البروفسور الأب يوسف مونس
الوجدان La Conscience لا يكون وجداناً الا اذا كان وجداناً لشيء ما.
La Conscience est toujours Conscience de quelque chose
اي انه قادر ان يخرج من ذاته ليعطي معنى لوجود آخر اكان ذلك بالحب او بالبغض.
بالحب يتراقى ويتسامى. وبالبغض يتدمر وينعدم. الوجدان المغلق المسكر المطبق الاقفال هو عدم وموت وجودي. انها نظريات المظهرية: La phinomenologie العزلة La solitude ليست عزلة بقدر ما هي حضور لهذا الآخر المائي وجودي والمعطي المعنى لحب حياتي والجمال لمصيري. الانفراد Isolement انغلاق وموت. انه تسكير على منافذ وابواب اللقاء والتبادل والحوار وتبادل الوجدانات والحضور…. La receprocite des Consciences.
عندما احب او ابغض فانني احب شيئاً ما او شخصاً ما فهذا فعل وجودي لي وللآخر. وكذلك عندما ابغض او اكره فانني احب او اكره شيئاً ما او شخصاً ما. انا اما مدينة الحب او مدينة الطاعون.
المهم ان لا اكون في الغياب او الغيبوبة او في اللامبالاة واللهو الوجودي او الهزل الكياني.
انا احب او اكره اذاً انا موجود انا في الهزل واللهو والمسخرة «والتقريف» انا غير موجود انسانياً بل انا كائن حيواني بيولوجي عائش اكل واشرب واقضي فقط حاجات جسدي وليس عقلي وقلبي وشعوري واحساسي.
(نهر المعاني)
اعيش فقط في غرائزية حيوانية او حياتية لا تخصب او تعطي اي معنى وجودي. الانوجاد فعل كياني كامل في الذات. العيش فعل بيولوجي لاستمرار الانا في الحياة وعدم الموت.
الكينونة او الانوجاد فعل ولادة المعاني من احشاء اللقاء ورحم تبادل الشعور والاحساس عندما تبتسم تعطي معنى. عندما تصمت تولد مفاهيم. عندما ترحل تخصب السؤال والجواب. عندما تشير بيدك او اصبعك او بجفنك فانك تحكي لغة تفجر صمت الاشياء وتجعل نهر المعاني يهدر ويجري ويتلاقى كما يقول: Theillard de chardin كل ما يتراقى يتلاقى Tout ce qui monte converge.
(لا جواب في جثث الاموات)
لا جواب في جثث الاموات ولا معاني تهدر الا من خصوبة ينبوع الوجدانات الحية المتعاطفة والمتبادلة. الاموات لهم طقوسهم الجنائزية Les rites cadavriques التي هي بحد ذاتها طقوسية رحيل وفراق ومواعيد لقاء حتى بعد احجار المقابر وختم تراب المدافن. انها طقوس تهدئة وعزاء للاحياء اكثر مما هي طقوس تعلق بالموات والراحلين المنتشلين. لهم الراحة الدائمة والنور الابدي سيضيء لهم انفسهم سترتاح بسلام برحمة الله والسكينة الدائمة.
(معنى الدعاء للاموات )
هنا يأخذ الدعاء للاموات وطلب الراحة الدائمة لهم كل معنى الرجاء واللقاء والامل والعزاء والسلام باستعاضة عن هذه الدنيا، بدنيا اخرى وعالم آخر هو فيض من رحمة الله وحقيقة من قيامة الابن البكر الحبيب.
بكر الراقدين وبكر القائمين وهو بديل دائم عن هذا العالم ولذاته الفانية الزائلة.
جدلية الثابت والزائل تتجلى هنا في كامل صيرورتها. الثابت الازلي السرمدي الابدي المطلق هو الله والمتحول الزائل العائش الصيرورة والتغير والرحيل والانتقال والتبدل هو الانسان من ترابيته الى تألقه بالبقاء عند امله. هذا هو الرجاء والاستعاضة والترميم لوجود يتكسر وينعطب ويتحول بالعماد وموهبة الروح القدس وقوة روحه.
هذه العلاقة في وجودهم وبقائهم في الحب الالهي ام في نار العذابات المطهرية ام في الامهم في نار جهنم عاشها ورآها واختبرها العديد من القديسين وكانت الكنيسة التي تبحث مؤخراً بلدة القصيبة في المتن الاعلى على اسم القديسة Veronica Juliani شاهداً حياً على ذلك.
ونحن كما قال الفيلسوف Augreste Conte نعيش مع الاموات اكثر مما نعيش مع الاحياء.
Nous vivons beaucoup plus avec les morts qu’avec les vivants
نعيش مع الغائبين وهم حضور لاهب مينا اكانوا في سفر او في رحيل او في مرض او بعاد او في موت الغياب هو شوق الحضور المتوهج فينا تذكاراً وحنيناً وانتظاراً على ابواب القلب وابواب البيت. كل شيء يذكر بالغائبين بعض المقاعد، بعض الثياب بعض المآكل بعض الكلمات…
لا يقتل النسيان شيئاً من حضور الوجدان الملتصق بحضور الغياب
ولعل الغياب او الفراق احياناً اقسى وامر من الحضور وعذاب الالتصاق.
وعذاب الوجود كما يقول ليبنز Leibniz ككيانات منعزلة ومعزولة «موناد» Monade تتجاور وتتواجد كحجارة الشطرنج او كبحص الداما او الطاولة او ككرويات البليارد تتصادم وتتلاطم وتدفش بعضها البعض للسقوط في قداويح خشبة البليارد…