قولوا “الحمد لله”

الأديبة أحلام مستغانمي

تعلّمت في صباي درساً في السعادة ، أغناني عن كلِّ ما كُتب عنها. فقد سمعت أبي ، في محاولة فاشلة ahlam moustaganmiلإقناع أمي بمزايا القناعة ، يشرح لها أنه إن كان في يد المرء رغيفا ونظر إلى مَن ليس في يده شيء ، سَعِد بنعمة الله ، أمّا إذا غَدَا هاجسه النظر إلى مَن يضع على طاولته سلّة «كرواسان» لفطور الصباح ، فسيشقى بالنظر إلى فوق ، ولن يستطيب ما في يده .

كان كلاهما على حق . هو كان يتكلّم بحُكم ثقافته اليسارية ، وماضيه النضالي ، وأمي بمنطق الزوجة المسكونة بهاجس الغد ،وكأنها كانت تدري ما تخفيه لنا الأقدار . في الواقع ، ما كانت تقارن وضع أبي بمن كانوا «فوق» ، ولا بالذين كانوا «تحت» ، بل بهؤلاء الذين كانوا في الطابق نفسه من سدّة الحُكم ، وشرعوا منذ الاستقلال بابتلاع البلاد ، أثناء تكليفه لفصاحته ، بكتابة الخُطَب الثوريّة نيابة عنهم!

بعد ذلك ، أدركتُ مع العمر ، أنّ السعادة تضيع منّا أثناء لهاثنا بين الطوابق ، بدل التوقف للاستمتاع بها.

أحدهم قال « الصعوبة ليست في السعادة ، ولكن في تفادي التعاسة التي يُسبِّبها السعي إليها ». فالذي يأكل «الكرواسان» عينه على الذي يأكل في الطابق العلويّ قطعة «جاتو» ، والذي يأكل «الجاتو» يحسد من يملك مخبزاً لصنع الحلويات ، وهذا الأخير لن يسعد بمخبز ، مادام لم يفتح له فروعاً في أكثر من حيّ .. ثمّ في أكثر من مدينة.

فكأننا كلّما بلغنا طابقاً ، راحت السعادة كما في لعبة الأطفال، تسخر منا وتسبقنا إلى الطابق الأعلى . بينما كان يكفي أحيانا أن ننظر إلى مَن هم «تحتنا» لنسعد. الدليل هذه الإحصائية التي تجاوزها الواقع. والتي قمتُ بترجمتها لكم ، كما ورَدت بالفرنسيّة في صيغتها الطريفة.

٭ إن استيقظتَ هذا الصباح وأنت مُعافَى ، إذن أنت أسعد من مليون شخص سيموتون في الأيام المقبلة.

٭ إن لم تُعانِ أبداً من الحرب والجوع والعزلة ، إذن أنت أسعد بكثير من 500 مليون شخص في العالم.

٭ إن كان في استطاعتك ممارسة شعائرك الدينية في معبدك ، من دون أن تكون مُرغَمَاً على ذلك . ومن دون أن يتمّ إيقافك، أو قتلك ، فأنت أسعد بكثير من ثلاثة مليارات شخص في العالم.

٭ إن كان في برّادك أكل ، وعلى جسدك ثوب ، وفوق رأسك سقف ، فأنت إذن أغنى من %75 من سكان الأرض.

٭ إن كنتَ تملك حساباً في البنك ، أو قليلاً من المال في البيت ، إذن أنت واحد من الثمانية في المئة الميسورين في هذا العالم.

٭ أمّا وقد تمكّنت من قراءة هذه الإحصائيّة ، فأنت محظوظ ، لأنك لست في عِداد الملياري إنسان ، الذين لا يُتقنون القراءة!

اللّهم الحمد لك.

اترك رد