في الحادي عشر من أيلول 2001 قام تنظيم القاعدة بتنفيذ سلسلة هجمات انتحارية في قلب الولايات المتحدة الأميركية مما أدى إلى سقوط الآلاف من الضحايا والجرحى وتدمير عدد من المباني والمؤسسات، وكان هذا أول هجوم عسكري داخل الولايات المتحدة الأميركية منذ الهجوم على “بيرل هاربر” والذي شنه الجيش الياباني خلال الحرب العالمي الثانية الذي أدى لدخول أميركا في هذه الحرب وإلقائها قنبلتين نوويتين ضد اليابان مما أدى لاستسلامها وفوز أمريكا وحلفائها في الحرب
لكن بعد مرور 12 سنة على أحداث 11 أيلول 2011 لم تنته التنظيمات الإسلامية المتشددة، بل أن تنظيم القاعدة انتشر وتوسع في العديد من الدول العربية والإسلامية والغربية، ووصل إلى دول لم يكن وصلها سابقاً (كسوريا ومالي وتونس…).
وقد أدت التطورات في العراق (ما بعد الاحتلال الأميركي) والأزمة السورية الأخيرة إلى تحول هاتين الدولتين إلى مركز رئيسي لتنظيم القاعدة والمجموعات الإسلامية المتشددة أو التكفيرية، بحيث بتنا نشهد يومياً عدة تفجيرات في العراق تطال المدنيين والمساجد والحسينيات وزوار المقامات وتطال السنة والشيعة والمسيحيين على حدٍ سواء.
وفي سوريا انتشرت المجموعات الإسلامية المتشددة ومنها تلك التابعة لتنظيم “القاعدة” أو المتأثرة بتنظيم “دولة الإسلام في العراق” أو تلك التي تحمل أسماءاً أخرى، وإذا استمر الصراع في سوريا فسيزداد دور هذه التنظيمات حضوراً وخطورة.
كما امتد نشاط بعض التنظيمات الإسلامية المتشددة إلى لبنان ودول أخرى كليبيا وتونس والجزائر ومصر. مما يعني أن أميركا وحلفاءها لم تستطيع إنهاء تنظيم القاعدة بعد مرور 12 سنة على أحداث 11 أيلول وخوضها لحربين كبيرتين في أفغانستان والعراق، والتهديد بخوض حرب جديدة في سوريا وبعد الحرب على مالي واستمرار الصراع في اليمن والصومال والدول الأخرى دون أن تحدّ من خطورة انتشار وتوسع نفوذ هذا التنظيم التكفيري في المنطقة والعالم.
أما عن الدور الأميركي في العالم والمنطقة، فمن الواضح أنه شهد تراجعاً كبيراً ما بين عام 2001 والعام 2013 والدليل على ذلك ما جرى مؤخراً على صعيد الأزمة السورية والتهديد الأميركي بالقيام بحرب جديدة ضد سوريا ثم التراجع عن ذلك وعودتها للخيار السياسي.
إذاً فإن الخريطة الدولية والإقليمية تتغير، والعالم اليوم لم يعد كما كان عليه بعد أحداث 11 أيلول 2001، وقد يشهد العالم في السنوات المقبلة متغيرات جديدة، فيما الحروب والصراعات لم تنهي التطرف بل زاد وقوي، كما اشتدت الصراعات المذهبية والعرقية والإثنية ضراوة. إزاء كل ذلك يحتاج العالم اليوم إلى مقاربات جديدة لمعالجة الأزمات الدينية والسياسية والاجتماعية، ولم تعد الخيارات العسكرية والأمنية كافية لمواجهة التطرف والإرهاب وإنهاء الأزمات، ولا بد من حصول جهود دولية متكاملة والعمل لإجراء مصالحات وتفاهمات دولية وإقليمية لإنهاء العنف والظلم في المنطقة، وأن استمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين وما تقوم به أميركا من مظالم في العالم وعدم حصول العدالة في المنطقة، وفشل التجارب الديمقراطية، واستمرار الأنظمة الفاسدة والظالمة، كل ذلك سيوّلد المزيد من القهر والتطرف والعنف. فهل نحتاج إلى ميثاق دولي جديد؟ أو مؤسسة دولية جديدة؟! في الحقيقة نحتاج اليوم للعودة إلى الأديان والمذاهب بحقيقتها وليس بصورها الحالية وهناك الكثير من الأسئلة التي ينبغي طرحها اليوم بعد مرور 12 سنة على أحداث أيلول 2011 لنبحث عن طريق حوار حقيقي يوقف العنف العبثي من أي مصدر أتى؟
*****
(*) مقدمة المفتطف الإعلامي الصادر عن “مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر للدراسات والبحوث”