اليازجي وإفرام الثاني ولحام:المشرق من صلب هويتنا وصون خميره المسيحي محك صدقية العالم

وزعت بطريركية انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس نص الرسالة القيامية التي تم اعدادها بشكل logo ortمشترك من قبل كل من بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس وبطريركية أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، وجاء فيها:

“إلى إخوتنا رعاة كنيسة المسيح في الشرق، وإلى أبنائنا الأنطاكيين حيثما حلوا، وإلى كل نفس قيامية، المسيح قام، حقا قام.

بهذه العبارة المقدسة نزف إليكم أجمل بشرى، بشرى القيامة، أيها الأبناء الروحيون الأحباء، يا من قوتهم بالرب تقوينا ورجاؤهم به يصقل قوة نفوسنا.

نحييكم بالرب القائم والمقيم لجبلته. نحييكم بأجراس كنائسنا التي لم تنفك تعزف نشيد قيامة الرب. وقد آثرنا هذا العام أن تكون الرسالة واحدة تقرأ في الكنائس الأنطاكية كافة لتؤكد أن مسيحيي هذه الديار هم واحد رغم أن الشدة الحاصلة والضيق المطبق لن يسكت فيهم قوة الرجاء وشكيمة الثبات في أرض الأجداد. ونعايدكم بهذه الكلمات وندعوكم جميعا للصلاة في عيد القيامة المجيدة لأجل سلام العالم وأمنه، وخاصة مشرقنا الحبيب، كما أننا نؤكد لكم أنَّنا معكم في معاناتكم وآلامكم، ونبذل أقصى الجهود في سبيل تخفيف هذه المعاناة.

هذا المشرق هو من صلب هويتنا، وأما صون خميره المسيحي وطابعه الاجتماعي المتعدد الأديان والذي يضم الكل تحت مظلة الإنسانية فهو اليوم محك مصداقية العالم تجاه هذه البقعة من الأرض وتجاه ناسها. وأما أمنه وسلامه فهو محك الضمير أمام لغة المصالح. كفانا قتلا وتشريدا وكفى إنساننا معاناة. كفانا ترهيبا وإرهابا منظما َّضد إنسان هذا المشرق. كفانا اغتصابا لفلسطين وتعاميا عن قضيتها العادلة. كفانا جراحا تنزف في سوريا لعامها الخامس واستيرادا لايديولوجيات متطرفة. كفانا لبنانا يغلي تحت نار الحسابات الإقليمية والفراغ الدستوري، ومصرا تتلوى تحت نار القلاقل. كفانا عراقا يدمر وأقليات، على مختلف انتماءاتها، تهجر وتستباح وسط تفرج دولي مريب.yazigy-fosh

فصحنا اليوم فرصة لنتأمل ما جرى ويجري ولننادي بالحق في وجه الباطل ولنقول الحقيقة بلا وجل. نحن لا نرى الآن فيما بشر به ربيعا لأن الربيع يزهر بتفتح كل سندسه ولا ينقلب صراعا داميا يدهس بعض أزهاره. لقد دفعت المسيحية المشرقية مع كل صوت اعتدال في هذا المشرق ومع كل وطن أراد العيش بسلام ثمنا باهظا لإرهاب أعمى ولتسخير للدين ولتجيير لشعارات ولامتهان لسيادة دول ولتكفير مر قاسى لسعه إخوتنا المسلمون أيضا.

وهذا الثمن الباهظ تجلى ويتجلى قتلا، تهجيرا وخطفا لم يوفر أي بقعة من هذا الشرق. ونضع سؤالنا اليوم أمام العالم أجمع: أين مطرانا حلب مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم وبولس يازجي المخطوفان منذ قرابة العامين؟ وأين العالم بحكوماته ومنظماته الدولية من ملفهما وملف كل مخطوف؟ من هنا، نرفع الصوت مدويا لإطلاقهما وإطلاق كل مخطوف ولدفع الجهود نحو التأكيد على تشبثنا بأرضنا، ورفضنا للهجرة رغم تفهمنا لأسبابها في بعض الأحيان، ولكننا نحرض الجميع على البقاء والصبر والتجلد والتمسك بحبال الرجاء والإيمان والاستسلام لمشيئة الله تعالى، ورفض كل تهجير وإرهاب والعمل يدا بيد لأجل إحلال السلام في المنطقة، ووضع حد للتجاذب العالمي واستغلال الإنسان المشرقي.

نحن، أبناء هذا المشرق، مدعوون أن نجبل بالرجاء ونحافظ على حضورنا المسيحي ودورنا الفعال، لأننا من صلب تاريخه وفي صلب قضاياه. نحن لسنا زوار الحاضر ولا ضيوف لحظات ولا مخلفات حملات. نحن من عتاقة تاريخه ولدنا، ومن فراته ودجلته وعاصيه ارتشفنا أبدية عشقنا لأديم أرضه. نحن في أنطاكيته لبسنا اسم مسيحنا. نحن على صليب محبته تسمرنا وفي وهاد تاريخه ألحدنا ضيقاتنا. نحن، مع إخوتنا المسلمين وكل متقي الله، في بحور سلامه عبرنا وعلى جلجلة ضيقه سرنا وإلى غار نصره وإكليل روائه صبونا ونصبو بقوة إرادتنا وبرجائنا الوطيد بالرب الخالق الذي غرسنا هنا وشاءنا أن نكون في أخوةٍ كاملة، وسنبقى، كقادة روحيين، حريصين على القيام بدورنا تجاه أبنائنا ومستقبل بلدنا.

بهذه الآمال القيامية، آثرنا أن نتوجه إليكم من دمشق بالمعايدة القلبية في عيد الفصح المجيد، عيد العبور من الموت إلى الحياة، ومن العبودية إلى الحرية، ومن الذل إلى الكرامة، ومن الحرب إلى السلام، مرتلين من أجل سلام المشرق بكل بقاعه ومن أجل سلام الخليقة جمعاء:

“المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور”.

اترك رد