نظرة في ملامح شخوص الرّواية
عبدالله لالي
(كاتب وناقد – الجزائر)
غلب على رواية عائشة بنّور الشخوص الأنثويّة ، وليس الأمر غريبا فهي تتحدّث عن (نساء في الجحيم)، وهي شخوص في معظمها مناضلة ، قد وهبت أرواحها للوطن والحريّة ، وتمكنت الروائيّة عائشة بنّور من تقديم ملامح واضحة عن تلك الشخوص وبريشة تحسن التصوير ، وتقريب البعيد والغائب عن العين ، فإذا هو أمامك كأنّك تراه بشحمه ولحمه كما يقال ، واتّبعت منهجا بديعا في تقديم هذه الشخوص على مراحل ، وبشكل مباشر أحيانا ، وأحيانا أخرى بشكل غير مباشر..
أحصيت في الرواية أكثر من عشرة أسماء أنثويّة بارزة على الأقل تمرّ عليها عين القارئ ، فضلا عن شخوص الرّجال ، ومن هذه الأسماء ( أيلول ، يافا ، غادة ، مريم بعتّورة، دلال المغربي ، جميلة بوحيرد ، أوليفيا ، نابلس ، فدوى ، رولا ، زهور زراري ) ، هذه الأسماء التي دُوّنت حروفها في جبين التاريخ بمداد من نار ودم ؛ القاسم المشترك الأكبر بينها هو التضحية في سبيل الوطن ورفض الظلم والطغيان والحبّ المنكسر على جدران الزمن العاتية.
عمدت الروائيّة إلى رسم ملامح تلك الشخصيّات أثناء عمليّة سرد الأحداث، فجاء الوصف المقرّب لها انسيابيا متماشيا مع الحدث لا يتجافى عنه ، ولا يوقفه عند تلك الشخصيّات ويغرق في وصفها ، مُوقّفا الأحداث ومعطّلا نشاطها إلى حين كما يفعل كثير من المؤلّفين..
أيلول:
ولذلك جاء الوصف مكمّلا للأحداث مسايرا لها في جريانها الدّافق ، فالروائيّة عندما تصف أيلول ( البطلة الأساسيّة في الرواية ) مثلا ، تسلّم ريشة الفنان التشكيلي ليافا لترسم شخصيّتها بشكل دقيق من استرجاع ذكرياتها معها إذ تقول:
” كانت أيلول تنوح كلّما فقدت عزيزا منّا ،كانت تقول وهي نائحة:
اسمي أيلول ، ابنة فدوى القاسم وسالم البكري ، أعشق التراب واللّون الأخضر، رومانسيّة وصريحة ، قلقلة ومهمومة وكثيرة التفكير ، باردة وساخنة ، وأحيانا الاعتراف بالخطأ لغة أجهلها تماما ” ص 20.
والملفت في هذه الصورة أنّ البطلة تصف نفسها ولكن بلسان يافا التي هي في حالة سرد لذكرياتها مع أيلول ، ثم يتواصل هذا الوصف بدقّة كبيرة :
” أنا كلّ الفصول الأربعة ، شتائيّة وباردة وقاسية ، ولكن ماطرة بالحبّ …” ص21
كلّ هذه الأوصاف تفضي بنا إلى الخروج بانطباع واحد عن شخصيّة أيلول أنّها امرأة مرهفة الحسّ عاطفيّة جدّا تتأثر بسرعة بما حولها ومَن حولها ، وعندما تقول : ” وأحيانا الاعتراف بالخطأ لغة أجهلها تماما ” فهي بذلك تعبّر عن طبيعة الإنسان العربي عموما ، الذي يمنعه كبرياؤه في كثير من الأحيان من الاعتراف بالخطأ، أو الضّعف ، لاسيما إذا كان ذلك الاعتراف أمام عدوّ ، أو حتّى قريب حبيب ، لأنّ الأنفة تمنعه من الخضوع لعدوّه ولو في لحظة ضعف ، وكذلك العناد يجعله يناطح حبيبه الذي يعتبر اعترافه له بالخطأ نوعا من الانكسار الذي ينقص من قدره أمام من يحبّ .. أو هي نرجسيّة خفيّة يجتهد في عدم الإبداء بها .. !
