يُحكى أن أحد الشّبان المسافرين خارج دولته، أرسل إلى أمه رسالةً يطلب منها أن تختار له فتاةً مؤدبةً من معارفها وتخطبها له، حتى تصبح عروساً له بعد عودته.
فاختارت الأم فتاةً جامعيةً مؤدبة، تعمل موظفة، فوافقت مبدئياً، وأرسلت الأم لابنها معلومات عن الفتاة وعنوانها.
وفي أحد الأيام وصلت رسالة من العريس إلى الفتاة، حوالي خمس عشرة صفحةً. فنظرت الفتاة بسرعة إلى الأوراق الكثيرة وقالت في نفسها: سأقرأها في ما بعد لأنني مشغولة الآن.
ومرّت الأيام، في كل مرّة تتشجع الفتاة لقراءة الرسالة، تنشغل إمّا بالرّد على الهاتف أو بأعمال المنزل أو بالتنزه مع صديقاتها، وهكذا في كل مرّة تقول: سأقرأها عندما يقترب موعد مجيئه.
وفي أحد الأيام رنّ جرس الباب في بيت الفتاة، ولما فتحت وجدت شاباً وسيماً ذا هيبةٍ واحترام، يدخل القلب من أول نظرة، فسألها: “هل أنتِ فلانة؟”
فقالت: “نعم ومَن أنت؟” فقال الشاب: “هذه أول غلطة، لو كنتِ قد قرأتِ رسالتي، لعرفتني لأنني وصفتُ لكِ نفسي جيداً في الرّسالة”.
فخجلت الفتاة وقالت:”لماذا لم تخبرني أنك قادم؟ لكُنت استقبلتك في المطار”!
ردّ العريس: “هذه ثاني غلطة،لأنني أخبرتك في الرّسالة عن موعد رجوعي باليوم والسّاعة”.
فقالت الفتاة مُرتبكة: “تفضل، أين تُحب أن تجلس؟ وماذا تُحب أن تشرب؟”
فأجاب العريس: “هذه ثالث غلطة، لأنني أخبرتك بكل هذه المعلومات في رسالتي”.
وأضاف: “أنتِ لا تصلحين لأن تكوني عروساً لي لأنك لم تهتمي حتى لقراءة رسالتي لك”.
غادر العريس المنزل، فانتابَ الفتاة موجةً من البكاء والندم، بعد فوات الأوان.
الهدف من القصة
(العريس) هو السّيد المسيح الذي خطبَ لنفسهِ شعب الكنيسة (الفتاة)، وأرسل لهم الكتاب المقدّس (الرّسالة)، والشّعب دائماً مشغول عن قراءة الكتاب المقدّس بحجة مشاغل وهموم الحياة الكثيرة، مع العلم أنهم يقرأون عشرات الكتب في دراستهم وعملهم وأخرى لتسليتهم، ويبقى أهم كتاب في الحياة والذي يُخلِّص النفوس، مُؤجَلاً على أمل أن يتسعَ العمر لقراءته قبل مجيء العريس.
“مَن له أُذنان للسمع، فليسمع”
(منشورات أرثوذكسية)
******
(*) موقع جبل أثوس الإلكتروني