الكاتب بلال حسن التل
تساءلنا في المقال السابق ونحن نفند مقولة ثنائية الدولة والاخوان المسلمين عن مصدر التحول في النظرة الى الدولة من بعض المنتسبين لجماعة الاخوان المسلمين وتحولها الى نظرة عدائية، مما شكل خروجا عن المسار التاريخي للجماعة، التي نشأت برعاية الدولة، وفي كنف القصر الملكي على وجه الخصوص.
فمثلما رعى جلالة الملك حفل افتتاح اول مركز عام للجماعة في الاردن، ظل جلالته يحيط الجماعة بالرعاية والدعم اللذين كان الاخوان يعترفون بهما في كثير من المناسبات، ومنها على سبيل المثال، الحفل الذي اقامته الجماعة على شرف جلالة الملك المؤسس، والذي ألقيت فيه كلمات تعترف فيها الجماعة بفضل الملك عليها، وتؤكد اخلاصها للعرش، فمما جاء في كلمة وكيل الجماعة في ذلك الحفل قوله:
سيدي جلالة الملك المعظم..
فئة من شباب الاخوان المسلمين، ومن غرس يد جلالتكم جعلت من كتاب الله دستورًا، ومن جدكم العظيم زعيما وإماما، وهي كما عاهدت الله سبحانه وتعالى، ان تكون مخلصة للمبادئ الكريمة التي أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءت تجدد العهد لحفيده العظيم جلالة مولانا الملك ولمبادئه السامية، تسير في ركابه ساعية الى جمع كلمة العرب والاسلام.
وقوله: سيدي، لا يصلح آخر هذه الأمة إلاّ بما صلح به اولها، فبكتاب الله وسنة رسوله صلحت وتصلح، وبهذا البيت من قريش اعتزت ولا تزال تعتز.
والعرب والاسلام لا يدينون الا اليكم، ولا ينقادون الا لزعامتكم، فتقبلوا يا صاحب الجلالة آيات شكرنا وولائنا لتنازلكم بتشريف هذه الدار العامرة بعطف جلالتكم، والتي تسجل هذه الزيارة الملكية الميمونة مفخرة من مفاخرها.. ادامكم الله ذخرا وفخرا، والله سبحانه وتعالى نسأل ان يؤيدكم بنصره، ويمد في سلطانكم، ويوفق مساعيكم لما فيه خير العرب والاسلام.
اما كلمة شعبة اخوان عمان في الاحتفال فممّا جاء فيها :
صاحب الجلالة..
اننا اذ نحيي جلالتكم، فإنما نحيي النور المحمدي والدم العربي.. الذي يترقرق في محياكم الكريم.
ومما جاء في الكلمة ايضا: من كرامة هذه الأمة على الله جل جلاله، ان جعلكم يا مولاي وارث نهضتها، والقيّم الأمين على تراثها ومجدها، وان جماعة الاخوان المسلمين التي تقدس في جلالتكم صفات النبل والملك والشرف، قد تشكلت في هذه المملكة المباركة تحت رعايتكم، وفي ظل جلالتكم، لا لتكون حزبا سياسيا، بل لتكون جمعية اخلاقية..
الى ان يقول ممثل شعبة عمان في كلمته: وبذلك تكون هذه الجمعية قد نفذت رغبة جلالتكم في نشر الفضيلة ومكارم الاخلاق التي بُعث لاتمامها جدكم المعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
ويختم ممثل شعبة عمان كلمته بقوله: إن هذه الجمعية تؤمن كما يؤمن كل مسلم وعربي، بأنكم يا مولاي مصدر كل فضل وحكمة، وصاحب كل أمر ونهي.
أما ممثل شعبة الكرك في هذا الاحتفال، فمما جاء في كلمته في الحفل:
مولاي صاحب الجلالة الهاشمية
من دواعي سرور الشاب المسلم والعربي، ومن أحلى أمانيه أن تتاح له الفرصة، فيحظى بشرف المثول بين يدي جلالتكم، ليعرب عما يجيش في صدره من شعور فياض بالاخلاص والولاء والمحبة لشخصكم، كوارث للزعامتين الدينية والقومية اعترافا بما لبيتكم الرفيع من فضائل على المسلمين والعرب، وما لجلالتكم من فضل على القضية العربية عامة، وعلى هذا البلد الأمين خاصة.
فحمدا لله على هذه النعمة الجزيلة، وشكرا لإخواني اعضاء شعبة الاخوان المسلمين في الكرك على هذا الانتداب المحبب اليّ، لمشاطرة كافة الاخوان المسلمين في مملكتكم السعيدة، في الاحتفاء بجلالتكم في هذه الحفلة التكريمية المباركة.
الى أن يقول على لسان الاخوان: تأكيد ولائهم لجلالتكم كخير مؤتمن على رسالتهم كما كنت ولا تزال خير مؤتمن على ارواحهم واموالهم واعراضهم ومستقبلهم ومستقبل بلادهم، فأرجو ان اكون قد توفقت يا مولاي لتأدية رسالة اخواني، امدً الله في عمر جلالتكم ذخرا للعروبة والاسلام وصلى الله على نبيه الكريم وسلم.
إن المتأمل في هذه الكلمات من قيادة الجماعة، ومن ممثلي شُعَبها يخرج بجملة من الحقائق، اهمها: ان الجماعة أكدت في كل الكلمات التي ألقيت الولاء للملك ومن ثم للدولة، وأنها على لسان ممثل شعبة عمان أكدت أنها ليست جماعة سياسية، وقد جاء تأكيد الجماعة لولائها للدولة اعترافا منها بفضل الدولة في رعايتها للجماعة وحمايتها لها.
*****
(*) رئيس “مركز البيرق للدراسات والمعلومات” وناشر وصاحب جريدة “اللواء” الأردنية.