ثمّ تكتمل الصورة حينما تستأنف يافا نفسُها وصف ( أيلول ) فتقول:
” ضحكة أيلول جرس دافئ ، وعلى لسانها عذب الكلام ، وفي عينيها صفاء عجيب يسلب الرّوح، يداها الماهرتان تتقنان الأعمال، خصوصا تلك التي تتعلّق بخبرات الأرض…” ص 21
حتّى تقول عنها : ” كانت أيلول أنيقة في تفاصيل ملابسها ، تبذّر العطف في أرض قاحلة وهي المنهارة..” ص 22 وهي أيضا تعشق أغاني فيروز وتذوب في صوتها الحزين ، كأنّها تحاكي الحزن الفلسطيني الذي طال أمده.
وصف يتشكل ويتكامل مع الأحداث جنبا إلى جنب ، وهو وصف داخلي من شخوص الرواية أنفسهم ، لا تُظهر فيه المؤلفة نفسها ، ولا قلمَها ، ولمَ العناء وقد كُفيت ذلك بإحدى أهمّ الطرق السّرديّة في وصف الشخوص.
دلال المغربي:
وتصف أيلول ( دلال المغربي ) الفلسطينيّة ذات الجذور الجزائريّة فتقول عنها :
” دلال شابّة في ربيع العمر، فاتنة ، شعرها الأسود يتموّج وعيناها الكحيلتان تشعّ منهما ثورة بركان خامد ، حادّة البصر وقويّة البصيرة … تتأمّل بإحساس من الألم وبعينيها المحدّقتين في الوجوه تتسلّل إلى أغوار أنفسهم ، تعزّز الثقة في ذواتهم وترسم الأمل في عيونهم “
هذا وصف مباشر لو كان من الكاتبة نفسها لجاء كلاسيكيّا باردا ، لكنّه جاء على لسان البطلة ، فأضفى ذلك عليه غلالة من الصّدق ولمسة من الفنّ تجعله أكثر تأثيرا في نفس المتلقّي.
ولم تكتفِ الكاتبة بذلك ، بل هي من حين لآخر تضيف لمسة أخرى لتبيان ملامح شخصيّات رواياتها بشكل أكثر وضوحا ، خلال تتابع الأحداث وتلاحقها.
ولا يكاد الحديث عن دلال المغربي ووصف شخصيّتها ينتهي ؛ حتّى تستلم هي نفسُها القلم السّحري لتصف شخصيّة أخرى من شخصيّات الرواية الأنثويّة من اللّواتي ارتمين في حضن الجحيم ، لكنّه جحيم تعذب ناره ويحلو لظاه لأنّه في سبيل فكرة قيّمة ، وقضيّة عادلة ، وحبّ جارف للوطن ، تتولّى دلال المغربي نفسُها الحديث عن بطلة أخرى من بطلات النضال الخالد ، إنّها ابنة القصبة كما تقول عنها ؛ ( جميلة بوحيرد ) :
” تصمد جميلة بوحيرد أمام الجلادين التي لم تجهض يد التعذيب الثورة في قلبها وهي تنبس بشفتيها المكتنزة بالدّماء ” الجزائر أمّنا ” ص 38 .
ثمّ تقول عنها أيضا :
” وجه شاحب ذبلت ملامحه تحت وقع الكدمات الموجعة ..” ص. 39
ويكتمل الوصف عندما تسوق الكاتبة مقاطع من قصيدة نزار قباني في ( جميلة بحيرد ) ، بلسان دلال المغربي أيضا ، وهي قصيدة أشهر من نار على علم ، جاء فيها:
والعمرُ اثنانِ وعشرُونا
عينانِ كقنديلي معبَدْ
والشعرُ العربيُّ الأسوَدْ
كالصيفِ..
