ضمن إطار المهرحان اللبناني للكتاب في دورته الـ 34 ، وفي سلسلة أعلام الثقافة في لبنان والعالم
العربي، كرمت الحركة الثقافية-أنطلياس الرسام التشكيلي اللبناني أمين الباشا، في احتفال شارك فيه حشد من أهل الفكر والقلم وتكلم فيه كل من الدكتورة تريز الدويهي حاتم والأستاذ سليمان بختي.
تريز الدويهي حاتم
استهلت التكريم الدكتورة تريز الدويهي حاتم بكلمة جاء فيها: في مثل هذه الفترة من كل سنة ومنذ اربعة وثلاثين عاماً تنظّم الحركة الثقافية – انطلياس المهرجان اللبناني للكتاب. المهرجان الموعد بأنشطته المتنوعة، من أبرزها تكريم أعلام الثقافة في لبنان والعالم العربي. وفي كل دورة تحية لمن اغنوا الفنون التشكيلية، النحت كما المسرح والسينما بإسهاماتهم الإبداعية. واليوم نكرم أمين الباشا علماً من على هذا المنبر فاسمحوا لي ببعض من كلمات في هذه المناسبة
أيها العلم المكرم
يسمّونكَ رسّام الفرح.
اللون عندكَ موهبة واختراع وزواج وتلاقح أكثر منه مادة لونية.
يقول البعض إن أمين الباشا ليس عنده قضايا تشغل باله سوى قضية الجمال.
هذا ليس عيباً أيها الفنان الكبير.
ليت غيركَ يهتمّ بالجمال، فما كنا لنصل إلى هذه الحال من البشاعة.
لهذا السبب لم تُعنَ لوحتكَ برسم الهموم والهواجس والمآسي، لاعتقادكَ ربما أن القوة الحقيقية الخلاّقة التي تستطيع الانتصار وإلحاق الهزيمة بالموت والحزن والمرض والجوع والقهر، هي قوة الفرح والأمل والجمال.
لهذا السبب، لم ترسم إلاّ رغبةً في خلق الجمال.
معرفتكَ العميقة بالفن الأوروبي، بعصر النهضة، بالفن الكنسي، وبالانطباعية، وعلاقاتك الجوهرية الحميمة بالمدن الأوروبية التاريخية، في إيطاليا وفرنسا واسبانيا، وفي مقدمها باريس وفلورنسا وروما ومدريد وبرشلونة وبلاد الأندلس، مكّنتكَ من أن تخلق في لوحتكَ مزيجاً سحرياً بين الشرق والغرب، حتى لتصير اللوحة تحت ريشتكَ نوعاً من السمفونية البصرية المذهلة.
ها هو معنا اليوم، رسّام الشجر والأفق والأرض والظل والضوء ورسّام الوجوه، والمقاهي، والشوارع، والبيوت، والشرفات المزهرة، وأحواض الزهور، والحارات، والصيادين، والشواطئ، والنساء الجميلات، والأمكنة الخفية،
هذا الذي لم يترك مكاناً في بيروت إلاّ رسمه، جاعلاً الأمكنة وناسها، الشغل الشاغل للوحته، التي ظلّت فتية، متأنقة، نزقة، طرية، ليّنة، موسيقية، مغرية، غاوية، لذيذة، كما لو أنها صبية في أول الربيع.
لم يزدكَ العمر يا أستاذ امين، إلاّ تألقاً فنياً، حتى ليستحيل أن تشعر لوحتكَ بالوهن او بالتعب، أو بالاسترخاء.
عارفوكَ يقولون إنه يكفيكَ ان تجلس إلى طاولة في مقهى، وتسأل النادل أن يأتيكَ بفنجان قهوة، حتى تكتمل اللوحة، قبل أن يعود إليكَ النادل بالفنجان.
الكتاب الذي أصدرتَه قبل سنوات، حاملاً اسم مدينتكَ، يستحق من اجله أن يُرفَع لكَ تمثال فوري في قلب العاصمة.
من على منبر الحركة الثقافية، نسأل: ألاّ يستحقّ هذا الرسّام البيروتي العريق، أن ينتصب تمثاله، وهو حيٌّ يُرزَق، قبالة المبنى البلدي مثلاً؟
الحركة الثقافية انطلياس تطالب مجلس بلدية بيروت، ومحافظ المدينة بتمثال لكَ أيها الفنان الكبير.
يحلو للبعض أن يتحدث عن خيوط تشدّ لوحتكَ إلى الرسّام الفرنسي الكبير هنري ماتيس.
يحلو لنا أن نصفق لأمين الباشا.
فلنصفّق لماتيس اللبناني!
سليمان بختي
قدّم الأستاذ سليمان بختي الفنان أمين باشا قائلًا إنّه رسّامٌ وكاتبٌ وصديقٌ يريد نشر الحبّ والألون والضحكات عبر لوحاته الّتي حاول من خلالها رسم “العالم على هواه” واعتبر أنّ بيروت هي “أسطورة أمين الباشا”. ووصفه بالفنان الأكثر انضباطًا وانتاجًا. ثمّ أضاف أنّه يتفرّغ لعمله وهذا ما يساعده على الإبداع مشيرًا الى أنّ عمله هو “تراكم إرث موهبة بصريّة وخبرة”. وأعرب عن سعادته بالإحتفال بهذا الفنان الّذي عمّم الفرح والدهشة والتفاؤل والّذي حاول أن يمزج بين الهوية الفنية والهوية الحضارية. بعدئذٍ، تحدّث عن زوجة الفنان أمين أنجيلينا الّتي تتابع فنّه وحياته وتمضي ساعات تتأمّل لوحاته. وفي الختام، ذكر أنّ أمين باشا لا يحلم بثروة ولا بإنجازات بل يتمنّى أن يكتب ويرسم “حتّى يصير فنّه جزءًا من جمالية وتنوع هذا الخلق البهي في حدائقه اللونية الساحرة”. وكانت شهادات في المحتفى به من عدد من قادريه وأصدقائه ومنهم الدكتورة إلهام كلّاب البساط، والشاعر سلمان زين الدين، وابراهيم زود، والشّاعر جوزف أبي ضاهر.
أمين الباشا
ذكر الفنان أمين الباشا المكرّم في بداية كلمته أنّه ولد في بيت يجمع الموسيقى والرسم والأدب. إلّا أنّه اختار أن يتّجه الى الرّسم والأدب. لكنّه بقي عاشقًا للموسيقى الكلاسيكيّة. لم يرغب في تعداد المعارض والكتابات الّتي قام بها لأنّها مذكورة كثيرًا بل اكتفى بتوجيه الشكر وشكر السفيرة الأسبانية لحضورها التكريم.
وفي الختام، قدّم الدكتور أنطوان سيف، أمين عام الحركة الثقافية، درع تقدير للمحتفى به، ونسخة عن عامية أنطلياس الشهيرة، عامية 1840، ونسخة عن شهادة التكريم.