تسلم الوزير السابق الدكتور شارل رزق، جائزة “مؤسسة ميشال زكور” عن كتابه “الفوضى اللبنانية والتفكك السوري” الصادر عن “دار النهار”، في احتفال أقيم في فيلا عودة– الأشرفية.
استهل الاحتفال بكلمة للشاعر جوزف أبي ضاهر قال فيها: “أجل، سيبقى لبنان كما أراده أبناؤه، وحدة مستقلة، دولة حية صغيرة، جارا كريما لسوريا، يصافحها ما شاءت الصداقة، ولكن ضمن حدود الجوار، ويأمل أن تحترم هي حقوق لبنان واستقلاله، كما يحترم هو حقوق سوريا ويسر لخيرها”.
وألقى مكرم زكور كلمة “مؤسسة ميشال زكور” قال فيها: “يعود شارل رزق اليوم كي يرسم الواقع الحزين تشرذما طائفيا يلتحق فيه كل فريق بمرجعية خارجية، فالخلاصة في أسى ان لبنان فقد مقومات الدولة”، ونوه بسعي رزق إلى إنشاء المحكمة الدولية عندما كان وزيرا للعدل”.
بعد ذلك كانت كلمة للدكتور فارس ساسين مما جاء فيها: “لم يعش ميشال زكور طويلا (1896-1937)، فهو توفي عن واحد وأربعين عاما، ولكن هذا العمر القصير كان كافيا لتأسيس صحيفة المعرض وإصدارها ما ينيف عن الخامسة عشر عاما (1921-1936). ولإثبات جرأته في الحقبة الانتدابية الفرنسية ولصياغة وطنية لم تكن مألوفة في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، وطنية تدعو لإستقلال لبنان التام من دون العداء لفرنسا ومن دون التنكر للصداقة مع الدول العربية المجاورة، وفي طليعتها سوريا، ولحقها في التحرر والسيادة وطنية لا تستثني لبنانيا من لبنانيته، وتدعو الى سيادة القانون والعمل بالدستور وتعادي كل طغيان وظلامة”.
وألقى المكرم الوزير السابق شارل رزق كلمة قال فيها: “ميشال زكور مر كالشهاب في سماء لبنان، لكن حياته القصيرة تبقى نموذجا سياسيا وأخلاقيا يحتذى به.
نخجل بالانحطاط الذي هبطت إليه السياسة اللبنانية اليوم، لابتعاد حديثي النعمة في السياسة عن التراث الذي بناه ميشال زكور ورفاقه. هذا التراث وجب المحافظة عليه ليس لتكريم أحد أبرز رجالات لبنان فحسب، لكن لإبقاء النموذج السياسي والأخلاقي الذي مثله حيا في قلوبنا لتستلهمه الأجيال اللبنانية الناشئة في ممارسة الحياة العامة.
أقول في كتابي إن السبب المباشر للأزمة اللبنانية الحالية للفوضى اللبنانية يعود إلى اتفاق القاهرة 1969 الذي كرس تنازل مجلس النواب بإجماع أعضائه باستثناء ريمون اده عن السيادة على قطعة واسعة من أرض الجنوب، بحجة السماح لما سمي جيش التحرير الفلسطيني بإلقاء قنابل الكاتيوشيا على اسرائيل. وقد صدق النواب أو تظاهروا بالتصديق أن ذلك سيؤدي إلى تحرير فلسطين، فانقسم اللبنانيون بعد ذلك إلى مؤيد للفلسطينيين ومعارض لهم ووقعت الحرب الأهلية.
إن أخطر ما في هذه الحرب أنها قضت على نظامنا البرلماني، فهذا النظام يقوم على توزيع القوى السياسية إلى أكثرية تحكم وأقلية تعارض، على أن تكون هذه الثنائية مبنية على أساس سياسي لا طائفي.
الثنائية السياسية التي كانت سائدة في السابق، استبدلت بتوزيع القوى السياسية على ثلاثية طائفية ومذهبية: من جهة كتلة شيعية تتأثر بإيران وسوريا، وكتلة سنية تتأثر بالسعودية، وكتلة مسيحية مقسومة قسمين يتبع كل منهما إحدى الكتلتين المسلمتين. وتعطل من جراء ذلك نظامنا البرلماني وفقدنا الاستقلال، واصبحنا تابعين لقوى إقليمية تتجاوزنا وانتشرت الفوضى”، لافتا إلى أن “ما يفاقم هذا الوضع السياسي الداخلي اللبناني أنه امتد بعد الثورة السورية إلى سوريا، وبعدها إلى سائر المنطقة.
ما جعل المنطقة كلها حلبة صراع شيعي – سني انتظم حول الثنائية الايرانية – السعودية، وقد يكون لبنان من أكثر الدول تضررا بسبب تركيبته السكانية الشيعية – السنية.
الخروج من المأزق الذي نحن فيه، لن يأتي إلا من حلحلة الخلاف السعودي – الايراني، بعد ابرام الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران، شرط ان يعرف لبنان كيف يستفيد من هذه الحلحلة بفضل ديبلوماسية حكيمة تتطلب وجود رجال على مستوى ميشال زكور ورياض الصلح والشيخ بشارة الخوري وفؤاد شهاب على رأس الدولة.