ألجماليّة في أسلوب أنطون قازان*

elie

إيلي مارون خليل

(أديب وشاعر وروائي- لبنان)

I- تحديدُها

جاء في ٱلقاموس: “جَمَلَ يَجْمُلُ جَمْلاً وٱجْتَمَلَ ٱلشَّحمَ: أذابَه. جَمَّلَ ٱلشَّحْمَ: أذابَهُ.”

وجاء: “جَمُلَ يَجْمُلُ جَمالاً: حَسُنَ خَلْقًا وخُلُقًا فهو جميلٌ وهي جميلة. جَمَّلَ، جَمَّلَهُ: صَيَّرَه جميلاً… ألجمال: ألحُسْن. ألجَماليّة: عِلْمُ ٱلجَمال.”(1)

وعليه، فما هي ٱلجَماليّةُ في ٱلأسلوب؟ ما هي أسبابُها، عند أنطون قازان، وما مَظاهرُها في أدبه، وتاليًا: ما أثرُها ؟

إنطلاقًا من ٱلقاموس: جَمَّلَ ٱلأسلوبَ: صَيَّرَه جميلاً.

كيف يُصَيِّر ٱلأديبُ أسلوبَه جميلاً ؟ يصير ٱلأسلوبُ جميلاً إذا طبّق ٱلكاتبُ قواعدَ ٱلبَلاغة ٱلعربيّة، ومنها هذه: “مُطابَقَةُ ٱلكلام لمقتضى ٱلحال”. وبٱلإطنابِ حين هو لِفائدة. وبٱلمُساواة حين هي ضرورة. وبٱلإيجاز حين هو واجب. إذًا: فلكلّ مقامٍ مقال.

لكنّي أرى، وٱستنطاقًا للقاموس، أنَّ ٱلجَماليّةَ، وٱلّتي هي “عِلْمُ ٱلجَمال”، إنّما تقوم – أيضًا – على إذابةِ “شُحوم” ٱللغة. أللغةُ جسدٌ، على ٱلأديب صياغتُه حتّى ٱلجودةِ ٱلمتقَنة. وٱللغةُ جسدٌ حيٌّ، تَعْلَقُ به – على ٱلأيّام – “زَوائدُ” تُشَوّه لَياقَتَه، تُكَدِّر صفاءَه، تُبَلِّدُ رَشاقتَه، تُزعج أناقتَه. وٱلأديبُ ٱلجَماليُّ يعرف كيف يرود لغتَه، ينظر إليها بإعجاب، سيِّدةَ ٱلأناقةِ يُريدُها. أميرةَ ٱلرَّشاقةِ يتمنّاها. مثيرةَ ٱلدَّهشةٍ يحلُم بها. من هنا يحاولُ صياغتَها، نحتَها، بحبٍّ وعطف، يَحْدَبُ عليها بوَرَعٍ وحنان. وهي تُطيعُه. تفهمُ حبَّه، وتهواه، وتَغاوى به، وهو يُتقِنُ هذا ٱلحُبَّ بفرح ٱكتشاف سرِّ ٱلإثارة. ألأديب عشيقُ ٱللغة ، واللغةُ عشيقتُه . معًا يَغوَيان ويُغويان. يأتلِقان ويُثيران. كلاهما مُطيعٌ للآخر، بقناعة. بليونة. بإغواء. بِحُبّ.

antoine- kazan

II- أسبابُ ٱلجَماليّة عند أنطون قازان

هذا ما كان عليه أنطون قازان مع ٱلعربيّة. لماذا ؟

1- حول هذه “ٱللماذا”، إسمعْه يقول: “أنا ٱبن ٱلزّوق، ربيبُ ٱلمَغازِل وأليفُ ٱلأنوال، كم شغلتْ طفولتي دهشاتُ ٱلعين على مرأى يَدِ صَناعٍ، تُجسِّد ٱلخيوطَ صُوَرًا وألوانًا. أعرف أيَّ ضَنًى يحتجب وراءَ ٱلبَدْع، ولربّما أخذتُ عنها، في صناعة ٱلأدب، بعضَ ٱللذّةِ في وضع ٱلخَيط، بدراية أبناءِ ٱلمَشاغِل، فأتمتَّعُ بنهوض ٱلعطاء قبل ٱنتهائه”.(2) ولا تعليق.

