وَطَنٌ مُتَجَمّدٌ

سعاد سحنون

(شاعرة- الجزائر)

souad

نَلْثُمُ شِفــَاهَ السّؤَالِ

فَيَسْتَحِي مِنّا الْجَوَابْ

وَفِي حِلْكَةِ الظّلاَمِ

نَشُدّ الرِّحَالَ وَنُسَافِرُ مَعَ ضَوْءِ الْقَمَرْ

لِنَلتطِمَ بِزُجَاِج الإِنْكِسَارِ

وَعَجْرَفَةِ  الشّتَاءْ

وَنَغْرَقُ فِي بَحْرِ دُمُوعِكِ الْغَزِيرَةِ يَا خَنْسَاءْ

تَغْمِزُ صِنّارَةُ الْأَعْدَاءْ

فَيَبْتَلِعُنَا الْحُوتُ بِنَغْمَةٍ وَاشْتِهَاءْ

أتَرَجّاكِ أيّتُهَا الْحُرُوفُ النّائِمَةُ فِي جَوْفِ الْكَلِمَاتْ

الْتَهِمِينِي مِدَادًا بلا أقْلَامْ

واسْكُنِينِي عَرْشًا بِلَا أَفْرَادْ

دَعِينِي أمُرّ مِنْ ثُقبِ الْمَاء

 وَغُبَارِ الْهَوَاء

 مِنْ أجْلِ السّلاَم…..

أتَسَلّلُ كَاللّيْلِ مِنْ خَلْفِ الْأبْوَابِ الْمُوحِشَة

وَبَيْنَ كُفُوفِ الدّهْرِ

أتَسَرّبُ  كَسَفّةِ الدّقِيقِ الْمُغَرْبَلَة

أَقْدِمُ بِكُلّ عَزْمِي

وأتَنَحّى جَانِبًا

أظْهَرُ وَأَخْتَفِي

وَبَعْدَهَا أَتَبَخّرْ

أُلَوِّحُ لِلشّفَقِ الْبَعِيد

أتَسَلّقُ تِلْكَ الْجِبَالِ الْبِلّوْرِيةِ الشّامِخَةِ

حَامِلَةً فِي جُعْبَتِي أوْطَانًا دَامِيةً مُتَنَاحِرَة

أسْبَحُ فِي فَلَكٍ مَجْهُولْ

وأسَبِحَ بِألْفِ سِبْحَةٍ لِأُفَتشَ

عَنْ مُدُنٍ عرجاء  تَشُدُّ رُكَبَهَا

 دَاخِلَ تِلْكَ السّحَابَةِ المَاطِرَةِ

وَفِي فَوْهَةِ الْبُرْكَانِ وَخَلْفِ  التِّلاَلِ

أَوْطَانٌ مُغَيّمَةٌ ثَكْلَى

 سِلَاحُهَا دَمْعَةٌ شَفَافَة مَنْهَمِرَة

أسْأَلُ  كَائِنَاتَ اللّيْلِ عَنْ أَلِسنَةَ الْمَاضِي

وَعَنِ أَوْرَاقُ التّارِيخِ الْمُمَزّقَةِ

تَقْصِفُ عَنْجَهِيّةُ الَبَرْقِ حَاضِرَ أُمّةٍ

مُحَنّطَةِ الْعَزِيمَةِ مَعَ قَمْحِ السّنَوَاتِ الْعجِاَفِ

 تَنْسُجُ الأيّامُ كَفَنَ الرّبِيعِ

أتَدَحْرَجُ مَعَ تِلْكَ الصُّخُورِ

أسْقُطُ وأتَهَاوَى

تُكَشّرُ الثّلُوجُ أنْيَابَهَا الزّرْقَاءْ

فَبَاتَ نَعِيقُ الْغُرَابِ وَهَدِيلُ الحَمَامِ سَوَاءْ

نُرَتّقُ ثَوْب السّحَابْ

فَتُمَزّقُ الأقْدَارُ كُلّ اّلثِيَابْ

سُمُومُ الْجَمَادِ وَاّلتَحَجُّرِ الْمُعْدِيَةِ تَحَوّلَتْ مِقْصَلَة

تَجَمّدَتْ عُرُوقُ الْوَطَنِ الْعَرَبِيّ فَتَسَرْبَلَتْ بِالّدِمَاءْ

هَاهُوَ مَحْمُومٌ يَئِنُّ مِنْ نَزْلَةِ الْبَرْدِ الْقَاتِلَةِ

مُكَبّلُ الْأَغْلاَلِ أشْعَثُ ..أغْبَرُ

كَالْفَأْرِ الْجَبَاِن دَاخِلَ الْمِصْيَدَةِ

سَأهَاجِرُ مَعَ فَلْسَفَةِ الرّيحِ الْعَمْيَاءْ

أمَنْطِقُ ظُلْمَ الإنْسَانْ

وَأفُكُّ طَلاَسِمَ الْمَوْتَى

أكْتُبُ سُطُورًا بِأصَابِعِ الرّوحِ الْعَطْشَى

أنَادِي فِي جُبّ الصّحْرَاءْ

يَا ثَعَابِينَ الْوَقْتِ الْجَامِحَةِ

يَا سَنَابِلَ أيَّامِي الصّفْراء

انْثرِينِي حَبًّا لِدَوَاجِنَ مَيّتَة

أطْلِقِينِي رَصَاصَةً عَلَى جُمْجُمَةِ الْأَعْدَاءْ

وَدَثّرِينِي  لِأنَامَ لِلْأبَدِ بِسَلَامْ.

souad 1

 

اترك رد