الترجمة الإبداعيّة خيانة في منتهى الأمانة ! (شهادة)

الأديب والشاعر جلال زنگابادي

عبر أكثر من أربعين سنة من ترجمة مئات القصائد عن بضع لغات إلى اللغتين العربية والكرديّة وعن jalal zengabadyالكردية إلى العربية وبالعكس؛ توصّلت إلى قناعة أن الشعر الجيّد الحافل بالصور المجسّدة للأحاسيس والأفكار العميقة، هو القابل للترجمة، بل هو عين الشعر الحقيقي، والذي معياره الصمود أمام الترجمة، في حين لايفلح القريض أو النص الرديء القائم على الألعاب اللغوية البهلوانية في اجتياز امتحان الترجمة؛ حيث لا يبقى منه غير كلام عادي جداً، ويستحيل بعد الترجمة طاووساَ منتوف الريش! وهذا الرأي طبعاً بالضد من رأي الشاعر روبرت فروست القائل بضياع الشعر بعد الترجمة!
بالعكس من النصوص الضحلة التي تنفق بعد أول قراءة ، تظلّ النصوص الأدبية الإبداعية العميقة حيّة تثير العديد من التفاسير والتآويل ، مهما تقادمت ، حيث تظلّ قابلة لتعددية القراءة تلقّياً ونقداً ، بل قابلة أيضاً لتعددية الترجمة حتى إلى اللغة الواحدة ، وفي مختلف الأزمنة ؛ و من أدلّتنا الساطعة : ملحمة كَلكَامش / الأوبانيشاد/ الأوذيسه لهوميروس/ كتاب التاو للاوتسي/ القرآن الكريم / الكوميديا الإلهيّة لدانتي / غزليّات حافظ الشيرازي / دونكيخوتيه سرفانتس / بعض مسرحيات شيكسبير/ وبعض روايات دستويفسكي. ويحضرنا بشأن هكذا نصوص راقية تشخيص الفيلسوف جاك دريدا : ” لا يحيا النص إلاّ إذا بقي ودام . وهو لايبقى ويتفوّق على نفسه ؛ إلاّ إذا كان في الوقت ذاته قابلا للترجمة وغير قابل. فإذا كان قابلا للترجمة قبولاً تامّاً ؛ فإنه يختفي كنص وكتابة وجسم للغة. أمّا إذا كان غير قابل للترجمة كلّيّة ، حتى داخل ما نعتقد انه لغة واحدة ؛ فإنه سرعان ما يفنى ويزول” ؛ فالمترجم تأسيساً على هذا ” مبدع في لغة أخرى ، أو على الأصحّ مبدع في اللغة ” حسب استرسال المفكّر المغربي عبدالسّلام بن عبدالعالي في تفسيره لقولة دريدا السّالفة ، ثمّ استطراده مضيئاً إشكاليّة الترجمة والتباساتها المتشابكة؛ حتى استنتاجه “..تغدو الترجمة لعنة ورحمة في الوقت ذاته!”

أجلْ …فالترجمة لعنة ؛ لوصمة (الخيانة) الملاحقة لها دوماً ؛ حيث يستحيل استنساخ المتن الموجود في لغة المصدر، أو محاكاته محاكاة تامّة في لغة الهدف ؛ لاختلاف اللغتين في خصوصيّاتهما المعجميّة والنحويّة واللفظيّة وغير ذلك كثير، حتى لو كانتا من أرومة واحدة ، وفي الوقت نفسه رحمة ؛ لتخفيفها الكثير من وطأة (بلبلة الألسنة) على البشريّة، بجسور الحوار التي تشيّدها، حتى لو لمْ تبلغ غاية الكمال.
لئن اقتصر الأمر هنا على اشكاليّة ترجمة الشعر؛ فللدكتور عبدالغفار مكّاوي رأي جدير بالذكر:jalal 2