2- هذا ٱلواقعُ “ٱلنَّوليُّ” في ٱلزّوق، فتح عينَيْ أنطون وذهنَه، على ٱلذَّوق. فٱلذَّوقُ، عنده، فِطرةٌ نمتْ تكتسبُ ثقافةً، وبٱلمِراس صَقلاً، وبٱلدُّربة تَوَهُّجًا. وٱلذّوقُ دِرايةٌ دقيقةٌ في صناعة ٱختيار ٱلألفاظ، بعَفَويّةٍ وبساطة مُتْقَنَتَيْن. هذا أحدُ أسرار جَماليّة أسلوبِ أنطون قازان. بذا كان زارعَ جَمالٍ أسلوبيٍّ أخّاذ. قد تنسى، معه، ٱلمناسبةَ، وٱللحظةَ، وٱلمكانَ، وٱلزّمانَ، وٱلموضوع… وتستغرقُ في نشوةٍ تزهو بها، تُحَلِّقُ، تقتربُ بك من إشراقِ ٱلعبقريّة.

3- وفي ٱلزّوق أديارٌ ومَعابد، وقرب ٱلزّوق أديارٌ ومَعابد.. كم هي طيِّبةٌ خمورُها المُعَتَّقة ! وكم يدخلُ رنينُ أجراسِها وٱلنَّواقيس، في ٱلذّات، فتلحقُ بٱلسِّحرَيْن : سِحرِ الخمر: طيبًِا ، عِتْقًا وأثرًا ، وسِحرِ ٱلأجراسِ : إيقاعًا ، حنينًا وأثرًا… فإذا ٱلسِّحران وٱلأثران في تعبير أنطون : سِحرُ كلامٍ وسِحرُ إيقاع.

4- ولثقافة أنطون قازان ٱلعميقةِ وٱلشّموليّة، شرقيّةً وغربيّة، فَضْلٌ في حُسْن بَيانِه ومَتانةِ سَبْكِه. لقد كان ٱلمُبَرِّزَ في مدرستِه – مدرسةِ مار يوسف – عينطوره – وحلَّ ٱلأوّلَ في ٱمتحانات ٱلبكالوريا ٱلأدبيّة ٱلرّسميّة. وكان مُطالِعًا نَهِمًا، ومُحلِّلاً مُتَعَمِّقًا، ورائي جَمال… ما ٱنعكس في تعابيره وأسلوبه بجُملته. لقد كان، حقًّا، كيميائيَّ ٱللغةِ ٱلجَماليّةِ ٱلمؤثِّرةِ ٱلموحية.

5- يُضاف إلى هذه ٱلأسباب، طبيعةُ محيطِه، وكانت خلاّبة. أشجارٌ وأطيار. جداول وينابيع. نقاءُ أجواء، وصفاءُ فضاء، وبراءةُ نفوس. وهو: عينان لهيفتان بحثًا عن جَمالٍ يوحي، وقلبٌ سخيٌّ يتفجَّر آياتِ دفءٍ دفّاقٍ خيرًا… فإذا كلمتُه إيحاء، ومعانيه سَخاء، وأدبُه رجاء. أنطون أديبُ ٱلفرح وٱلرّجاء.

antoine- kazan 1

III- مَظاهر ٱلجَماليّة في أدبه

لا شكَّ في أنّ ٱلحقيقة ٱلجَماليّة مُثَلَّثةُ ٱلرَّكائز:

ألمبدعُ في ٱلمَقام ٱلأوّل. إنّه ٱلموهوبُ، ٱلمثقَّفُ، ٱلنّاضجُ، ٱلمسؤولُ، ٱلرّائي، ٱلدّائمُ اللارِضى عن عمله، توقًا إلى ٱلأفضل.

وٱلنَّصُّ، وهو وليدُ ٱلمبدع، صورتُه صوَر، معناهُ معانٍ، مُؤوَّلٌ بشكلٍ دائم، لحركته ٱلضِّمنيّة، وتَشَظّي فِكَرِه.

وٱلفنُّ ٱلكامنُ في ٱلمبدع وفي نصِّه. ألفنُّ هو ٱستخراجُ ٱلجَمالِ ٱلمَكنونِ في ٱلكائنات، مرئيِّها وٱلذِّهنيّ.

