في التقليد الأرثوذكسي٬ النور المقدس “ينبعث” في القبر كل سنة٬ وتحديداً في “سبت النور” في عيد
الفصح الشرقي الارثوذكسي٬ في الزمان والمكان نفسيهما٬ إذ لا يزال النور “يفيض” من القبر في كنيسة القيامة٬ حيث صلب المسيح ودفن٬ في ظاهرة متجددة منذ القرن الميلادي الأول.
صباح السبت٬ يبدأ التحضير “لاستقبال النور”. وتبدأ مراسمه بتفتيش القبر بدقة في العاشرة قبل الظهر٬ للتأكد من عدم وجود أي مادة أو أداة يمكن أن تستخدم لإشعال النار.
وبعد ختم السلطات المسؤولة القبر بالشمع الأحمر والعسل٬ تعمد الجهات المشتركة في المسؤولية عن القبر إلى طبع خاتمها الخاص على مزيج الشمع والعسل.
في الثانية عشرة ظهرا٬ تبدأ الرتبة الدينية الخاصة بفيض النور. ووفق التقليد الأرثوذكسي٬ يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس الأورشليمي كنيسة القيامة من مدخل داخلي لكنيسة القديس يعقوب٬ في تطواف يضم المتقدمين في الكهنة والكهنة والشمامسة.
وبعد أن يجلس على العرش البطريركي٬ يبدأ التطواف ثلاث مرات حول القبر. وفي ختامه، يزال الختم عن القبر٬ فيما ينزع البطريرك ملابسه الأسقفية ما عدا قميصه الابيض (الاستيخارة).
وبعد تفتيشه أمام الجميع للتأكد من أنه لا يحمل شيئاً تشعل به النار في الداخل٬ تطفأ كل الأنوار في الكنيسة٬ ويدخل البطريرك القبر٬ حاملاً رزمة تضم 33 شمعة غير مضاءة. يركع ويصلي٬ تالياً طلبات خاصة تلتمس من السيد المسيح أن يرسل نوره المقدس “نعمة تقديس للمؤمنين”. وفي تلك اللحظات تحديداً٬ يحصل ما يحصل٬ وتشتعل شموع البطريرك تلقائياً٬ فـ”يناول” النور المقدس إلى المؤمنين٬ وسط الفرح والدهشة.
في شهادة لأحد أهل البيت٬ يقول بطريرك أورشليم للروم الأرثوذكس ديودوروس الأول (1981- 2000): “أركع أمام الحجر الذي وضع عليه جسد المسيح الطاهر بتقوى٬ وأواصل الصلاة بخوف وتقوى٬ وهي صلاة كانت ولا تزال تتلى. وعندئذ٬ تحصل أعجوبة انبثاق النور المقدس من داخل الحجر. ويكون لونه ازرق٬ من ثم يتغير إلى الوان عدة٬ وهذا لا يمكن تفسيره في حدود العلم البشري٬ لان انبثاقه يكون مثل خروج الغيم من البحيرة٬ ويظهر كأنه غيمة رطبة٬ لكنه نور مقدس”.
يضيف: “من أهم صفاته أنه لا يحرق. فهو لم يحرق لحيتي. يظهر كعمود منير٬ ومنه تضاء الشموع التي أحملها٬ كما يضيء بنفسه شموع بعض المؤمنين الاتقياء٬ والقناديل العالية المنطفئة أمام الجميع، كذلك٬ قد يكتسب النور أشكالا منوعة٬ بحيث قد يكونِ شَلَل نار تمّر على أكتاف الناس٬ أو طابة نار٬ أو شرارات. وهو لا يحرق أي جزء من الجسم٬ إذا وقع عليه، وهذا يدل٬ وفقاً للكنيسة٬ إلى ألوهية المصدر وأن له صفات فوق الطبيعة”.
متروبوليت بلاغوفيشنسك (روسيا) المطران دانيال لمس بنفسه النور في لحظة فيضانه: “رأينا على الحجر في قبر المخلّص شعلة لونها أزرق داكن٬ سماوي. أخذناها بين أيدينا واغتسلنا بها لعدد من الثواني لم تحرقنا٬ ولكن بعد قليل صارت الشعلة ذات مقّومات طبيعية٬ فأضأنا شموعنا. كانت الّنار تغطي حجر القبر كله… يجب أن ترى هذا المشهد! لأّني أنا لو لم أشاهده لكانت لدي بعض الشكوك. لكنني أشهد بنفسي أن الّنار كانت متوهجة٬ وأّننا ٱغتسلنا بها. لم يكن هناك سوى صخرة ورخام والكّل كانت تغطيه الّنار. لا سخام٬ ولا شيء من ذلك على الإطلاق… نار مشتعلة٬ وهذا كّل شيء”.