مارلين وديع سعادة
(كاتبة- لبنان)
جبران! نطفةُ عبقرية تفّلتت من إسارها في لحظة عشق خليليّ، فهامت تبحث عن كينونتها في لحظة سرمدية هي صحوةٌ نادرة لنفس أبدا هاربة خلف أسوار السكر لتنسى واقعها!
نطفةٌ، احتضنها رحم أم معطاء كالأرض، وجهُها محدق أبدا في شمس الحب الإلهية، يمتص منها سماداً مغذيا لحشيشة قلبها وفلذة كبدها.
بذرة تفتّقت من ” فيلسوف” مجنون دائم السكر، وأرض مشبعة بالقداسة. حملت غربة أبيها على الأرض وتوق أمها إلى السماء.
جبران! وكأن ّ الأسماء انتهت فاستعاروا إسم العائلة واستكثروا باقي الأسماء عليه! وكأنّ الوقت ضاق للبحث عن إسم جديد! أو الهم كان أكبر من أن يحملوا همّ البحث عن اسم! أو كأنّ القدر شاء فجعل سمات حياة رجل في إسمه، فإذا جبران الجد يتقمّص في جبران الإبن، ليولد من جديد ولادة سابعة، تختزن تاريخ شعب، بل شعوب، وتصبو للإتحاد بالآلهة!
جبران، إسم حمل خشونة الحياة في ذلك الزمن في بشري، وطراوة عشب ربيعها المنتظر،. غصن أرزة تاه في الأرض، فحوّلت رياح أنين غربته صوته إلى لحن موسيقي يسحر الألباب، ويدوم على مرّ السنين!
جبران، البيلسانة المتفتقة من صلابة صخر بشري وصقيع ثلوجها، الناشرة بُتُلاتها الطرية كأجنحة بيضاء في وجه شمس الألوهة؛ أطلّت من عليائها على كروم الآلهة والفلاسفة عبر الزمن والتاريخ، وجمعت لنا منها أكبر وأطيب العناقيد، ثم عصرتها في معصرتها، وقدّمتها لنا خمرة جديدة في كؤوس جبران البلورية، التي أظهرت لنا جمال لونها، وأذاقتنا سحر طعمها، وأسكرتنا بعطرها الساحر الفريد! لقد سكر جبران في خلال حياته الوجيزة على هذه الأرض بخمرة الكرمة الحق، يسوع المسيح، وسعى كي يذيقنا طيبها، فاستخلص خمرة من عصارة كروم الفلاسفة، علّنا بتذوقنا لها نصل إلى نشوة السكر التي وصل إليها ونفهم كيف عشق ألوهة المسيح، فهو في كل مرّة كلن يذيقنا خمرته في كؤوس تحمل سمة المسيح وتُظهر وجهه، من “المجنون” إلى “الموسيقى”، إلى “يسوع إبن الإنسان” إلى “النبي”. لقد كان فيها جميعا يسوع المسيح المحور، وكان المنطلق والهدف معا!