وهذه ٱلرّكائزُ تبقى هاجعةً، ساكنةً، ما لم يتسنَّ لها مُتَلَقٍّ يُفَتِّقها، ويستقدمها من ٱلغياب / ٱلعدم، ويقدّمُها إلى ٱلحضور / ٱلإشعاع.

إذًا، فٱلجَماليّةُ هي عند ٱلمبدع، أوّلاً، ثمّ في إبداعه، ففي ٱلفنّ نفسِه. لكنّها، وبصورة واضحة، عند ٱلمُتَلَقّي / ٱلمكتشِفِ / ٱلكاشفِ / ٱلمبدع بدوره. إنّه صائدُ جَماليّة ٱلنّصّ: لفظةً، فتعبيرًا، ففكرةً، فصورةً، فإيقاعًا، فرؤيا. ألإحساسُ ٱلجَماليُّ ؟ أن تشعرَ، من فَوْر رؤيتِك ٱلجَمالَ، وولوجِك معالِمَه، بٱلإحساس ٱلحميم، ٱلدّافئ، ٱلمريح، ٱلمُغْني. وأمام ٱلجمال، لا يمكنُ للمُتَلَقّي ٱلمرهَفِ، أن يكون حياديًّا. ألحياديّةُ برودةٌ أمام ٱلنّار. عُقْمٌ أمام ٱلخصوبة. ظَمَأٌ أمام ٱلينابيع.

وعى أنطون قازان هذا كلَّه، فكانت ٱلجَماليّةُ ٱلأسلوبيّة أرقى ٱلطُّرقِ إلى ٱلتّأثير وٱلإيحاء، أقصرَها إلى ٱلإقناع، أسرعَها إلى ٱلإمتاع. إنّ فكرتَه عن ٱلجَماليّة، جزءٌ من نظرته ٱلشّاملة إلى الحياة، وٱنعكاسًا لنفسِه ونفسيّته: فكرًا ووِجدانا. هي هذه، ديناميّةُ ٱلفنِّ بين ٱلمبدِع وٱلنّصّ وٱلمُتَلَقّي ٱلذّوّاقةِ ٱلمفتونِ ٱلعاملِ على نشر ٱلفتنة ٱلغائصةِ في ٱلنُّصوص.

لذلك أتقن أديبُنا ٱختيار مفرداتِه، منسجمةَ ٱلحروف، ما أدّى إلى جِرْسها ٱلعذب أو ألصّاخب، كلٍّ في موقعه، ففصاحتِها المميَّزة. وهذا، بدوره، أسْلَمَ إلى ٱنسجام ٱلألفاظ في ٱلتّعبير، كلمةً إلى كلمة، فتمّت ٱلبلاغةُ ٱلمتقَنةُ من دون صَنعة. ألفاظُه ؟ موحية، تَحيد عن قاموسيّتها إلى رؤيةٍ قازانيّة متفرِّدة. تُغني. توحي. توقِع في ٱنخطافٍ مُسْتَحَبّ، على معنًى عميق، جديد. “هذا ٱلولدُ ٱلإعصار، (ويتحدّث هنا عن ٱلشّاعر ٱلياس “أبو” شبكة) زاحت ٱلأرض تحته، كأنّه ٱنحدر من نجمٍ بعيد في ليلة قاسية، أو مرَّ في ٱندلاع بركان أو ساعة زلزال، إنّه جاء في خَلَلٍ كونيّ في أيِّ حال.” ويُضيف: “ما عرف ٱلحبرَ يومًا، بل كتب بدم وكبريت ونار، يَهُبُّ من حروفه على وجهك لفحُ طيب… غاص أبو شبكة في “ٱلأفاعي” إلى ٱلطّبقات ٱلغريزيّة ٱلمظلمة، وعاد منها بغضب مقدَّس.”(3) ما رأيُك بتعابيره: “ألولد / ٱلإعصار”، “زاحت ٱلأرض”، “كأنّه ٱنحدر من نجم بعيد”، “مرّ في اندلاع بركان”، “جاء في خَلَلٍ كونيّ”، “ألغضبُ ٱلمقدّس”…؟ أيُّ معنًى قاموسيّ جامد بقي لها ؟ إنّها ٱلمعاني / ٱلصّوَر / ٱلرّؤى… هي ذي جَماليّةُ أنطون قازان !

