البروفيسور نيل بوكس لـ “القبس”: حرق شمسي واحد يطلق شرارة الإصابة المحتملة
البروفيسور نيل بوكس
له أبحاث واكتشافات في مجال المتغيرات الوراثية المسببة للون الشعر الاحمر بالاضافة الى أبحاث حول سرطان الجلد. هو أستاذ وباحث ومحاضر في قسم أبحاث الهندسة الوراثية والامراض الجلدية في جامعة دنفر بكولورادو، حائز دكتوراه في الهندسة الوراثية من جامعة كوينزلاند الأسترالية، ومتعمّق في دراسات ما بعد الدكتوراه في «كلية بايلر للطب» بهيوستن- تكساس. هو كذلك مؤسس مؤسسة كولورادو للميلانوما التي تعنى بتوعية الرأي العام حول خطورة هذا السرطان والوسائل الكفيلة بدرء أخطاره. القبس تواصلت مع البروفيسور نيل بوكس في مختبره لأبحاث الهندسة الوراثية في دنفر للوقوف على أسباب هذا السرطان وعوارضه وسبل الوقاية منه في الكويت المعرّضة لموجات من الحرّ وارتفاع في درجات الحرارة خصوصاً في شهر الصيف وعادت منه بنصائح ومعلومات قيمة.
ما هو مرض سرطان الجلد أو «الميلانوما»؟
الميلانوما مرض جلدي خطير سببه التعرّض المكثف لأشعة الشمس. تُحدث هذه الأشعة تعديلاً في الحمض النووي لخلايا البشرة، فتبدأ عملية تحويلها الى خلايا سرطانية. وحين تحصل هذه التعديلات المذكورة في الصبغة المنتجة للخلايا والمعروفة علمياً بالـ «ميلانوسيت» قد تتكاثر هذه الصبغة بشكلٍ لا تمكن السيطرة عليه. وعندما يبدأ سرطان «الميلانوما» بالنمو ينتشر في الجسم وصولاً الى مجرى الدم ليتغلغل من بعده الى أعضاء أخرى في الجسم بما فيها الدماغ، الكبد والرئتان وغيرها. وعندما يتجذّر في الجسم يصبح الموت حتميا لا هروب منه.
هل الشمس هي المسبّب الوحيد لهذا السرطان؟
نعم، إن التعرض لأشعة الشمس لفتراتٍ طويلة هو المسبب الوحيد المعروف لهذا النوع من السرطان. وننصح هنا الناس في الكويت بتفادي التعرّض لأشعة الشمس لفتراتٍ طويلة، كي لا يصابوا بحروق لأن هذه الأخيرة ترفع من مخاطر الاصابة بسرطان الجلد لاحقاً. ونشير هنا الى أن خطورة الإصابة بالميلانوما تختلف من شخصٍ الى آخر وفق لون البشرة وقدرتها على تحمل الحروق أو حتى السمرة، وكذلك وفق عدد الشامات التي يملكونها. وعادة ما تكون خصائص البشرة الجينية لكل شخص محددة، لذا يكون احتمال الاصابة بالميلانوما محدداً على المستوى الجيني، ولكن ثمة جينات تشير الى احتمال الاصابة لا يرد ذكرها ضمن الخصائص الصبغية. الأمر الآخر المهم هو أنّ أشعة الشمس تؤدي أيضاً للاصابة بسرطاناتٍ جلدية أخرى أكثر شيوعاً من الميلانوما مع أنها أقل فتكاً، ولكنها قد تتطلب جراحات مشوّهة لإزالتها. كما للشمس انعكاسات سلبية على صعيد تسريع عملية الشيخوخة وينطبق ذلك على الجميع بغض النظر عن لون بشرتهم أو خصائصها. فالتعرض لأشعة الشمس لفترة طويلة يؤدي الى التجاعيد وترهل البشرة التي تفقد مرونتها، لذا أفضل طريقة للحفاظ على شبابٍ دائم هي العناية الدائمة بالبشرة.