كشلاَّلِ الأحزان…
ثمّ يفضي الحديث عن جميلة إلى الحديث عن مريم بعتّورة وزهور زراري ، وتضيف دلال المغربي واصفة شخصيّة زهور زراري بنوع من الدّهشة والانبهار:
” .. هذه الأخيرة تنهار أمامها فرنسا الأسطورة بشعارها الحريّة والمساواة الأخوّة وهي تحت يد التعذيب التي لم ترحم شبابها ..” ص 43
هذه الطريقة المتسلسلة والمتتابعة في الوصف والحديث عن بعض شخوص الرواية في موقف واحد أو جلسة واحدة ، يذكّرنا بحكايات ألف ليلة وليلة ، التي لا تكاد تنتهي حكاية منها حتّى تفضي بنا إلى حكاية أخرى ، ولكنّ الفرق بين هذه وتلك هو أنّ حكايات ألف ليلة وليلة – رغم دهشتها وسحرها – إلا أنّها حكايات خرافية أغلبها من نسج الخيال ، أمّا قصص هاته البطلات فهي قصص من صميم الواقع الذي فاق الخيال دهشة وإبهارا..
أوليفيا:
هي أمّ أندريا الفتى الفلسطيني (ياسين ) الذي اختطفته عصابات الإجرام الصّهيوني بعد مقتل عائلته وسلّمته إلى عائلة ( بنيامين ) اليهودي لتتبنّاه وتتخذه ابنا لها ، وأندريا امرأة بريطانيّة ذات شخصيّة محبّبة متعاطفة مع الفلسطينيين ، تقول عنها الكاتبة هذه المرّة بلسان (يافا ) :
” أوليفيا المرأة البريطانيّة التي تحبّ الأطفال كثيرا لحرمانها منهم . ما زالت أوليفيا فاتنة رغم كبر سّنها وشعرها الأبيض..” إلى أن تقول ” كنت أحسّ أنّ هذه المرأة لا تنتمي إلى عالمها الأوربي، تعيش حياة منفصلة عن مجتمعها البريطاني، كانت تحبّ الاختلاط معنا، والاحتكاك بنا، تعرف من طقوسنا وحياتنا الشعبيّة ما يشبع فضولها ويروي عطشها ..” ص 25.
هي نموذج إنساني للشخص السّوي الذي يفرّق بين الحقّ والباطل بين الظلم والعدل ، بين أصحاب الحقّ المشروع وبين المغتصبين من عصابات اللّصوص التي استولت على الأرض وخيراتها وشرّدت أهلها في أنحاء العالم بعد أن قتلت وسجنت منهم الآلاف نساء ورجالا .. هي امرأة بضمير حيّ وفطرة نقيّة ، إنّها النموذج النّادر للتعاطف الأوربي الصّامت مع القضيّة الفلسطينيّة.
غادة السّمان:
كثير من شخصيّات الرواية حقيقيّة ولها أثرها وبصمتها المشهودة في الواقع ، وقد أعطت الروائيّة عائشة بنّور مشاهد كثيرة من ذلك الواقع، ومن أمثلته الأديبة المشهورة غادة السّمان، التي ارتبطت بشخصيّة واقعيّة أخرى هي غسّان كنفاني ، وتصف المؤلّفة غادة على طريقتها الخاصّة مستخدمة أبطالها فتقول بلسان أيلول:
” غادة جميلة جدّا ، ماتت أمّها وهي صغيرة ، لم تعرف وجهها ولم ترتوِ من حليبها ولم تشبع من دفء حضنها ولم تسعد بصحبتها ، وهي شابة بقيّة عمرها، ورغم جراحها دائما في الطّليعة “
ثمّ تحيل المؤلّفة الخطاب إلى غادة لتتحدّث عن نفسها بشكل غير مباشر ، فتصف مشاعرها وقلقها وحزنها ، وعذاباتها المتتالية حينما تتحدّث عن حبيبها غسّان ، في حوار طويل أكثر بوحا ، وإفضاءات هائمة على أجنحة التذّكر والوجع ، ونقتطف من ذلك مقطعا صغيرا نجعله منظارا مكبّرا لشخصيّة غادة بلسانها :
