الحطاب والنادلة

hattab

حسيبة طاهر

(أديبة- الجزائر)

كان الربيع قد ولد خديجا جميلا و بديعاً، وكان حطّابا نرجسياً سادياً، كانت الأغصان الغضة قد أينعت قبل أوانها كأنها تتحرش به تثيره تنادينه .

دخل الغاب متشمما روائح ضحياه التي تنعش غرائز الوحش االسادي الساكن فيه، حاملا فأسا قد سنها عمداً.

 مشى غير عابئ بأن أقدامه الضخمة تدوس زهر الأقحوان الذي أفترش بساطاً أبيض احتفاء بالربيع، انسحقت تحت نعليه زهور شقائق النعمان الفتية، تهاوى بفأسه السوداء القاسية كقلبه على الشجرة غيرعابئ بثمارها الصغيرة التي تناثرت على الأرض، فأدمت فأسه الغصن اليتيم، صرخت الشجرة صراخاً موحشاً.

 اهتزت له أدغال الغاب فرت الطيور التي غدت شريدة بلا وطن بعد أن دمر أعشاشها الحبلى بالبيض فثكلها، وانطلقت حزينة تبحث لها عن لجوء في حضن شجرة أخرى وغابة أخرى….كان حطاباً عابثاً يشعل النيران ولا يطفئها، يجرف الأراضي يتلف كل ما ينبت….

ترك الغابة غارقة في الغبار والدخان والرماد والبكاء والعويل، ومضى يبيع حطباً وبثمنه، قصد حانة المدينة يغازل النادلة و يملأ كأسا بعد أخرى….

كانت النادلة تثيره كالغصن، تزيد رجولته طولا وفحولتة قوة وتتسبب في تدفق التستوسترون من غدده الصماء، و تصيبه بالعي الروحي، هاهو يسحقها تحته كما سحق الأقحوان والنعمان ، أنينها يشبه أنين الغصن يتخلص من فائض نطافه في أحشائها، يرميها بما تبقى في جيبه من ثمن الحطب ، يرمقها بزادراء و اشمئزاز و يمضي.

vector 3

اترك رد