاكة ستنشب في سمائهم وعلى أرضهم وبين شوارعهم وفوق سطوح منازلهم، فاحتاروا كيف يستقبلون الأخبار المشؤومة.

انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض ومتسائل عن جدوى ما يروّج له من تدخّل عسكري فاعل، وعن الخسائر التي يمكن  أن تقع على الصعيدين البشري والمادي، وعن الذيول الخطيرة التي ستتركها هذه المعارك العنيفة إذا حصلت، وإلى ما هنالك من أمور شغلت الإعلام والأحاديث والصبحيات والأمسيات، ولم يبقَ صغير ولا كبير، إلا وكانت مسألة اندلاع الحرب في باله وعلى لسانه.

 في خضمّ هذه التجاذبات الفكريّة والكلامية والميدانية، طالعنا قداسة الحبر الأعظم بنداء يدعو جميع المؤمنين في العالم كله، وجميع أصحاب الإرادات الطيّبة والنّوايا الحسنة من جميع الديانات، إلى الصلاة والتأمّل والسجود والتسليم إلى العناية الإلهيّة، طالبين إلى الله أن يزرع السلام في القلوب والعقول ومنها إلى الأرض المهددة بالخراب والناس المهددين بالموت والتشرّد والذلّ وامتهان الكرامة، علّهم بنعمة غزيرة من إله السلام  يعملون من أجل خير الناس ورفع القهر عنهم وإبعاد شبح الحرب والموت والدمار عن مدنهم وبيوتهم وعيونهم.pape

 دعوة قداسة البابا هذه شعلة رجاء في عالم لفّه ظلام الكراهيّة، ومِهمازٌ حي يوقظ الضّمائر الراقدة في ثُباتِ الحقد، ونورٌ يسطعُ في عتمة العقول الغارقة في غياهب الجهل والتخلّف والانغلاق، ونسمة روح تحيي الأخوّة التي غلبت نعرات الشقاق وخنقتها عُقدُ النّفاق، وكل ذلك لتعود للإنسان إنسانيته فيدرك أن الله زّينه بالعقل والنطق والحكمة والرّفق، لكي يتمكّن من فتح جميع طرق التفاهم بعيدًا عن العنف والاقتتال.

 ونحن الذين شاركنا بالصلاة ملبّين نداء قداسة الحبر الأعظم، أترانا آمنّا أن فعلتنا هذه ستلقى عند أبواب السماء صدى؟ وأن صلاتنا ستستجاب رحمة بالعباد وعطفًا على الأبرياء وسندًا للضعفاء، ويقظة لضمائر الأقوياء وإلهامًا لحكّام العالم، كي يجدوا الطريق إلى ما يبني السلام ويزرع الوئام؟

 نعم آمنا وكان ما كان، وأبعدت صلاة الناس  قباحة المشهد الآتي، ولطّفت قساوة الكلام، وجعلت الحلول الهادئة ترتسم هنا وهناك، وعادت السلطة العالمية الموكلة إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة إلى دورها الفاعل في صنع السلام والسهر على أمن الناس النفسي والجسدي، فابتعدت صورة الحرب الوشيكة وحلّت المفاوضات محل المقاتِلات، وعادت إلى وجوه الناس بعض ابتسامات كانوا قد استبدلوا بها الوجوم.

 أجل آمنا لذلك صلّينا وفعلت الصلاة ما كان مرجوًا أن تفعل، وهذا ما أريد أن أقتنع به، ومن قال إن زمن العجائب قد ولّى؟

كلام الصورة

البابا فرنسيس يصلي من أجل سوريا

اترك رد