نقص المعلومات
هل تصيب «الميلانوما» الصغار أكثر من الكبار أو النساء أكثر من الرجال؟
في الولايات المتحدة يشكّل «الميلانوما» سادس أكثر السرطانات فتكاً، وهو من أكثر أنواعه شيوعاً خصوصاً بين النساء في الثلاثين وما دونه. نادراً ما يصاب الاطفال بسرطان الجلد الذي تزداد نسبة الاصابة به في الثلاثين وتصل الى ذروتها في الستين او السبعين. ما من معلومات فعلية متوافرة حول هذا المرض في الكويت والبيانات الموجودة لدى الاتحاد الدولي لأبحاث السرطان حول سرطان الجلد في الكويت وفي بلدان الخليج غير وافية في هذا المجال خصوصاً أنّ لا وجود لأبحاث حقيقية حول هذا الامر لدى مجموعات واسعة من السكان في المنطقة، ما قد يشير ومن دون أي شك الى ان عدد الاصابات في هذه البلدان أقل بكثير من تلك المسجلة في الغرب. ولكن المثير أن ثمة دراسة أشارت الى ارتفاع معدل الاصابة بهذا السرطان لدى الجاليات العربية المهاجرة في كاليفورنيا مقارنة بالمعدلات المسجلة في الشرق الاوسط حيث التعرّض للشمس أكبر بكثير.
هل هو مميت فعلاً؟
تنقسم مستويات الاصابة بالميلانوما الى مستويات أربعة. المرحلة الاولى غالباً ما تكون بداية للسرطان في مراحله الاولى ولا تتوجب الا عملية استئصال محلية مع انعدام خطر الموت الى حد كبير. المرحلة الثانية منه قابلة للشفاء كذلك، رغم انتشار المرض بشكل أوسع. ولكن ما ان يمتد هذا السرطان الى الغدد اللمفاوية حتى ينخفض معدّل الحياة الى ما دون الـ%40. أما في المرحلة الرابعة فتنخفض نسبة الحياة الى حوالي 15 الى %20، لذا من المهم اكتشاف هذا السرطان في مراحله الأولية لضمان البقاء على قيد الحياة بعد الاصابة.
ما الاعراض التي ينبغي التنبّه اليها؟
بما أن التعرف الى هذا السرطان أمر بالغ الاهمية، وضعت إرشادات دقيقة حول كيفية التعرف إليه بفحص ذاتي. يظهر «الميلانوما» على الجسم كشامةٍ تكبر أو تتغيّر شكلاً مع مرور الزمن. وفيما لا تطرح غالبية الشامات أي خطر يذكر فإن بعضها قد يتحوّل الى سرطاني، لذا يفضل مراقبتها عن كثب باستمرار. وغالباً ما يكون حجم الشامات 6 سنتيمترات أو أقل وقد يكون شكلها دائرياً ولونها بنياً، وقد تتواجد في أماكن مختلفة من الجسم وحتى تحت الاظافر، راحة اليدين، وفروة الرأس والجهاز التناسلي، وقد تم تقسيمها ضمن فئات أربع أ، ب، ج، د. ويمكن التعرف إلى أشكالها وأنواعها وفق الجدول المرفق.
مراحله والعلاج
هل يمكن لاختصاصية البشرة في صالون التجميل معالجته؟
في الولايات المتحدة نعلّم صالونات التجميل كيفية التعرف إلى الاشكال الخطيرة منها، بحيث يتم تحويل الشخص الى الطبيب المختص للاهتمام بالموضوع طبياً. ولا شك في أن مراجعة طبيب الجلد هنا أمر أساسي، فهو الملم بالأمر وبخطورته وبوسائل العلاج الضرورية ولا ينبغي الاستخفاف بهذا المرض بحيث نلجأ الى اختصاصية التجميل بدلاً من الطبيب.
هل يمكن الشفاء منه بسرعة؟
حسب مرحلة السرطان. ففي المرحلة الاولى تكون نسبة البقاء على قيد الحياة %95، وتنخفض هذه النسبة مع التقدم في المراحل، لتصل كما قلنا أعلاه الى %15 وتختلف العلاجات وتتعدّد وفق المراحل كذلك. ففي المرحلة الرابعة مثلاً يكون العلاج مكثفاً وقد تخف فعاليته. ولا شك في أن الزيارات الدائمة الى طبيب الجلد تصبح إلزامية منذ اللحظة الأولى لاكتشاف الاصابة.
هل يؤثر لون البشرة في نسبة الاصابة؟ هل الخطر هو نفسه للسمراء كما للشقراء؟
لون البشرة عنصر فاعل في الاصابة. يكون ذوو البشرة الفاتحة عادةً أكثر عرضة لأنواع سرطانات الجلد المختلفة. كما أنّ الاختلاف بين واقعي احتراق البشرة مقابل سمرتها بعد التعرّض للشمس يؤدي دوراً كبيراً في الاصابة. ويرتفع احتمال الاصابة بسرطان الجلد لدى من يحترقون باستمرار من دون اكتساب سمرة. وبما أن معظم الناس في الشرق الاوسط والعرب عموماً ذوو بشرة داكنة أو مائلة الى السمرة، فهم أقل عرضة لهذا السرطان من ذوي البشرة الفاتحة والشعر الاشقر أو الاحمر الذين غالباً ما يحترقون بسرعة عند تعرّضهم للشمس. ولكن فيما تنخفض نسبة الاصابة في الشرق الاوسط، لا يعني ذلك أن سكان الخليج العربي بمنأى عن انعكاسات أشعة الشمس المؤذية. وبما أن أشعة الشمس ما فوق البنفسجية قادرة على تعديل الحمض النووي بشكل كبير، فإنّ هذا الواقع وحده يجعل فرضية سرطان الجلد خطراً قائماً وخطيراً، وقد يؤدي مع الوقت الى تجارب غير حميدة.
