البروفسور الأب يوسف مونس
إغفر لهم
رأيتهم على شاشة التلفزيون ورأيت صورهم على صفحات الجرائد وهم يحطمون الصلبان ويقتلعونها من على قبب الكنائس ويرمونها إلى التراب. رأيت مطارقهم ومعاولهم تدمّر التماثيل والصلبان وتمزق الأيقونات الرائعة الجمال. رأيت رايتهم السوداء ووجوههم السوداء وقلوبهم السوداء فبكيت وصليت.
فقلت في صلاتي اغفر لهم يا رب لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون، وهذا ضد كل ما أوصى به الإسلام في القرآن والسنة والأحاديث، وما قام به من أعمال حميدة، وما علمه لأتباعه من احترام الكتب والأماكن المقدسة. هذه الصورة أساءت للإسلام أكثر من أي دعاية صهيونية!
ولو نزعتم الصليب عن القبب فسيقوم في العيون والقلوب وسيبقى مرفوعاً في سماء الشرق مشيراً إلى أن ربيع النصر آت من هذا الظلام.
بهده العلامة ستنتصر
البيارق ترفرف أمام الجنود وقسطنطين الملك يسير أمام عسكره حاملا ببرقه وسيفه، والمعركة قاسية وصعبة، والنصر في خطر. الملكة هيلانة تصلي أمام الصليب الذي وجدته في أورشليم. وتطلب من ابنها الملك قسطنطين الإيمان بالمصلوب على خشبة العار والاحتقار والمهانة. فجأة ظهر في السماء بيرق عليه صليب يسوع، وسمع قسطنطين صوتاً يقول له وعيناه على إشارة الصليب الظاهرة له على البيرق المشرق أمام زرقة السماء “بهذه الاشارة ستنتصر”، فأوقف القتال وأمر بأن ترسم إشارة الصليب على جميع بيارق وأعلام جنوده وعلى رايته هو، وعاد إلى القتال والبيرق الحامل رسم الصليب يرفرف أمام جنوده، واستبسل العسكر في المعركة التي ربحها قسطنطين منتصراً على خصومه وأعدائه وأمر جميع رعايا امبراطوريته بالعماد واعتناق المسيحية.
راية سوداء بدل الصليب
رأيتهم يزيلون الصلبان عن قبب الكنائس وعن القناطر والجدران ويرفعون مكانها راية سوداء، آتية من ليل البغض والحقد والكراهية وظلام العقل والقلب، معتقدين أن راية يسوع الملك ستبقى داخل القبر الحجري وأنها لن تدحرج الحجر وتعلو مشعة كالشمس في سماء هذا الشرق وفي العالم وفي قلوب الناس…
صليب وهلال
وسيعانق هذا الصلبب، صليب الفداء والمحبة والمصالحة والسلام هلال الإله الرحمن الرحيم، إلى يوم الدين.
الكفر الديني
في هذا الشرق المضروب بالإرهاب، وبالكفر الديني وليس فقط بالتكفير الديني، هذا الشرق المصاب بالهلوسة الدينية والهستيريا الروحية المبروص بالهبل الإيماني وليس بالسذاجة.
هذا الشرق «القاييني» القاتل الآخر والمروّع والمضطهد الأبرياء، يغرق في هذا الجنون الديني والتبعية الظلامية الجاهلة والعقد الجنسية، كعقدة حيات تتلاقح في زمن الحر والقيظ، تخبط بين السكيزوفرنية، والنقرونية والبارانوية، وانحراف عن المقدس الحقيقي الفائض حباً ونورانية ورحمة ورقة وحناناً ولطفاً وعطفاً وشفقة، والبعيد عن رقص الموت بسيوف القساوة المحمّاة في أتون النار.
حالات من انفصام الشخصية والأمراض العصابية تحلّ مشاكلها بالنكاح أو المضاجعة بفتاوى هي ضد ما جاء في القرآن في سورة النور، وما ارتكزت عليه الأخلاق والقيم الإنسانية من أناس ببغائيين مسعورين يعانون عقد الكبت الجنسي والظلامية الفكرية، وعلى رؤوسهم أغطية تحجب نور الشمس والمعرفة.
خاتمة
ونحن نصلي ونقول اللهم اجعل حظنا مع الضحايا وليس مع الجلادين، رافعين أعيننا إلى الجبال، كما يقول المزمور، من حيث يأتي عوننا من عند الرب صانع السماء والأرض، وهو لا ينعس ولا ينام وهو يحفظنا من نور الشمس والقمر إلى منتهى الأيام.