” ولأنني لا أتقن الصّمت كانت عيناي قدري، دهشة هو اللّقاء ، ودهشة ما بعد اللّقاء، ودهشة أن يشعل سيجارة ثانية في وجهي ” وتقول في موضع آخر :
” وأنا في باريس ، وقفت عند ” كافتيريا باريس ” ، تذكّرت فنجان قهوتك وارتسمت لي صورتك على الطاولة تقرأ الجريدة، وأنا إلى جانبك أقرأ عمودك الأسبوعي، قبل ذلك كانت الأيّام تجرّ بعضها بعضا.. كنت مدمنة قراءة وأنت مدمن حروفي أو كلانا ..” ص 166
غادة كاتبة مثقفة عاشت محنة اليتم ، ومحنة التيه في بلاد الغربة ، ثمّ محنة فقدان الحبيب الذي أوهى كاهلها ، وتصفها أيلول في المشهد الأخير فتقول:
” وضعت رأسها بين كفّيها وأجهشت بالبكاء بعدما أطلقت صرخة مدوية في فراغ الغرفة الضيّقة، أمطرت سيلا من الضحك الهستيري، وفجأة تصمت مذهولة بعدما فتح القبر فاه واحتضنه في جوف أعماقه وتركها للصقيع كسيرة “.
وهناك أوصاف مشتركة بين معظم شخصيّات الرواية الفلسطينيّة ، وهي القلق والتوتّر والحزن العميق ، والشعور بالغربة والبحث عن السّكينة المفقودة ، لكن أهمّ هذه الأوصاف هو البوح الحزين على مدى كلّ فصول الرّواية تقريبا ، حتّى أثناء الحوار هناك بوح أليم واسترجاع موجع للماضي.. !
وللرّجال نصيب ممّا تركن:
ولأنّ للرّجال نصيبهم الموفور أيضا في الرواية لابدّ من الإلمام ببعض ما جاء عن شخوصهم في فيها أيضا:
أندريا:
يشكل أندريا وأيلول ثنائي الحبّ ( المستحيل ) المقابل لثنائي ( غسان وغادة ) ، أندريا فلسطيني الأصل ، خُطف لمّا كان صغيرا بعدما استشهد أبواه على يد الإجرام الصهيوني وظل يجهل هويّته إلى أن اكتشفها صدفة في أحد الأيّام. تصفه أيلول بحبّ غامر فتقول:
” أندريا أبيض البشرة، له عينان زرقاوان وصغيرتان وغائرتان في المحجرين ، وحاجبان ناعمان يوحيان بالكبرياء والغبطة والعناد ، وعلى جانب حاجبه الأيسر شامة صغيرة ، ذو قامة طويلة وعضلات مفتولة ، رقبته الطويلة يغطّيها دائما بوشاح يتماشى مع الجاكيت البنّي… حرصه على أناقة تميّزه عن الآخرين زادت في وسامته وثقته بنفسه أثرت على الأقرباء منه ” ص 121 .
هذا الوصف يجعله أوربيا بامتياز ، لاسيما أنّ المرأة التي أدّعت أنّه ابنها هي بريطانية ، لكنّ الأقدار تشاء أن يكون فلسطينيا خالصا ، فهو ياسين ابن أسرة عربيّة ماتت تحت القصف الصهيوني.
وكان يحبّ أيلول بعنفوان ورفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي ، واحتال حتّى طرد من الخدمة بدعوى أنّه مريض نفسيّا ، وعندما اكتشف هويّته الحقيقيّة ترك فلسطين كلّها ورحل إلى مكان مجهول.. وبقي شبح ذكرياته يطارد أيلول في كلّ مكان وتراءى لها في مدريد. ولم تتأكد من ذلك إلى ناهية الرواية ، وكأنّه سيبعث مرّة أخرى في جزء ثانٍ من الرواية ، ليكشف الستار عن فصول أخرى من عذابات ( نساء في الجحيم ) ، إن قدّر للكاتبة أن تخرجه للوجود ، أو لعلّه نجم أفل ولم يبق منه سوى صورة الضوء تنبعث من حين لآخر في سماء الذّكريات .. !