ما أفضل طريقة للحماية من هذا المرض في الكويت؟
أسهل طريقة هي الحماية من الشمس، واعتماد روتين آمن في هذا المجال. عندما نكون في الخارج مثلاً علينا أولاً أن نتعمّد البقاء في الفيء، بدلاً من القبوع في الشمس لفترات طويلة. ثانياً، علينا استخدام قبعة للشمس ونظارات فاعلة وثياب مضادة للشمس، بحيث تمنع تسرب أشعتها الى الجسم. كذلك ينبغي استخدام كريمات الوقاية وفق الإرشادات المتوافرة. مثلاً ينبغي وضع الكريم قبل 10 دقائق من التعرّض للشمس مع تكرار هذه العملية كلّ ساعتين. الكريم الواقي من الشمس يحمي بشكل كبير شرط استخدامه بالشكل المطلوب، وعدم نسيان ضرورة تكرار العملية بين الفينة والاخرى. كذلك أنصح بتفادي التعرض للشمس في منتصف النهار، أي بين الحادية عشرة صباحاً وحتى الثالثة من بعض الظهر، لما في الأمر من خطورة بالغة، فأشعة الشمس في تلك الفترة تصل الى سطح الأرض بسهولة أكبر وبشكل أسرع.
هل أفضل الكريمات هي تلك التي تشير الى حماية بمعدل 50+ مثلاً؟
يفضّل استخدام الكريمات ذات الوقاية العالية. الحد الادنى من الحماية المطلوبة تكون بمعدل 30+، وأنصح كذلك باستخدام كريمات مرطبة وواقية مخصصة للشفتين. وأفضل تلك المحتوية على الزنك أو أوكسيد التيتانيوم، وإن كان سعرها أعلى من الأصناف الأخرى، وقد برهنت عن نتائج مذهلة للأطفال والراشدين على السواء.
هل من عاملٍ جيني يمنع اصابة البعض بهذا المرض، بينما يحفز اصابة البعض الآخر به، هل يمكن مثلاً أن نتعرّض للشمس بشكل مكثّف من دون الاصابة بهذا المرض؟
كما قلت سابقاً ما من شخصٍ محمي من سرطان الجلد مهما اختلف لون البشرة. فان اصابة واحدة بالحرق في الطفولة كفيلة باطلاق شرارة الاصابة بهذا السرطان في مرحلة لاحقة من الحياة. صحيح ثمة خصائص جينية لدى ذوي البشرة الداكنة تحمي من الاصابة بهذا المرض أكثر من ذوي البشرة الفاتحة، ولكن ثمة خصائص جينية أخرى لهذا المرض لا تتعلق بتاتاً بلون البشرة، لذا الاعتماد على أي تقييم من منطلق لون البشرة هو تحليل خاطئ علمياً، واستمرار التعرّض المكثف للشمس يزيد من المجازفة بالاصابة.
ما العلاجات المتوافرة في حال الاصابة؟
لسنوات خلت ما كان عندنا أي علاجٍ يذكر للمصابين بهذا السرطان في مراحله المتقدمة، وكانت نسبة النجاة لخمس سنوات بعد الاصابة لا تتعدّى الـ %5 الى %15، ولكن في عام 2011 تم طرح علاج جديد يحمل اسم Zelboraf، وظيفته الاساسية كبح نشاط التعديل الأكثر شيوعاً والمحفز لنمو هذا السرطان. العلاج المناعي immunotherapy هو المقاربة الثورية الثانية المعتمدة اليوم لمحاربة هذا السرطان. وثمة نوعين من الأدوية هنا Yervoy Ipilimumab و Opdivo Nivolumab وهما يعملان على كشف خلايا السرطان أمام جهاز مناعة المصاب، بحيث يتمكّن هذا الجهاز من الانقضاض عليها. زادت فرص النجاة لدى عدد كبير من المصابين بهذه الادوية علماً بأنّ ثمة حالات يعاود فيها السرطان الى الظهور.