وعن “أبو” شبكة، بعد: “أبحر في ٱلحياة بمجاذيفَ من أجنحة… لقد خلا أدبُه من برودة ٱلتّماثيل، فهو أدبٌ حارٌّ، تكاد تحترقُ ٱلشّفاهُ على حروفه. وما أذكر مرّة أنّي فتحتُ كتابًا من كتبه، إلاّ وعدتُ أمسحُ ٱلدّمَ عن يدي. لقد تميَّز بأعجوبة ٱلنُّضج ٱلدّمويّ.”(4) إنّها ٱلجَماليّةُ ٱلجديدة اللاعلى مِثال. جَماليّتُه ذَوْبُ شخصيّتِه ٱلأنيقة، وروحِه ٱلأصيلة، ورؤاهُ ٱلنّبيلة. شخصيّتُه مثقَّفة. روحُه وثّابة. رؤاه خصيبة. وقد أذابَها في أسلوبيّة جَماليّة رقيقة، عذبة، موحية.

وصور ٱلبَيان، عنده، من ذاته تنبثق، من ثقافته تتفجّر، من روحيّته تُحَلِّق، بسيطةً، متقَنة، عفَويّة مشغولة، في ٱلتّعبير عنها تَوازُنٌ وتَوازٍ مُوَقّعان توقيعًا معنويًّا ولفظيًّا، شكلاً وجوهرًا. إسمعْه في ميخائيل نعيمه: “هو كجاره صِنّين، تكاد لَتدعوَه بٱلجبل لفرط ما هو صِنّين… بنى هيكلَه ٱلأدبيَّ من حجارة ٱلأرض وشدَّه إلى ٱلعلاء، كأنّه ٱهتدى إلى سلَّم يعقوب، فخطوةٌ في ٱلأرض وخطوتان في ٱلسّماء… كلماتُه حفرت في نُحاس ٱلأيّام، وأدبُه كما ٱلمَشاهدُ ٱلرّائعة، دليلٌ على وجود الله، لعلّه مُكافأةٌ لقومٍ يَضرَعون.”(5)

وبَلاغةُ قازان آسِرة، بل شديدةُ ٱلأسْر، حتّى باتت مضربَ ٱلمَثَل. لا يتدفّق كلماتٍ، إلاّ ليكون نحّاتَ جَمال، يُصلّي في ٱلحضرة. وهذه ٱلجَماليّةُ تحقيقُ ذاتِه ٱللطيفةِ، ٱلشّفيفة. إنّها جزءٌ من كِيانه، وليست ترفًا.

أنطون قازان يُلبسُ كلَّ حالةٍ لَبوسَها. هاكَه يصف (ديب) ٱلعاملَ في مقهى (ٱلحاج داود) ٱلبحريّ: “يُطِلُّ عليك ديب بقامته ٱلمديدة وقميصِه ٱلأزرق، فيروح ويجيء ويَميل حولك بيدَيْن كٱلمجاذيف، وقَدَمَيْن كٱلصَّواري…”(6) وعن فؤاد سليمان: “هذا ٱلمُتَمَلْمِلُ، ٱلمُنتفِضُ، ٱلرّافضُ، ٱلصّارخُ، ٱلنّاقِمُ، ٱلمُلِحُّ، مُقلِقُ جِوار.”(7)

إنّه ٱلكيميائيُّ ٱللغويُّ ٱلبارِع. يعرف كيف يُنَزِّل كلماتِه مُتَنَخَّلَةً بٱلذّوق ٱلمصقول، مغسولةً بأشعّة ٱلمعاني، مؤتلِقة بٱلرّؤى ٱلمفتوحةِ على ٱلمدى، أنيقةَ ٱلصُّوَر، ناضجةَ ٱلفكر، بعيدةَ ٱلمرمى، عميقةَ ٱلتّأثير، غنيّةَ ٱلإيحاء.

