أنجزت رابطة قنوبين للرسالة والتراث الدراسة الهندسية لترميم دير مار ابون في عمق الوادي المقدس وتأهيله لاقامة جماعة مكرسة للصلاة والحياة الروحية فيه.
أشار النائب البطريركي المشرف على رابطة قنوبين المطران مارون العمار ان الدراسة تندرج في سياق خطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي لاعادة احياء الحياة الروحية في اديار وكنائس الوادي المقدس. وقد قامت بها رابطة قنوبين في اطار عملها المتصل بالمسح الثقافي الشامل لتراث الوادي المقدس. واعتبر المطران العمار الخطوة انجازاً كبيراً وقد حول الملف الى المديرية العامة للآثار وفقاً للاصول بانتظار موافقتها تمهيداً لاشغال الترميم.
رئيس رابطة قنوبين نوفل الشدراوي قال: ان الاهتمام بمعالم وادي قنوبين الروحية يندرج في صميم مسؤوليات الرابطة لما تمثله هذه المعالم من ارث ثقافي غني هو في صلب هوية الوادي الروحية. وقد أبدى عدد من الشخصيات الروحية رغبة واضحة في ترميم دير مار ابون الذي يعتبر احد اهم اديار الوادي، بعدما أطلق البطريرك الراعي مخطط الحياة الروحية. ولذلك شملت الدراسة دير مار ابون ودير سيدة الكرم المقترحين للتأهيل واقامة جماعات رهبانية فيهما او بعض الاساقفة الراغبين في الانصراف الى حياة روحية تأملية بعد انتهاء خدمتهم الاسقفية.
وأشار الشدراوي الى ان المهندس طوني البطي قد قام متطوعاً مشكوراً باعداد الدراسة مع فريق هندسي متخصص لمدة قاربت السنتين تخللتها الابحاث التاريخية ودراسة الموقع والمواد التقليدية المستعملة في بناء الدير وملحقاته، وهذه المواد سوف يعاد استعمالها في اعمال الترميم وفي غالبيتها مأخوذة من ارض الوادي كالرمل والحصى والكلس والحجارة وسواها…
دير مار ابون
هو دير القديس أوجين المعروف لدى السريان بآبون، تلميذ مار انطونيوس الكبير في مصر، ومنها انتقل الى بلاد ما بين النهرين، واتخذ أباً للرهبان الكلدان والسريان.
لقد ترأس هذا الدير على كل أديار قنوبين. يقوم في أربعة كهوف داخل تجويفات صخرية طبيعية. كنيسته مبنية بالحجارة الرملية المنحوتة، وفيها ثلاث حنايا. أورد البطريرك المؤرخ اسطفان الدويهي ذكر دير مار ابون مرات عديدة لافتاً الى عثوره على كتاب للصلاة فيه، ما يشير الى انه كان مأهولاً حتى القرن السابع عشر. وسنة 1163 ورد ذكر دير مار ابون مع أسقف الشام المطران حنين الماروني. من آثاره الباقية جدرانه وحجارته وبعض الرسوم المتآكلة في كنيسته وصليب صخري منحوت ضخم. حول الدير مساحات واسعة من بساتين الزيتون والرمان المميز النوعية وكروم العنب والتين، بالاضافة الى نبعي ماء. وفوق الدير تقع واحدة من أروع محابس الوادي هي محبسة مار سركيس التي تنسك فيها تباعاً عدد كبير من الحبساء الشرقيين.وكان رئيس دير مار ابون من هؤلاء الحبساء يترأس جميع حبساء جبل لبنان.
يقع الدير تحت نطاق حدث الجبة وقنيور في عمق الوادي، ويرتبط بسائر المعالم والانحاء بطرق مشاة هي طريق مزرعة النهر، وطريق الفراديس، ومنهما صعوداً الى ناحيتي سيدة الكرم ومار سمعان، ومن الناحيتين الى حدث الجبة وقنيور وحديقة البطاركة في الديمان. وتقوم على هذه الدروب مجموعة من المغاور والكهوف أبرزها عاصي حدث الجبة، ومغارة البطرك، ومغارة الرواديف حيث وجد أول كتاب للصلاة المارونية سنة 1283، حسب الدويهي، وقد أطلقت هذه التسمية على هذه المغارة بعدما أقام فيها أتباع المماليك من الموارنة حين هجمة الاوائل على جبة بشري 1283، ولم يعتبر المماليك الموارنة الذين التحقوا بهم من صميمهم بل رواديف اي من الاطراف.