إلامَ تعزو غياب التوعية الفاعلة حول سرطان الجلد في العالم والكويت خصوصاً؟
معدلات الاصابة بسرطان الجلد أقل بكثير من تلك المسجلة بشأن سرطان الثدي، ولكن ذلك لا يعني أنه أقل خطورة. واذا جمعنا أنواع أمراض الجلد المختلفة الناجمة عن الشمس لوجدنا أن السرطانات المتعلقة بالجلد هي الأكثر شيوعاً. وقد بدأ المجتمع الدولي يدرك خطورة هذا الموضوع؛ ففي أستراليا والغرب مثلاً حملات التوعية حول هذا السرطان مكثفة. لم نشهد توعية كافية حول الموضوع في البلدان العربية بعد، رغم ان الزيّ التقليدي العربي يشير الى ادراك العرب لضرورة الوقاية من الشمس وتفادي حروقها. لقد تأقلم الخليجيون والعرب عموماً مع الشمس بشكلٍ مذهل، ولكنهم يفتقرون الى الأبحاث المعمقة حول انعكاسات الشمس على حياتهم اليومية وصحتهم. وبينما تهدف حملات التوعية الى انقاذ حياة الافراد، فإن فوائدها أوسع بكثير؛ فالمجتمع الواعي والمثقف يحصد نتائج أفضل بفضل خياراته الصائبة.
افحص سرطان الجلد.. خريطة شامات الجسم
اتبع هذه التعليمات عن طريق فحص الجلد
-1 أبجدية سرطان الجلد
عن ماذا نبحث؟
يمكن لسرطان الجلد أن يتطور في أي مكان في الجلد، وهو من أنواع السرطان القليلة التي يمكن أن ترى برؤية العين. اطلب المساعدة من أي أحد عند فحص الجلد، خصوصاً في المناطق التي يصعب رؤيتها، وإذا ما رأيت شامة أو خالاً في الجلد تختلف عن الآخرين أو أنها تتغير أو تجعل الجسم يتطلب الحك، أو تنزف (حتى وإن كانت صغيرة الحجم)، فعليك مراجعة طبيب الأمراض الجلدية.
عدم التناسق: النصف لا يشبه النصف الآخر.
الأطراف: غير منتظمة أو غير محددة.
اللون: يختلف من منطقة إلى أخرى، ودرجات من اللون الداكن أو البني أو الأسود، أو أحياناً الأحمر أو الأبيض أو الأزرق.
القطر: على الرغم من أن الورم القاتم اللون عادة ما يكون أكبر من 6 ملم (حجم مساحة قلم الرصاص) عند تشخيصه، فإنه قد يكون أصغر.
التطوّر: الورم، أو القرحة الجلدية، يكون مختلفاً عن بقية الجلد، أو أنه يتغير من حيث الحجم والشكل واللون.
2- الفحص الذاتي لسرطان الجلد
كيف يمكنك فحص النقاط؟
فحص الجلد يعني مراقبة كل النقاط في جسمك من الشامات إلى النمش إلى البقع المرتبطة بالسن. تذكر أن بعض الشامات لونها أحمر أو أسود أو حتى أزرق. وإذا لاحظت أي نوع من التغيير في إحدى البقع، فعليك مراجعة طبيب الأمراض الجلدية.
1- افحص الجسم من الأمام إلى الخلف عن طريق المرآة، وبعدها من اليمين إلى اليسار والجانبين مع رفع الذراعين.
2- احن الكوعين وانظر بدقة إلى مقدمة الذراعين وخلف الذراعين الأعلى والكفين.
3- انظر إلى خلف الساقين والقدمين والمسافات في ما بين أصابع القدمين وأسفل الرجلين.
4- افحص خلف العنق، وفروة الرأس بمرآة تمسك باليد.. افرق الشعر وارفعه.
5- وأخيراً، افحص الظهر، والردفين بمرآة تمسك باليد.
عن ماذا نبحث؟
يمكن لسرطان الجلد أن يتطور في أي مكان في الجلد، وهو من أنواع السرطان القليلة التي يمكن أن ترى برؤية العين. اطلب المساعدة من أي أحد عند فحص الجلد، خصوصاً في المناطق التي يصعب رؤيتها، وإذا ما رأيت شامة أو خالاً في الجلد تختلف عن الآخرين أو أنها تتغير أو تجعل الجسم يتطلب الحك، أو تنزف (حتى وإن كانت صغيرة الحجم)، فعليك مراجعة طبيب الأمراض الجلدية.
*****
(*) جريدة القبس الكويتية 1- 5- 2016