صدر الجزء الثاني عشرمن موسوعة العذراء مريم في لبنان*، قضاء جزّين، في منشورات جامعة سيّدة اللويزة، وعلى غلافه اللوحة التصويريّة لسيّدة جرنايا، كتبه الباحث المتخصّص في العلوم الدينيّة، جان م. صدقه، وترجمته إلى الإنكليزيّة كريستين الريّس عطا الله؛أمّا الإشراف العامّ فلرئيس الجامعة، الأب وليد موسى، والتحرير والمراجعة لمدير المنشورات فيها، الإعلاميّ والأديب جورج مغامس.
هو عمل موسوعيّ يؤرّخ عمومًا للكنائس في كلّ قضاء على حدة،فيتضمّن هذا الجزء مسحًا شاملاً لقضاء جزّين، تاريخًا وجغرافيا، وعرضًا لمعالمه الدينيّة والإعلاميّة والتربويّة والثقافيّة والإجتماعيّة وغيرها، ومن بينها الكنائس، مع تركيز خاصّ على المعابد المقامة على اسم السيّدة العذراء، لدى الطوائف المسيحيّة كافّة، منذ تشييدها، مرورًا بأبرز المحطّات التاريخيّة التي شهدتها، إلى ما تحويه من كنوزأيقونيّة، ولوحات تصويريّة، وجداريّات فنّية، وغيرها، علمًا بأنّ قضاء جزّين يتألّف من 65 بلدة تضمّ، إلى اليوم، 27 ديرًا وكنيسة ومقامًا وحديقة مخصّصة للسيّدة العذراء، من أصل حوالى100 معبد، تتوزّع على 55 بلدة مسيحيّة أو مختلطة.
الوجود المسيحيّ في القضاء:
اكتشاف كنيسة بيزنطيّة في أنان
اكتُشفت الكنيسة البيزنطيّة في أنان، في آب 1995، فوُجد فيها بقايا من فسيفساء نُقلت إلى كاتدرائيّة القدّيس نيقولاوس للروم الملكيّين الكاثوليك في صيدا. ويُرجّح عدد من الباحثين أن تكون الكنيسة بُنيتسنة525 م، على يد الراهبين دميانوس وليكسيانوس، ضمن ديرللنسّاك، يُطلق عليه “المحبس” أو “المنسك”.
كنيسة صليبيّة في وادي جزّين
يروي ملحم يعقوب حرفوش في كتابه “عائلة حرفوش، بكاسين”،( ص 149) أنّه “… بعد الكنيسة الصليبيّة التي اندثرت، افتقرت وادي جزّين إلى كنيسة. وفي العنعنات، أنّ الشيخ بشير جنبلاط وهب أرضًا لشركائه المسيحيّين في الوادي، فبنوا معبدًا صغيرًا على اسم السيّدة العذراء، وسقفوه بالخشب…”.
كنيسة مار يوحنّا المعمدان الأثريّة في كفرجرّة
يعود تاريخها إلى العام 1560م، وقد رُمّمت للمرّة الأولى في العام 1750، في عهد البطريرك سمعان عوّاد،وأُعيد ترميمها ثانية في العام 1955، وتمّ تدشينها ثالثة بعدما هدمها الطيران الإسرائيليّ في العام 1985، وهي من العقد المصالب، ولها مدخلان منخفضان لمنع الخيل التركيّ من دخولها.
كنائس السيّدة العذراء
لا تخلو بلدة جزّينيّة من وجود للسيّدة العذراء في حناياها، إذ وضع مسيحيّو قضاء جزّين قراهم وبلداتهم، منذ القديم، في حمايتها بشكل رئيس، فطلب الشفاعة منها يدخل في حياتهم اليوميّة، للوقاية من الأمراض والأوبئة والمصاعب والشقاء والفقر والجوع والإضطهاد الذي عانوا منه في تاريخهم الطويل، ولم يكن لهم في خلاله من مرجع سوى السيّد المسيح، ووجه أمّه مريم العذراء، يحملان إليهم دفء المحبّة وابتسامة الحنان وبلسم الشفاء،فهي السيّدة العجائبيّة في كنيسة بسري الأثريّة منـذ 1252، وسيّدة النبع (النياح) في مدينة جزّين منـذ 1732، وسيّدة مشموشة منـذ 1736، وسيّدة جرنايا منـذ 1847، وسيّدة كفرحونة منـذ 1870، وسيّدة قتالة منـذ 1871، وسيّدة لبعا منـذ 1885، وسيّدة سنيّا منذ 1890، وسيّدة بكاسين منذ 1894، وسيّدة العيشيّة، كما القطراني، منـذ 1967، وكذلك في عاراي وصيدون والمجيدل، حيث البيت المريميّ، وغيرها وغيرها.
إلى الكنائس، ثمّة كابيلاّت عديدة وحدائق ومزارات مختلفة للسيّدة العذراء في القضاء، منها كابيلاّ سيّدة سكوادلوبهس التي بنتها عائلة وهبه في جزّين ؛ وكابيلاّ سيّدة غوادالوبي التي بنتها عائلة سْليم عند مدخل جزّين – الشوف ؛ وحديقة الأمّ الحزينة في العيشيّة؛وحديقة سيّدة الصنوبر في صبّاح ؛ ومزاراتكبيرة للسيّدة في كلّ من كفرفالوس، وكفرجرّة، وصفاريه، وغيرها؛ وفي مزرعة المطحنة على صخرة في أعلى تلال البلدة ؛ ومغاور مشابهة لمغارة سيّدة لورد في كلّ من وادي جزّين وبكاسين وعاراي ومشموشة وغيرها وغيرها…
شفاعة مار شربل
من الملاحظ أنّ الكنيستين الأخيرتين في قضاء جزّين بُنيتا بشفاعة مار شربل، إحداها في حيداب، والثانية في جلّ ناشي.
إنّه كتاب توثيقيّ،رصين المعلومات مضمونًا،غنيّ بالوثائق والصكوك، ضمن طبعةفاخرةشكلاً، زاخرة بالصور الملوّنة، وزاهية بالإخراج الأنيق.
*****
(*) في 300 صفحة من القطع الكبير، في طباعة فاخرة، مصوّرة، بالألوان، في منشورات جامعة سيّدة اللويزة، الطبعة الأولى، 2015.