غسّان: تصفه أيلول فتقول:
” غسّان ابن عمّي العكّاوي الذي ذاق مرارة النزوح والاغتراب والجوع والمرض وأخذ على عاتقه نضال التّحرر والمقاومة والوجع ” ص122
وتصفه مرّة أخرى بلسان حبيبته غادة فتقول بلغة شعريّة فائقة الجمال :
” كانت رسائله لي صورة للمناضل الذي يحيا من جديد ، يحيا من أجل العشق للقضيّة بعدما هزل الجسد وبقيت الأنفاس تشمّ رائحة الأرض الزكيّة ، المعطّرة بأريج دم الشهداء ” ص 241 .
ثمّ تقول عنه :” فارس شهم يحمل درعا للوطن على صدره، ويرتدي خوذة الحريّة ، فارس الظّل الحزين يحوم حولي .. ” ثمّ تقول : ” نعم كان ثمّة رجل اسمه غسّان كنفاني الرّجل الذي أقلق راحتي ، وأقلقت وجدانه ، رجلا أستعيده في ذاكرتي التي يسكنها حيّا ، وهو الذي أتعبتْه علب الدّخان .
هو الرّجل الذي أنهك جسده المريض بالنّقرس وإبر الأنسولين الشيطانيّة التي تغرز في وجعه ، وهو الطفل المشاكس الذي حرم من بيت في وطنه، ومن وطنه ..” ص 243 .
اليعقوبي:
اليعقوبي هو جدّ أيلول ، ولعلّ في التسمية رمزيّة ما ، أو نسبة إلى سلالة الأنبياء الحقّة ، التي حفظت الرّسالة ووفّت بالعهد ، وليست هذه السّلالة المجرمة من قتلة الأنبياء ، وناقضي الميثاق..
تصفه المؤلّفة في مقاطع مختلفة حتّى تتكامل صورة الرّجل الحكيم الذي حنّكته الأيّام ، وعركته بمرّ صابها ، فصار كالصّخرة التي تتكسّر عليها قرون الوعول فتدمى ، وتتهشّم قرونها ولا يضير ذلك الصّخرة ولا يوهنها ، هو رمز للرّجل الفلسطيني الذي يحمل الأمل بين جنبيه وينتظر عودة أبنائه الأبطال من سجون الاحتلال في عزّة وإباء ، تصفه فتقول:
“رغم كبره وتقدّمه في السّن إلا أنّه لا يزال يتمتّع بكلّ قواه العقليّة والجسديّة ، مقارنة مع ما يعانيه أبي من أمراض العصر ” ص14
” جدّي الذي ابيضّت عيناه مع مرّ الزمان كظم غيظه بغصّة قويّة ظهرت على يده التي يمسك بها عصاه متوكئا عليها كأنّ الأرض زلزلت تحت قدميه “
وفي موضع آخر تقول ص 155 :
” وبقي لي جدّ ابيضّت عيناه بالدّمع بعدما أقلقت راحته واضطربت سكينته وبقي وحيدا متكئا على عصاه يترقّب عودة أبنائه إياد وزكريا وياسر من سجون إسرائيل “.
الرّواية تحيا وتتبرعم وتمنحنا صورة ضاجة بالحياة إذا كانت شخوصُها حيّة ، نكاد نشمّ رائحة أنفاسها ونسمع أصوات همسها قبل صراخها ، وذلك الذي أفلحت فيه الروائيّة عائشة بنّور إلى مدى بعيد ، وجعلتنا نندمج في عالم شخوصها الروائيّة ، رغم الكمّ الهائل من مساحة البوح والإفضاء الذي يجعلنا نتابع الأحداث من مكان ثابت تقريبا ، وتطغى صورة الماضي والاسترجاع على صورة الواقع المعيش ، لكن ريشة الفنّان التشكيلي التي حملتها الكاتبة باقتدار، جعلتنا نعيش هذا الاسترجاع وذلك الماضي المندثر وكأنّنا نحيا فيه.. !
(يتبــــع …)