“زلزال 10 أكتوبر 1980”

zelzal

 مولود بن زادي

(أديب وروائي جزائري مقيم في لندن)

“… مع أنّ مركز زلزال 10 تشرين الأول أكتوبر 1980 كان منطقة الأصنام، إلاّ أنّ أثره امتدّ بعيداً ليغمر مناطق أخرى منها مدينة الجزائر العاصمة، فهزّ أركانها، وبثّ الرّعـب في نفوس سكانها. ففزع الرّجال والنِّساء والأطفـال من بيوتهم إلى الشوارع ومكثـوا فيها طويلا خوفا من انهيار البيوت القديمة على رؤوسهم.

فرّ بعض أهل بيتِ إبراهيم إلى الشّارع  وكانت تسود فيه حالة من الهلع والفوضى ما شهدتها المدينة من قبل، ولجأ فريق منهم إلى بستان المنْزل تحت ضلال أشجار التين والرمان بعيدا عن سيران المبنى.

لم تغادر خديجة البيت إلاّ بعد مغادرة أفراد عائلتها رغم فزعها. فبالها كان منشغلا بصغارها. تهرع المسكينة من غرفة إلى أخرى بحثا عن أطفالها. كانت تصيح بأعلى صوتها وأمارات الفزع والصدمة تلوح في عينيها:

  • أخرجوا! هيّا أخرجوا جميعا! عجّلوا!…

وامتثل لأمرها الجميع إلاّ الجدّة حليمة والعمّة زهرة فقد تخلّفتا. فثارت خديجة إلى غرفتهما وصاحت فيهما في صوت وقور:

  • هيا أخرجا بسرعة قبل أن ينهار البيت عليكما!…

فردّت حليمة مرتبكة:

  • ماذا جرى؟ ماذا جرى هكذا؟ لماذا كلّ هذه الفوضى؟!

فصاحت خديجة وهي تعينها على الوقوف من مكانها:

  • الزلزال! الزلزال! هيا عجّلي!

فصرخت حليمة مندهشة:

  • ماذا قلتِ؟ الزلزال؟! يا إلهي!

كان يبدو جليّا أنّه لم يكن لحليمة وزهرة علم بما جرى.

برحت حليمة الغرفة مفزوعة وهي لا تكاد تصدّق ما حصل. وأبت زهرة النهوض من مكانها على الرغم من إلحاح خديجة التي راحت تردّد متوسّلة:

  • أرجوك، قومي! إنّه زلزال! جدران الغرفة مشقوقة وهي معرّضة للانهيار في أيّ وقت!…

وأبت العمة زهرة الاستماع إليها ومكثت في مكانها غير مكترثة بما يحدث حولها. فهوت  خديجة إليها وحاولت سحبها من ذراعيها، وإذا بها تخلّص نفسها من قبضتها وتعرض عنها. ومن ثمّ لم تجد خديجة بدّا من الخروج من الغرفة بدونها… ”

****

(*) قصة حقيقية مقتبسة من رواية” عَبَراتٌ وعِبَرٌ” الاجتماعية الدرامية الواقعية للكاتب مولود بن زادي 

اترك رد