يُطنب حيث الفائدة. يساوي لاقتضاء ٱلضّرورة. يوجز حيث ٱلشِّعريّةُ جسرُ عبور إلى ٱلمُتَلَقّي ٱلمدهشِ ٱلتقاطَ ٱلإيحاءات. أوَليست ٱلقدرةُ ٱلبلاغيّة، في ٱلأدب، عبر ٱعتماد قاعدة “لكلّ مَقام مَقال” ؟ وأنطون، عبر هذا، يوضح شارحًا، ويوضح مُبْلِغًا، ويوضح موحِيًا. ألإيضاحُ لا ٱلتّعمياتُ أُسُسُ بُنيانِه ٱلأدبيّ. وٱلإيحاءُ ركيزةٌ في هذه ٱلعَمارة. إنّ ٱلوضوحَ لا يعني ٱلثّرثرة، وٱلإيحاءَ لا يعني ٱلتَّعمية. فٱلجمال، إذًا، قولٌ واضحٌ، موحٍ، مُوَشّى بزغردات ٱلنًّفسِ، وٱنطلاقاتِ ٱلخيال.

لا يعني هذا أنّه بعيدٌ عن ٱلبديع، لكنّه قريبٌ بمقدار ٱلبساطة ٱلأنيقة ٱلنّابضة، يقول، مثلاً: “يا بائعَ ٱلورد تنادي على ٱلورد وتغضب إذا أتاكَ ٱلشّاري… فإنْ فاتك ربحُه ما فاتك ريحُه.”(8) أنظرْ إلى هذَيْن ٱلطّباقَيْنِ وٱلجناس، في ٱلتّعبير ٱلواحد، ومثلُهما كثير عنده، أليسا عفَويَّيْن، طبيعيَّيْن، بسيطَيْن، ولكن في غاية ٱلجَمال، ومنتهى ٱلعذوبة، ودهشة ٱلإيقاع، وبلاغة ٱلإيحاء ؟ إنّك لَتكاد ترى ٱلبائعَ ووردَه، وترى ٱلبائعَ وتسمعُه، وترى ٱلوردَ وتشمُّ طيبَه ! إنّه تَداخُلُ ٱلحَواسّ، وتَكامُلُها، وانسجامُها ، وتَناغُمُها، في تعبير واحد خِصب.

vector poet

IV- خلاصة

يقول أنطون قازان، عن كتاب أمين نخلة ٱلمميَّز (ألمفكّرة ٱلرّيفيّة)، إنّه “كتابٌ به تُداوى ٱلبَشاعة”(9). مثلُ هذا ٱلمعنى يقال فيك يا أنطون ! فأدبُك، كلُّه، دواءٌ للبَشاعة. ومثلُ هذا ٱلمعنى، بعد، من نفسيّتك المُحِبَّةِ، ٱلذّوّاقةِ، قطفتَه. هي نفسيّتُك المُشرِقةُ، منها ٱستوحَيْتَ معانيَك وٱلأسلوب.

حقًّا ! إنَّ أدبَ أنطون قازان هو ٱندغامُ ٱلجَماليّةِ: نفسًا، وِجدانًا، صُوَرًا، معانيَ وأسلوبًا… بطريقةٍ نَدَرَ مثيلُها.

أخيرًا، أُعيدُ فيك، يا أنطون، قولَك في فؤاد سليمان: “حَسْبُكَ أنّنا، لشهامات عمرِكَ، بتنا نؤثر ٱلعمرَ ٱلقصير!”(10)

                                      ****                                                 

(* ) أُلقيت في جامعة سيّدة اللويزة – زوق مصبح، في الثّاني من نيسان 2009، في ندوة دعت إليها “جمعيّة أهل ٱلفكر”.

إشارات

  1. ألمنجد في ٱللغة وٱلأعلام – ألطّبعة ٱلثّامنة وٱلعشرون – 1986 – ص 102.
  2. أدب وأدباء – ألجزء ٱلأوّل – ٱلأهليّة للنّشر وٱلتّوزيع – بيروت – 1974 – ص 250.
  3. م.ن. ص 222.
  4. م.ن. ص 236.
  5. م.ن. ص 214.
  6. م.ن. ص 229.
  7. م.ن. وٱلصّفحة أيضا.
  8. أدب وأدباء –ألجزء ٱلأوّل – دار ٱلمراد – بيروت – 1998 – ص 175.
  9. م.ن. ص 125.
  10. م.ن. ألجزء ٱلثّاني – ص 75.

اترك رد