أدونيس المرشّح الدائم لجائزة «نوبل للآداب»… يرثي الكرامة والحرية وحقوق الإنسان في العالم العربي

adonis

مع تحديد 13 أكتوبر موعداً للإعلان عن جائزة نوبل للآداب، يقفز إلى العلن اسم أدونيس على أمل أن يحظى العالم العربي بالجائزة للمرة الثانية بعد فوز الأديب المصري نجيب محفوظ بها عام 1987. وإلى أدونيس، تردّد في السنوات الماضية اسما الشاعر الفلسطيني محمود درويش والروائية الجزائرية آسيا جبار، قبل وفاتهما.

يتكرّر معظم الأسماء المرشحة لجائزة نوبل للآداب باستمرار، على رأسها الكاتب الياباني هاروكي موراكامي، والكاتب التشيكي الفرنسي ميلان كونديرا، والكاتبة الأميركية جويس كارول أوتس، والكاتب الأميركي فيليب روث، والكاتب الأميركي دون ديليلو، والشاعر الكوري كو أون، والكاتبة المصرية نوال السعداوي.

ومن الأسماء المطروحة أيضاً الكاتب الكيني نجوجي واثينجو، والكاتب النرويجي والمسرحي جون فوس، والكاتب المسرحي المجري بيتر ناداس، والكاتب البريطاني المثير للجدل سلمان رشدي، فضلاً عن الألباني اسماعيل كاداري والإسرائيلي ديفيد غروسمان.

أدونيس

على مدى مسيرته الأدبية والفكرية، كانت لأدونيس محطات ومواقف أثّرت في المشهد الثقافي العربي، فلدى انتسابه إلى مجلة «شعر» وقف مع الشاعر يوسف الخال في مواجهة مع منتقدي المجلة واتجاهها نحو قصيدة النثر، واستقطبت مسائل الوزن والتفعيلة الحرة والنثر الشطر الأكبر من السجال. في ذلك المناخ، كتب أدونيس عام 1958 أول دراسة حول قصيدة النثر،

واهتم في تلك الفترة بالترجمة، وكانت أشهر ترجماته، قصيدة الشاعر الفرنسي سان جون بيرس «ضيقة هي المراكب».

في بيروت التي استقر فيها منذ خمسينيات القرن الماضي، غاص أدونيس في عمق الحركة الثقافية وأنشأ عام 1960 مجلة «آفاق» الثقافية التي تعنى بالفكر الفلسفي والسياسي وبالأدب إجمالاً. لكنها لم تعمر أكثر من سنة لأسباب مالية، وكتب في العدد السادس منها: «ما نطمح إليه ونعمل له كثوريين عرب هو تأسيس عصر عربي جديد. نعرف أن تأسيس عصر جديد يفترض بادئ ذي بدء الانفصال كلياً عن الماضي، نعرف كذلك أن نقطة البداية في هذا الانفصال- التأسيس هي النقد: نقد الموروث ونقد ما هو سائد شائع (…) إن ماضينا عالم من الضياع في مختلف الأشكال الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية، إنه مملكة من الوهم والغيب تتطاول وتستمر، وهي مملكة لا تمنع الإنسان العربي من أن يجد نفسه وحسب، وإنما تمنعه كذلك من أن يصنعها».

كذلك انخرط في «الندوة اللبنانية» التي أسسها ميشال أسمر عام 1946، لا سيما في ندوات الحوار الإسلامي المسيحي عام 1967 وفي محاضرات «بعد السادس من حزيران 1967، أي لبنان؟»، وساهم في تأسيس اتحاد الكتّاب اللبنانيين (1967) واتحاد كتّاب آسيا وأفريقيا، ونال جائزة الدولة اللبنانية (1974)، وفق خالدة السعيد زوجة أدونيس.

من أبرز إنجازات أدونيس «ديوان الشعر العربي» (ثلاثة أجزاء)، مركزاً في انتقاء المختارات فيه على اللمسات الإنسانية، وعلى كشف كم هائل من الشعر المجهول عبر التاريخ. وهو برهن مع هذا الديوان أن الصراع لم يعد بين قديم وجديد، بل موقع التقويم ومعاييره، وأن الحداثة ليست هدماً للقديم وتنكراً له بل هي نظر فني مختلف ومتطور ومرتكزات إنسانية حديثة، وفق د. خالدة السعيد أيضاً.

في بيان «من أجل 5 يونيو 1967» الذي نشره في 10 يونيو من العام ذاته في جريدة «لسان الحال»، اعتمد النقد الذاتي، وكانت تلك صيغة أولى موجزة وسعها عندما نشر البيان في «مجلة الآداب» (أغسطس 1967)، وهو يعكس بشكل واضح جانباً أساسياً من ملامح أدونيس الفكرية، وامتداداً ظاهراً لملامح بطله «مهيار الدمشقي» (1961 عن مجلة شعر) الذي يصفه بأنه «الريح لا ترجع القهقرى»، وفي خطواته وجذوره.

بين 1961 و2008، كُرّم أدونيس بست وعشرين جائزة أدبية دولية وشهادتي دكتوراه فخرية، الأولى من جامعة جنيف والثانية من الجامعة الأميركية في بيروت.

ارتهان وتبعية

حول ما يجري من أحداث في بعض البلدان العربية تحت مسمى «الربيع العربي»، اعتبر أدونيس في أكثر من مناسبة وتصريح إعلامي أن هذا الانفجار محدود، لكن يأخذ عليه خلوّه من أي مشروع يشكّل خطوة نحو التغيير، وأي خطاب ثقافي تغييري، بل على العكس اتخذ هذا الصراع طابعاً دينياً، ويخدم مشروع العودة إلى أصول دينية بشكل أو بآخر، موضحاً أن التحركات الشعبية، باستثناء القاهرة وتونس، لم تكن حقيقية أي لأسباب داخلية بل حرّكتها أيادٍ خارجية، وتحولت إلى حركات عنفية، هدفها تغيير النظام، مشيراً إلى أن البلدان العربية بدت أكثر تبعية للخارج، وأن السياسة الأجنبية قادرة على احتلال العرب من داخلهم.

*****

(*) جريدة الجريدة 

في مناسبة أخرى، شنّ أدونيس حملة شعواء على الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية التي تتحرك في المنطقة بدافع الاستيلاء على النفط والغاز، مؤكداً أن «الشعر لا يمكن أن يذبح طفلاً، أو يقتل إنساناً، أو يدمر متحفاً».

كذلك اتهم الشاعر الأميركيين بأن لا رؤية متماسكة لديهم، فيما لا يهتم الروس سوى بمصالحهم، والأروربيون ينحنون أمام أميركا… أما حقوق الإنسان والحرية والاستقلال والكرامة فلم تعد لها أهمية، وتساءل: «كيف أن بلداً مثل فرنسا يخضع لأميركا مع أنه يحمل إرث الثورة الفرنسية؟». شنّ أيضاً هجوماً على «الدكتاتوريات الدينية»، مطالباً بفصل الدين عن الدولة، ومعتبراً أن «المستقبل هو للعلمانية، لكن بلوغ تلك المرحلة دونه دمار كبير»…

اترك رد