كَتَبْتُــكِ بَيْـــروتْ

نَدى نعمه بجّاني

(شاعرة- لبنان)

nada 111

غَزَلْتُ لَكِ أَنْهارًا مِنْ سَوْسَنْ، وَأَسْرابَ حَمامٍ تَحْمِلُ بمَناقيرِها مَشاعِلَ البَخّورِ وَعُقودًا مِنْ ياقوتْ
بَيْروتُ زَخْرَفْتُكِ بِعِشْقي.. مَدينَةَ شِعْرٍ لا تَموتْ
عَلى قَدَمَيْكِ رَقَصَ اللَّيْلُ، أَلْبَسَكِ ضَوْءًا مِنْ قَمَرٍ، وَانْتَشَتْ بِرائِحَةِ مَدِّكِ عَواصِمُ الوُجودْ.
***
كَتَبْتُكِ حَبيبَتي! زَهْرَةً تَخْتالُ فَوْقَ أَرْصِفَةِ الخُلودْ
تَزُفُّكِ باقاتُ الزَّنْبَقِ وَأَوْتارُ القُلوبِ،
وَعُيونٌ تَنْشُدُ مِنْ عَيْنَيْكِ نَضارَةَ الزُّمُرُّدِ،
وَشاعِرٌ مِنْ فُرْسانِ المَعَرّيّ أَحْرَقَ أَصابِعَهُ في لَيْلِكِ،
وَصَبَّ عَلى مُحَيّاكِ أَكْأُسًا مِنْ ماءِ الجُلْمود.
***
آتيكِ يا بَيْروتْ..! وَأَنا المَشْغوفَةُ بسِنينَ وَعُهودْ
وَتَنَفُّسي روحُ العَنْبَرِ المُفَتَّتِ،
وَذِكْرُكِ رُؤًى تُؤْنِسُ هَجْعَتي
حَفَرْتُ مَلامِحَكِ عَلى جُدْرانِ الرّوحْ،
وَأَخْفَيْتُ فيكِ مَعالِمَ قَلْبي،
في المَقاهي العَتيقَةِ، في الدّاراتِ وَالبُيوتْ،
في أَراجيحِ الصِّغارِ وَكَعْكَةِ الصَّعْتَرِ
في حَدائِقِ الصَّنَوْبَرِ وَصَوْتِ فَيروزْ،
في طَوابيرِ السَّيّاراتِ وَطَلَقاتِ البارودْ
آمَنْتُ بِكِ مَنارةً لِلْمُتَعَطِّشِ، وَمَلاذًا لِلْمُتْعَبِ، وَعُنْوانًا لِلصُّمودْ.
***
بَيْروتُ أَوَ تَعْلَمينَ يا حُلْوَتي؟
أَنْتِ الجَميلَةُ.. لا بَلْ أَنْتِ الأجْمَلْ
أَنْتِ قِطْعَةٌ مِنْ مَلَكوتٍ سَقَطَتْ عَلى الأَرْضِ سَهْوًا،
أَنْتِ الصَّباحُ المُؤْذِنُ بالأَمَلْ،
أَنْتِ الفَجْرُ أَنْداهُ وَجْهُكِ، فَأَسْكَنَكِ حِضْنَ غَيْمَةٍ قِرمِزيِّةِ الخُدودْ
أَنْتِ السَّكينَةُ، أَنْتِ الصَّخَبُ، أَنْتِ الهُدوءْ
أَنْتِ وَشَعْرُكِ المُضَفَّرُ بِأَزْرارِ الفُلِّ،
وَجيدُكِ المُزْدانُ بِاللُّؤلُؤِ،
وَالقِرطانِ المَرجانُ،
وَالخَمْرُ المَعْقودُ فَوْقَ شَفَتَيْكِ،
نِبْراسُ أَقْلامٍ تُدَوِّنُ مُشْتَهاها مِنْ مِدادِ الذّاتِ بِلا حُدودْ.
***
أَنْتِ دَمُ الشِّعرِ في فِكْري بِلَوْنِ اللاّزَوَرْدِ
يُغْنيكِ مِنْ فَيْضِ سَواقيهِ الوِجدانُ وَبإيحاءاتِ القَلْبِ يَجودْ
وَكُلَّما لاحَتْ خُطوطُ الغُروبِ وَتَكامَلَ بَهاكِ
صَفَّقَتْ أَكُفُّ الحِسانِ وَفاحَتْ أَثْوابُ المَرايا بِرَحيقِ الميقاتِ المَوعودْ
فَنَبيتَ نُفوسًا مُخَضْرَمَةَ الأَنْفاسِ
نَبْتَكِرُ الأَماسي.. تَسْتَذْكِرُنا الوُعودْ..
نُلَمْلِمُ الصُّوَرَ مِنْ حَقائِبِ السَّفَرِ
في رِحْلَةِ المَوْجِ أَيْنَما أَبْحَرَ،
وَتُزَغْرِدُ النِّسْوَةْ، تَنْثَرُ الأَرُزَّ وَأَكْمامَ الوُرودْ.

(21 . 4 . 2016)

******

(*) مِن ديوان” قـارورَةُ عِـطْرْ

beirut 1

اترك رد