ناجي نعمان يكرَّم جوزف أبو نهرا نقابيًّا وأكاديميًّا ومؤرِّخًا وزميلاً

إستقبل الأديب ناجي نعمان، في مؤسَّسته الثَّقافيَّة، وفي إطار الموسم التَّاسع لصالونه الأدبيِّ الثقافيّ (2016-2017)، المؤرِّخَ الدُّكتور جوزيف أبو نهرا، ضيفًا مُكَرَّمًا في “لقاء الأربعاء” الثَّاني والخمسين.

نعمان

بعد النَّشيد الوطنيّ، ترحيبٌ من نعمان، وافتتاحٌ جاءَ فيه: “نحنُ في حَضرةِ التَّاريخِ والتَّأريخ؛ والتَّاريخُ بَحرٌ، مَن حاول الغَوصَ فيه، أو حتَّى مُخورَه، لا مَندوحَةَ له أنْ يَفشَلَ إنْ لَم يَتَمَتَّعْ بالمَنطِقِ والحِياديَّةِ والمَنهَجِيَّةِ وطولِ الأَناة. نحن في حَضرةِ التَّاريخِ والتَّأريخ، في حَضرةِ أكاديميٍّ تَخرَّجَ على يدَيه كَثيرون، أنا واحدٌ منهم، وخرجَتْ مِن يراعته أبحاثٌ وكُتُب، في حَضرةِ صديقٍ طَيِّبِ العِشْرَة، يَملأُ الأرجاءَ طيبًا أينَما حَلَّ وكُلَّما. نحن، بكلمةٍ، في حَضرةِ الدُّكتور جوزيف أبو نُهرا”.

رعد

وشرحَ الشَّاعر أنطوان رعد جوانبَ من نشاط أبي نهرا النِّقابي، وكيف أنَّه شارك في صياغة مقترحاتٍ منذ العام 1975 تُطالبُ بالأخذ بالنِّسبيَّة في انتخابات نقابة المعلِّمين في المحافظات الخمس، وكيف أنَّ المذكورَ نالَ، مع كوكبة من رفاقه النِّقابيِّين، وسامَ الصَّرف الكَيفيِّ “من رتبة فارس” تقديرًا لكفاءته العالية في التَّدريس، ولإخلاصه في العمل النِّقابيّ، ولكونه عَصِيًّا على التَّدجين. وأنهى رعد في أبي نهرا الصَّديق: “الصديقُ كنزٌ ونعمة، وقد حَباني الله من كنوز الأصدقاء ونِعَمهم فوق ما أنا أستحقّ. ويا صديقي جوزيف أنت زهرةٌ نادرةٌ لأنَّ عطرَها يُشَمُّ بالقلب، وهو بكلِّ تأكيد لا يتبدَّدُ مع الرِّيح”.

جابر

وجاء في كلمة الدُّكتور منذر محمود جابر حول أبي نهرا المؤرِّخ: “أبو نهرا مؤرِّخٌ متأهِّبٌ دائمًا للبحث، وبتوجيهٍ من غريزته التَّاريخيَّة. وهو يأخذُ على مؤرِّخين أنَّهم أخذوا تاريخَهم على حين غرَّة، أو على حين مصلحة في طائفة أو منطقة أو سلطة، لأنَّهم لم يسألوا في مداولاتهم التَّاريخ عن المصادر، وإنَّما استرسلوا في قراءة هذا التَّاريخ من أيديولوجيَّةٍ في الطَّائفة أو المنطقة أو السُّلطة”.

خليفة

وأمَّا الدُّكتور عصام خليفة فتكلَّم على أبي نهرا الرَّفيق في الرِّحلات العِلميَّة، ولاسيَّما في إطار الجمعيَّة العربيَّة للدِّراسات العثمانيَّة، وكيف كان للاثنَين دورٌ في تأسيس الجمعيَّة اللبنانيَّة للدِّراسات العثمانيَّة. كما تكلَّمَ على أبي نهرا الزَّميل الأكاديميّ، وكيف أنَّه يتحلَّى بالإنصاف والنَّزاهة، ولا تخرجُ أطروحةٌ من تحت يدَيه إلاَّ مُتَمِّمَةً كلَّ الشُّروط الأكاديميَّة العالية؛ وكيف، عندما كان رئيسَ قسم التَّاريخ بالجامعة اللُّبنانيَّة، لم يَكُن ليتهاونَ مع الزُّملاء، مع استِخدامه اللّطفَ ودماثةَ الأخلاق، وكيف كان يُشاركُ في الاجتماعات، ويُبدي الرَّأيَ السَّديد، ويمدُّ المعاركَ النِّقابيَّةَ بجهده وثقافته القانونيَّة.

أبو نهرا

وتمحورت كلمة جوزيف أبو نهرا حول موضوعين اثنين:

  • أزمة الثَّقافة العربيَّة، فوجدَ أنَّ من مظاهر القصور الثقافي العربي الخلطُ بين الثقافة والمعرفة، لأنَّ المثقَّفَ هو من يقاربُ أنواع المعارف بعقلٍ منفتحٍ وفكرٍٍ نقديّ، مُشيرًا إلى أنَّ التَّقهقرَ الثَّقافيَّ الحاليَّ ليس أقلَّ خطرًا من التَّدمير والقتل. ومن مظاهر القصور أيضًا الفصلُ بين العلم والثقافة، فنستَوردُ من الغرب ونرفضُ ثقافته.

  • ثغرات الذَّاكرة التَّاريخيَّة اللُّبنانيَّة، ومنها توجيهُ التَّاريخ لمصلحة طائفة أو فئة؛ تشويه مفهوم استقلال لبنان؛ والتَّركيزُ على تاريخ جبل لبنان وإهمال تاريخ المناطق؛ وتجاهلُ تاريخ التفاعل بين مختلف الطَّوائف؛ وتشويهُ الحقائق لتَلميع الصُّورة؛ والتَّركيزُ على أسباب النِّزاعات الطَّائفيَّة وإهمالُ حساب الكلفة والرّبح.

وأنهى: “لو تأمَّلنا في تاريخنا للإفادة من عِبَره لوجدنا أنْ لا ضمانةَ للبنانَ إلاَّ بالشَّعب اللُّبنانيّ، ولا ضمانةَ للُّبنانيِّ إلاَّ اللُّبنانيُّ الآخَر. كلُّ استِقواءٍ بالخارج غيرُ ثابت، وكلُّ حلٍّ لمشاكل الدَّاخل مُستَوردٍ من الخارج غيرُ مضمون النَّتائج، ويعودُ في النِّهاية لمصلحة مُهندسيه على حساب طالِبيه، فآكلُ السُّمِّ يبلى، وليس طابخه!”

شهادة وكتب مجانية

وبعد أبياتٍ زجليَّةٍ من الشَّاعر الياس خليل، سلَّم نعمان ضيفه شهادة التكريم، وانتقل الجميع إلى نخب المناسبة،وإلى توزيع مجاني لآخر إصدارات مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجان ودار نعمان للثقافة، بالإضافة إلى كتاب “الإكليروس والملكيَّة والسُّلطة” لأبي نهرا، وكتبٍ لكلٍّ من الأديب إميل كبا والسيِّدة غادة الخرسا. كما جال الحاضرون في مكتبة المجموعات والأعمال الكاملة وصالة متري وأنجليك نعمان الاستعادية.

 

اترك رد