بيروت – الرياض
افتتح الفنان التشكيلي ريمون شويتي، معرضه التشكيلي في 25 مايو 2015 في غاليري نايلة في الرياض. يضمّ المعرض 60 لوحة من مختلف الأحجام عمل عليها خلال السنوات الأخيرة، وتجسّد موضوعات إنسانية وقيمية مرتبطة بالمرأة والعطاء والحب، وتمتزج فيها الألوان الحادّة مثل الأحمر القاني والبرتقالي والأزرق الموغل في الضوء. “الرياض” التقت الفنان شويتي وأجرت معه هذا الحوار.
بدأت تشكيلياً قبل أن تنتقل إلى مجال تصميم المسارح والمناسبات الخاصة، ماذا عن تلك البدايات؟
انطلقت في السبعينيات من غاليري “وان” في بيروت مع الشاعر يوسف الخال، وهو كان بمثابة ملتقى ثقافي يجمع كبار الشعراء والمثقفين، مثل أدونيس وشارل مالك ورياض فاخوري وناديا تويني وتيريز عواد بصبوص، كما استقطب أهم التشكيليين العرب والأجانب من لؤي كيالي ونزيه نبعة وضياء العزّاوي وميشال بوتور وغيرهم، وقد أدرت المعرض لسنوات قبل أن يتمّ نهبه ويضطر أصحابه إلى إغلاقه عقب اندلاع الحرب الأهلية. كنت مصرّاً أن أتابع عملي في هذا المجال، فأسّست في عزّ الحرب الأهلية غاليري “همزة وصل” الذي أردته نقطة وصل ما بين الفنانين والمثقفين عموماً في “البيروتين” المسيحية والمسلمة، ثم أقفلته لاحقاً بعدما اشتدّت الحرب في لبنان.
هل صحيح أن الروائية الأميركية أناييس نين كانت أول من شجّعك وأقام لك معرضاً لرسوماتك؟
فعلاً بدأت من الحبر الصيني برسومات متواضعة، وشكّل لقائي بأحد المهتمّين بالفنون وهو أميركي الجنسية كان يزور بيروت حينها، مفصلاً مهمّاً في حياتي الفنية. كانت تربط الأخير علاقة وطيدة بالروائية الأميركية أناييس نين التي تشجّع الشباب، وتقيم لهم معارض فنية وتدعمهم. طلب مني الرسومات ليرسلها لها، وقد أعجبتها جداً ونظّمت لي معرضاً في الهند، لكنها بدّلت اسمي من ريمون إلى “أورفيوس”، لأنها رأت في رسوماتي شيئاً من الأسطورة، وعلى اعتبار أني من بلد جبران خليل جبران الذي كانت تربطها به علاقة جيدة، كما كانت تربطها علاقة أيضاً بالفنان سلفادور دالي وغيرهما من كبار ذلك الجيل، وقد حاز معرضي حينها على نجاح كبير، وكتبت عنه المجلات والصحف الهندية، كما عنونت صحيفة “النهار” اللبنانية خبر المعرض “حبر صيني لبناني في الهند”.
كيف وضعت خبرتك التشكيلية عملياً في خدمة تصميم المسارح والمناسبات؟
الانضباط الذي أتعلّمه في الفن التشكيلي مع الانضباط الذي يحكم عملي في التصميم يجعلني متوازناً وبعيداً عن الفوضى، أي هناك تناسق ما بين الفكرة والتصميم، لأن هناك قوانين ينبغي التقيّد بها دائماً مبنية على أسس هندسية، تؤطّر العمل وتجعل له قواعد وبنى. كما أن منصّة الأعراس والمناسبات تُشبه إلى حدّ كبير أرض المسرح وأرض اللوحة البيضاء. من هذه الخلفية أصمّم الديكور وأنسّق الزهور وأختار المواد، ويظهر تأثير الفن التشكيلي في أدقّ التفاصيل. فأنا أنظر من “باليت” الفنان عندما أبدأ بتنسيق الورود وتصميم المسارح، وأخلق من التناقضات اللونية السحر، وهنا يبرز ريمون التشكيلي السوريالي، فأنا متأثّر جداً بالمدرسة السوريالية، وأحب هذه التناقضات لأنها تثير التساؤلات وتجعل التصميم أكثر تأثيراً.
لكن تصميم المناسبات أفادك بدوره في أعمالك التشكيلية؟
بما أن مجال عملي هو المناسبات التي تحمل معنى الفرح، فأنا أعكس ذلك من خلال ما أرسمه عن الحزن بطريقة مختلفة. غالباً ما ترين في لوحاتي طائراً مغرّداً في مساحة قاتمة، أو فراشة تطير وسط جو غائم، أو بقعة ضوء في مكان مُقفر وحزين. إن الشغف في تصميم المناسبات ينعكس على أعمالي التشكيلية والعكس أيضاً. فآخر مناسبتين صمّمتهما بناء على أعمال مستوحاة من الفنانَين موندريان ومونيه، حيث نفّذت كل الديكورات على الجدران والمقاعد والمسرح من خطوط موندريان الحمراء والصفراء والسوداء، وجعلت من المناسبة الثانية حديقة من حدائق مونيه الغزيرة الألوان، وغرستُ 50 ألف زهرة طبيعية على الخلفية الرئيسة. كما أنني أعمل حالياً على مناسبة أستوحي موضوعها من الطبيعة اليابانية في فصل الربيع، والكرز الزهري الذي يميّزها.
تقيم معرضاً فنياً في الوقت الذي يشهد فيه السوق الفني تراجعاً كبيراً، ألا تخشى الخسارة؟
في الخليج عموماً هناك اهتمام حقيقي بالأعمال الفنية التشكيلية، وأنا بدوري لا أعوّل على على عملي في الفن التشكيلي من الناحية المالية، لذلك أضع سقفاً مقبولاً للأسعار تتراوح ما بين ألفين وسبعة آلاف دولار كحدّ أقصى بحسب حجم اللوحة. لكن بالمقارنة مع واقع الفن التشكيلي في الماضي، طبعاً هناك اختلاف كبير، فالمعارض كانت تشهد إقبالاً واسعاً جداً على خلاف ما نراه اليوم، وكانت زيارة المعارض من أولويات اللبنانيين، كانت حركة شراء اللوحات التشكيلية ناشطة، حيث لم يكن أي معرض يبيع أقلّ من ربع معروضاته في يوم الافتتاح وحده.
افتتحت حديثاً صالة لعرض القطع الفنية في بيروت هل بدأت تستقطب المهتمين؟
أسعى لتحويل الصالة التي افتتحتها في منطقة بيت مري القريبة من بيروت، إلى أكثر من مكان للعرض وإنما إلى ملتقى ثقافي وفني، وأريد أن أجعلها مكاناً شبيهاً ب”همزة وصل” وغاليري “وان” وأعود إلى هذه المناخ الثقافي الذي عاشته بيروت قبل الحرب الأهلية.
كلام الصور
1- لوحة من المعرض.
2- ريمون شويتي.
3- أناييس نين.
4- لوحة من المعرض.