محمد عارف مشّه
(أديب وقاص- الأردن)
يجلس خلف طاولة مكتبة في المرسم ، يضع يده على خده بلا مبالاة . شعور بلا شيء. .
ينهض من مكانه . يتجه نحو النافذة . يزيح الستارة . يفتح النافذة الخشبية . ينظر . يكتظ الشارع بالمارة والسيارات . المحلات ممتلئة بالزبائن . . يشعر برغبة في التقيؤ .
يعود إلى الوراء . يترك النافذة مفتوحة لعل قليلا من الهواء يدخل إلى الغرفة التي تعج برائحة تبغه . يسير بضعة خطوات . يشتم رائحة عفونة . يبصق نحو مصدر الرائحة خلف اللوحة .
يسير ببطء نحو اللوحة التي لم تكتمل . يمسك بالفرشاة بلا مبالاة . يضع خطين متوازيين باللون الاحمر . لا يعجبه الأحمر .
يضيف اللون الأصفر فيجيء الأصفر باهتا . الأزرق . الأخضر . كل الألوان تجيء مطفأة . يلقي بالفرشاة أرضا . يدوسها بقدمه ، يبصق نحو اللوحة . يتجه نحو التلفاز . يضغط على زر التشغيل .لا صوت يجيء من التلفاز .
يضرب الجهاز بالحذاء نزقا . ويبقى التلفاز بلا صوت . يسحب كرسيا خشبيا له ثلاثة أرجل . يجلس على الكرسي بشكل مقلوب كما لو أنه يمتطي حصانا حشبيا .يرفس التافاز بقدمه نكاية . فتجيئه المحطة الفضائية الأولى بأغنية مطربة شبه عارية . يتأفف . المحطة الثانية برنامج ديني . يواصل بحثه في المحطات الفضائية . لا شيء يجيء وهي لا تجيء . يمتليء فمه بالهواء . ينفث الهواء كاملا من فيه . يغلق التلفاز . يمسك بالقلم . يفتح دفترا شبه ممزق . يحاول أن يمرر القلم على صفحة الدفتر ولا تجيء الكلمات والحروف . يكتم غيظه . لا يبصق هذه المرّة . لا يتأفف . يتجه إلى النافذة مقهورا من جديد . الوجوه نفس الوجوه . الأشياء نفس الأشياء . يغلق النافذة . ينزل الستارة . يذهب إلى سريره . يلقي بجسده . يحاول أن يغمض عينيه . فيجافيه النوم كالعادة . ينهض ليصنع لنفسه فنجان قهوة . يشعل الغاز الصغير . يضع الماء في دلة القهوة. يضعها على النار المشتعلة . يفتح علبة البن . يجد فيها ما يكفي لفنجان واحد . يضع ما تبقى من البن في الدلّة . وقبل أن يغلي الماء امتدت يده نحو علبة السكر . بلا مبالاة رفع الغطاء عنها اصدمت نظراته بفراغ العلبة . ارتسمت ابتسامة مقهورة على شفتيه . اطفأ شعلة الغاز . ألغى فكرة فنجان القهوة .
اتجه نحو باب الغرفة الخشبي . . فتحه .أأزّ الباب . نظر خلفه . بصق . خرج . صفق الباب من خلفه بعنف .سار ببطء …..غاب الظلّ في الظلام .