صدر للدكتور عبد الرؤوف سنو كتاب جديد بعنوان “السعودية ولبنان السياسة والاقتصاد 1943-2011” ( توزيع دار الفرات، تموز 2016).
يؤرّخ الكتاب للعلاقات السعودية – اللبنانية في المجالات السياسية والاقتصادية، وما تضمّنته من دور نهضوي للجالية اللبنانية في السعودية. وهو في الوقت نفسه، تأريخ للبنان منذ استقلاله، بمواكبة المملكة لأزماته ومساعيها لوأدها منذ اندلاع حربه الداخلية العام 1975، واستعادة سلمه الأهلي برعايتها وفق “اتفاق الطائف” العام 1989. كما يبحث في مدى نجاح الدبلوماسية السعودية تجاه لبنان وإخفاقها، في ضوء اعتداءات إسرائيل والهيمنة السورية عليه، والنفوذ الإيراني فيه.
ويضيء الكتاب على دور الرئيس رفيق الحريري في “الاتفاق الثلاثي” 1985 من أجل الوصول إلى الرئاسة الثالثة، ومساعي الأمير الوليد بن طلال للاستحواذ على رئاسة الحكومة منه منذ العام 2002. ويبرز المؤّلف تحرّك المملكة خلال مرحلة الفراغ في الرئاسة الأولى منذ العام 2007، وموقفها من الإرهاب (فتح الإسلام)، ومن “اتفاق الدوحة” العام 2008، الذي أعقبه التنسيق السعودي – السوري للتخفيف من الاحتقان الداخلي، على خلفية “المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان”. لكن هذا التنسيق انهار عقب سقوط حكومة سعد الحريري مطلع 2011، ما جعل المملكة تنكفئ عن الساحة اللبنانية.
وقد أثبت الكتاب الفرضيات الآتية:
– لم تستطع السعودية أن تقارع سياسات إسرائيل حيال لبنان، ولا نفوذ كلٍّ من سورية وإيران فيه، وذلك بسبب سياستها القائمة على الوفاقية والوسطية، والاقتداء بالسياسة الأميركية، وعدم وجود ميليشيات تابعة لها يمكن أن تمارس من خلالها الضغط في الداخل لتحقيق مصالحها. فبدت دبلوماسيتها وكأنها متناقضة في بعض الأحيان.
– ترك النظام السوري للسعودية هامشاً من التحّرك الدبلوماسي على الساحة اللبنانية، طالما أنّه لا يتعارض مع مصالحه، وكان يستفيد بدوره من الغطاء الدبلوماسي السعودي.
– اتخذ “حزب الله” موقفاً مناوئاً للسياسة السعودية في لبنان بعد العام 2005، وعمل على أن يكون متطابقاً مع المصالح والسياسات الإيرانية.
– كانت السعودية، تتراجع وتنكفئ دبلوماسياً واقتصادياً عن الساحة اللبنانية، ما أن تشعر بأنّها مهدّدة أو مغلولة اليدين، أو أن تترك نفسها عرضة للابتزاز في بعض الأحيان.
– عملت السعودية للحصول على الاعتراف بها كمرجعية في لبنان، من خلال تقديم المساعدات لإعادة اعماره، ودعم اقتصاده، وتمويل مشاريعه التنموية. فما من دولة دعمت لبنان أكثر من المملكة العربية السعودية.
أخيراً، سيجد معظم السياسيين اللبنانيين أنفسهم في هذا الكتاب، كما اللاعبين الإقليميين والدوليين. فيؤرّخ لمرحلة لا تزال تداعياتها السلبية تؤثّر في الوحدة الوطنية، وفي عمل المؤسّسات الدستورية. ويُكشف النقاب عن أدوار اللاعبين المحلّين ومواقفهم وسياساتهم، ومراميهم العلنية والخفيّة، كما اتصالاتهم بالقوى الإقليمية والدولية، وصولاً إلى استتباع لبنان للخارج.