ذاكرة الحلم

قصة من نسج الخيال لرثاء الواقع 

hassiba tahar

 حسيبة طاهر

(أديبة وشاعرة-الجزائر)

كم كانت تحلم أن تكتب وتبدع نثرا و تقرض شعرا، وتسافر كل الدنيا القاهرة ودبي وباريس ولندن … وتحضر المعارض ويتهافت المصورون لتصويرها كنجوم هليود،لكنها لم تفعل ليس لغياب موهبة أو نقص ثقافة ولا…ولا…فقط لأنها تعيش في مجتمع متربص للإنقضاض على الآخر مجتمع متخصص في تلفيق التهم والناس فى بلادها لال ترحم لا ترحم…

قالت تحذث أناها :

كلما أردت أن أكتب وجدتني أصطدم بواقع مريرو هو أن الطابوهات الإجتماعية و الأعراف القيلَ أخلاقية تقف أمام حرية الإبداع وتغربل أفكاري أطوماتكيا لاشعوريا بالرقابة السيكوسلوكية، المشكلة أننا نعيش في مجتمع متقوقع على ذاته يمارس تسلطه العرفي بقوة تفوقت على قوة الدين و القانون، وتلك االتنشأة الإجتماعية و الفكرعقائدية تنغرس في أعماق الروح فيصعب التخلص منها حتى بالتدخل الجراحي، فها أنا دي أعيش في مجتمع متحرر لكن لا أسلك سلوكهم و لا أمتلك تحررهم الفكري و العاطفي لأن الذاكرة الجمعية تلاحقني أينما كنت على سطح هذا الكوكب، فمجتمعاتنا العربية مجتمعات مريضة إسقاطية متربصة شغلها الشاغل إبداع الكنيات و تشخيص الأمراض دون وصف الدواء فإن كتبت عن ملحد أنت ملحدة ، وإن كتبت عن الخيانة فقد خنت يوما ما أكيد، و إن كتبت عن مومس فأنت عاهرة و إن كتبت عن الإكتآب أنت مكتئبة و إن كتبت عن الوحدة أنت تعيشينها…،مع أن الإنسان في الحقيقة غالبا لا يكتب عما حذث و لكن يكتب عما يمكن أن يحدث عما يتمنى لو حدث عما يسمع و يرى عما حدث لغيره يكتب حتى عن ما لن يحدث….كيف تكتب والمجتمع سيحاسبها مرتين الأولى لأنها كتبت و الثانية الأنها امرأة و تجرأت و كتبت .

قالت: لكني الآن أعيش بأ,روبا ويمكنني أن أبدع وأكتب …

لكن أين سأنشر كتاباتي و من سيقرأ عاري , أليس هم هناك ،أولائك الذين يطبقون على صدرك يعدون أنفاسك يحرمون عليك حتى الحلم و الاحتلام ،يتدخلون بلباسك وطريقة مشيك و كلامك و علاقتك بربك وبزوجك، يتجسسون على قمامتك ليعرفوا ما كان غداؤك و عشاؤك….

كيف تكتب في مجتمع يجعلك عاهرة لأنك وضعث نظارة , أو قدت سيارة، ينعتك بالدنو والخزي لأنك كلمت رجلا أو لبست سروالا أو تكحلت أو وضعت أحمر شفاه….يحاسبك إن طُلقت أو تطلقت، يحاسبك حتى لو ترملت و يسميك (هجّالة)، و إن تزوجت بعد زوجك فقد ارتكبت خطيئة وعارا وإن طالبت بحقك في ميراث أبويّ نبذت و إن…وإن، استفاقت من هواجسها على صوت المريضة الممدة أمامها على االسرير وهي تقول باشمأزاز:

أنت، أيتها الممرضة أنت هنا لخدمتي أم للذهاب إلى القمر؟سألتك ثلاث مرات متى سيمر الطبيب و لم تجيبيني .

مسحت دمعة وحيدة باردة من على خدها وقالت بانكسار:

حاضر سيدتي لا تقلقي سأسأل حالا.

hassiba 5

اترك رد