إيلي مارون خليل (2)

إيلي مارون خليل

(أديب وشاعر وقاص وروائي- لبنان)

وتتساءل… لا تستطيع إلّا أن تتساءل باحتراق أعصاب، وحرقة قلب، ولهفة نبضة: “ماذا يحصُلُ!؟ لماذا!؟ هل…!؟” وتمتنع عن أن تُعلِن تساؤلك! لا جُبْنًا، ولستَ، على حنانك ولطفك ورقّتك، بجبان؛ بل حزنًا يكاد يكون نَعْيًا يأسًا مُقفَلًا بوجه كلّ رجاء!

ويعود تساؤلُك إليك، حِرّيفًا، ناحرًا، يُدمي نفسَك والرّوح. تغور كآباتُك فيك، يشتعل كِيانُك، كِيانُك كلُّه، ينبضُ، كلُّهُ، كأنّه قلبٌ ذبيحٌ!

ماذا يحدث!؟

تعرفُ، أنت! لكنّك ترغب ترفض. تعرف، أنت، تمامًا، تعرفُ، وكلّيًّا، أنّ “الحبيب” منكَ، بعيدًا، نأى. لغير سبب تحدث الأمور!؟ هذا ما يؤذيك أكثر من كثيرًا. لا لسبب. فأنت لم تتبدّلْ. أبدًا! لم تتبدّل. بلى! لقد تبدّلْتَ! لقد تعمّق، فيك، حبُّك إلى أبعد، أعمق، أغنى، أقوى! تعرف، أنتَ، أنّ حبَّك العجائبيَّ، كلّ يومٍ أكثر… لا إلى حدود، مهما بعُدَتْ؛ ولا إلى آفاق، مهما تناءَتْ! هو الحُبُّ النّعمةُ القيمةُ النِّعَمُ القِيَمُ… الحُبُّ الخلاصُ!

ويعنُف، عاصِفًا، فيك، كلِّك، تَساؤلُك الّلاهِفُ: “لماذا يحصُل هذا التَّبَدُّلُ الباردُ، التَّقلُّبُ البلا قلب!” فـ”حبيبُك”، وأنتما في جماعة، لا ترنو إليك عيناهُ، فلا نظرة، ولا غمزة!؟ ولا يُدير إليك وجهًا، فلا ابتسامةٌ، ولا وعدٌ بابتسامة! ولا يشفع له إصغاءٌ إليك، فهو لا يُرسِل إليك كلمةً، ولا يُرهِف إنصاتًا! ولا… حتّى   لَتشعرَ بالغربة الباردةِ كالثّلج تفصلُكما، “الحبيبُ” عن “الحبيب”. وتذوبُ، أنتَ، جسدًا ونفسًا وروحًا! تتلاشى نهائيًّا كأنْ لم تكنْ!

وتُنكَأُ الجراحُ، جِراحُك، فتعجز عن أن تُطفئَ النّارَ المُستعِرةَ فيك، في كلّ ذرّة من ذرّات كِيانِك، فتهبّ إلى مِهتافك، ثمّ تتلكّأ، قد يكون مراقَبًا حقًّا! فتعود تتلكّأ، حقًّا قد يكون مُراقَبًا! فلا ترغب في إحراج “الحبيب”. يعنف، له، حبُّك، أكثر. يعصف أبعد أعماقًا.  تُجَنّ! تعجز عن أن تمتنع عن مِهتافك المُتَحَفِّزِ دومًا. تتناولُه بلهفةٍ/جُنون، بشَغَفٍ لا يُحتمَل. تضغط على الأرقام الأحَبِّ. ثمّ، بأسرعَ من الضّوء، تُلغي طلَبَكَ الأرقامَ الهاجعةَ، العاصفةَ فيك؛ المُفَلِّعة شَرايينَك! ولا ترتاحُ، أبدًا.

وتعود تنظر إلى مِهتافك. تحسّ مناداته إيّاك. تتناولُه باهتِياج. تفتح. ترى أنّـ(ـهُـ) يتحدّث إلى… أحدهم! تقول: لن أُفسِدَ عليه الّلحظة! ولا تخطّ كلمة، احترامًا لخصوصيّة. على افتراض أنّ الخطَّ، حقًّا حقًّا، مُراقَب!  

وتعود بعد زمن. لا يزال يكلّمُ أحدَهم. تكتبُ، احترامًا:” حين تُنهي، أكون لا أزال أنتظرُك!” ولا يُجيبُك! كأنّك بعيدٌ من فكرِه، قلبِه، خيالِه. أو كأنْ لم تكنْ في أيِّها، ذات نهار! فماذا عليك!؟ أن تُصدّق!؟ ألّا تصدّق!؟ تَحار. وتحترم صمتَه. وإنْ كِيانُك، كلُّه، مُشتعِلٌ لا يُطفَأ! ولا يُرَمَّد!

وتدخل، أنتَ، بعد هنيهات، صفحةَ (الفايس بوك). ترى أنّ “الحبيب” يحادث أحدًا. تحترق! يلتهب، فيك، الشّكّ. وتكون معذورًا في شكّك! ويتضاعف الحريق فيك. لا يُطفَأُ! ولا يُرَمَّد!

ووحيدًا تسهر في مكتبك. تفكّر فيه. تحلُم فيه. تتخيَّل ما هو فاعلٌ. بمَن يهجس. بمَن يفكّر. بمَن يحلم. لمَن يكتب.

وتقفز إلى ما لا ترغب فيه: ألمُحاسَبة! فمنذ ذاك الاثنين/البَوح، وكان عيد مولدك، حتّى الّلحظة الّتي أنت فيها، لم يكتب إليك “الحبيبُ”، ولا فيك، مقالة، ولا قصيدة! تجد أنّ الأمر عجيبٌ غريبٌ! أيُعقَلُ!؟ وكان وَعَدَ برباعيّات… فلم يكتب ولا واحدة!

ويَثنعشر الّليل منذ ساعة… يُنادى عليك، عليك أن تنهض… فتفعل، تأوي إلى الفِراش، ولا تغفو!

أتستطيعُ أن…!؟  

(ألاثنين 13 حزيران 2016)

اترك رد