لَيلٌ، وكَأسٌ!

موريس وديع النجار

(أديب وشاعر وروائي وناقد- لبنان)

maurice najjar

(بَعدَ سَهرَةِ خَمْرٍ وطَرَبٍ، في مِنطَقَةِ الأَرزِ، في آب 2016)

لَيلٌ، وكَأسٌ، وسُمَّارٌ، وقِيثارُ،          وكُلُّ حَسناءَ فيها القَلبُ يَحتارُ

حُسنٌ يَرُفُّ، وأَمواجُ الدَّلالِ، على       شَواطِئِ الَّليلِ، أَشواقٌ وأَسرارُ

والصَّحْبُ بَينَ نَدًى يَهمِي، وما خَفَقَت   بِهِ الصُّدُورُ، إِهابٌ قَرَّ، أَو نارُ

لَيلَى ومَيسُونُ، هِنْدٌ والرَّبابُ، لَمَى،      شَيماءُ، هَيفاءُ، والنَّجلَا، وجُلْنارُ

فِيهِنَّ مِن طَلَّةِ الفَجرِ البَهِيِّ سَنًا،        يَسبِي القُلُوبَ إِذا تَلقاهُ أَبصارُ

حَبا بِهِنَّ سَخاءُ اللهِ، في وَلَهٍ،           كما حَبا العِطْرَ لِلحَسناءِ عَطَّارُ

بُشرَى الِّلقاءِ بِإِحداهُنَّ سانِحَةٌ،           كما يَزُفُّ قُدُومَ الزَّهرِ آذارُ

رَبَّاهُ! كيفَ يَعُودُ القَلبُ بَعدَ نَوًى         عَنِ الشَّبابِ، وتَزهُو فيهِ أَوطارُ؟!

وكَيفَ نَغدُو، إِذا هَبَّ الهَوَى، وَرَقًا       تَذرُوهُ، في الرِّيحِ، أَهواءٌ وأَقدارُ؟!

طالَ السُّهادُ، فَهَل تَرنُو لَنا مُقَلٌ         رَمَت بِنا، وهَواها العَذْبُ قَهَّارُ

هُنَّ البَهاءُ، على ظَرْفٍ، فَلَيسَ لنا       شَيبٌ يَقِي مِنهُ، أَو تُقصِيهِ أَوزارُ

وهُنَّ، مِن نَسَمِ الأَسحارِ، رِقَّتُهُ،          على حَفِيفٍ تَوانَت عَنهُ أَسحارُ

هُنَّ الأَزاهِرُ، لكِن مِن طَبِيعَتِها           دِفءٌ لَتَعجَزُ عَن نَجواهُ أَزهارُ

رَبِّ! إذا جَنَحَت فِينا الرُّؤَى فَبِنا          لَحظٌ يُزَغرِدُ إِمَّا اهتَزَّ زُنَّارُ

يَشتَطُّ، فِينا، الهَوَى حَتَّى يُضَلِّلَنا،        فَهَل لنا، في حِماكَ الرَّحْبِ، أَعذارُ؟!

لَيتَ الثَّوانِي تَكُفُّ اليَومَ عَن نَبَضٍ،      والخَمرَ، بَينَ أَيادِي الصَّحْبِ، مِدرارُ

وتَنجَلِي عَن رُؤَانا كُلُّ كالِحَةٍ،            فَالَّليلُ عِطْرٌ، وطِيبُ الوَجْدِ أَشعارُ

فَنَحنُ في المَجلِسِ النَّشوانِ خَمرَتُهُ،         وفي نَدِيِّ الدُّجَى المُنداحِ أَقمارُ!

           tree-vector

حَلَّ الصَّباحُ، فَمِنَّا مَن تَمَلَّكَهُ             حُلْمُ الرُّقادِ، فَسُكْرُ الَّليلِ غَدَّارُ

والبَعضُ مِنَّا شَجاهُ الصُّبحُ حَيثُ بِهِ      يَنفَضُّ جَمْعٌ، فَلا راحٌ ومِزمارُ

أَمَّا أَنا فَدعانِي الحَرفُ، في وَلَهٍ،         فَما وَهَنتُ، وعِشْقُ الحَرفِ إِيثارُ

هِيَ الحَياةُ إِذا هَشَّتْ لَنا زَمَنًا،             فَقَد تُوافِي رَقِيقَ البِشْرِ أَكدارُ

نَمضِي طُيُوبًا، وتَطوِينا الدُّرُوبُ، فلا       تَبقَى، بُعَيْدَ عُبُورِ العِطْرِ، آثارُ

ولَذَّةُ العَيشِ تَبقَى حَيثُما زُهِقَت         رُوحُ الدِّنانِ، وطارَت، بِالغِوَى، الدَّارُ؟!

woman vector

اترك رد