“…فالشعر لايُستَطاعُ أنْ يُتَرجَم ” و” إنّك لنْ تلقى هذا الشاعر أو أيَّ شاعر آخر إلاّ في لغته”؛ إنطلاقاً من قولة الجاحظ الشهيرة: “… ولايجوز عليه النقلُ. ومتى ما حُوِّل ؛ تقطّع نظمه وبطل وزنه وذهب حسنه ، وسقط موضع التعجّب ” وهذا يؤكّد أنّ الشعر في رأي الأستاذ مكّاوي: ” وزنٌ وموسيقى، وجرسٌ وإيقاع ، وصور ورموز مرتبطة بالألفاظ ” أي انّه يعني (القريض) على الأغلب، في حين يخالفه الشاعر والباحث أدونيس في الحكم على ماهيّة شعريّة القريض أصلاً ، وليس على ترجمته نظماً فحسب: ” إنّ تحديد الشعر بالوزن تحديد خارجي ، سطحي قد يناقض الشعر.إنّه تحديد للنظم ، لا للشعر؛ فليس كلُّ كلام موزون شعراً بالضرورة، وليس كلُّ نثر خالياً بالضرورة من الشعر” و” انّ في قوانين العروض الخليلي إلزامات كيفيّة تقتل دفعةَ الخلق أو تقتلها أو تقسرها؛ فهي تجبر الشاعر أحياناً أن يضحّي بأعمق حدوسه الشعريّة في سبيل مواصفات وزنيّة كعدد التفعيلات أو القافية؛ ولذا فهناك شعر جميل ليس منظوماً ، وهناك نظم جميل لاشعر فيه” ورغم اختلاف الرأيين أرى كليهما صائباً على حدة، لكنّه صواب نسبيّ وليس بمطلق، إذ يمكن لـ (شاعر مترجم) أو (مترجم شاعر) أن يترجم القريض ترجمة منظومة مابين اللغات (المتقاربة عائليّاً والمتجاورة ثقافيّاً- حضاريّاً) مثلما الحال (بين اللغتين الفارسيّة والكرديّة) و(بين اللغتين الإسبانيّة والبرتغاليّة) بشرط أن يكون ضليعاً في اتقان كلتا اللغتين ومتعمّقاً في تفاصيل ثقافتيهما؛ وإلاّ لن يفلح في نقل المحتوى(المعنى) من (لغة المصدر/ الإرسال) بأقصى دقّة وأمانة ممكنتين، مع مراعاة جرس وإيقاع المبنى الجديد في (لغة الهدف / الإستقبال) ، ولايُستَبعَد أن يبتكر(أحياناً) شعراً مترجماً يضاهي متنه الأصلي، أو يفوقه في بعض الحالات الإستثنائيّة النّادرة جداً.

حقاً ما أشبه أغلب الترجمات المنظومة (القريضيّة) بسرير بروكروست ؛ مادام المترجم الملتزم بالقريض يحدوه همّ انجاز” كلام موزون مقفّى يفيد معنى” في لغته المستقبلة ، أمّا مدى دقة نقله لمعنى المتن الأصلي ، فهو ثانوي في عرفه ! وطالما يضطرّ المترجم ؛ من أجل عيون الوزن والقافية إلى استخدام مفردات موحشة وحتى مقرفة مثل : (عقار) ، (صرخد) ، (جريال) ، (ترياق) ،(قرقف) و(خندريس) بدلاً عن الكثير من المفردات الأخرى الجميلة مثل : خمر، راح ، شمول ، صهباء ، حميّا و مدام….. كما فعل حتى الصافي النجفي الألمعي ، والأستاذ عبدالحق فاضل في ترجمة لرباعيّات الخيّام!

ولامناص ،هنا، من توضيح القصد أكثر؛ فمن الجليّ أنّ القريض (الشعر المنظوم) يشتمل على ثلاثة عناصر أصليّة (المبنى والمعنى والموسيقى المتواشجة مع المبنى) والتي تتعذّر ترجمتها (أي العناصر الثلاثة) معاً إلى اللغة المستقبلة في كلتا الترجمتين المنظومة واللامنظومة؛ ولذا على المترجم أن يكون (من قبل ومن بعد) وفيّاً في نقل المحتوى (المعنى/ المضمون) بدقّة ، وإلاّ لن تتحقّق ترجمة مرضيّة (دقيقة قريبة جدّاً من المتن، إن لمْ تكن مطابقة حرفيّاً) مادامت اللغات ذات خصوصيّات بنيويّة وثقافيّة مختلفة. وهذا يعني أنّ على المترجم (حتّى لو كان شاعراً في إحدى اللغتين المرسلة والمستقبلة، لا بل حتى في كلتيهما) ألاّ يتعسّف في فرض الوزن والقافية على الشعر المترجم ، بل يتركه حرّاً، لربّما تتحقّق ترجمات منظومة أو مسجوعة في حالات استثنائيّة بصورة تلقائيّة وعفويّة ، تبزّ الترجمات المتعسّفة التي تطغى عليها سمات لغة الأراجيز التعليمية الجافة ، والتي يشوبها التكلّف والتصنّع والتحذلق.jalal 3

ولنا أسطع دليل في الترجمات المنظومة للأساتذة: حسين مجيب المصري، علي منصور والعديد من مترجمي رباعيّات الخيّام نظماً.. أجلْ؛ ففي الترجمة المنظومة، لامناص من وقوع محتوى المتن الشعري (للغة المرسلة) تحت وطأة فرض مبنى القريض (الوزن والقافية) في اللغة المستقبلة؛ وعندها يتضرّر المضمون ، ولا يمنح تصوّراً صائباً جليّاً عمّا في المتن الأصلي من مضمون، حتى لو تحقّق نظم جميل مموسق في اللغة المستقبلة. وفي حالات استثنائيّة نادرة جدّاً قد تفلح الترجمة المنظومة بين اللغات ذات القرابة (المنحدرة من عائلة لغويّة واحدة) والجيرة الثقافية الطويلة، كما هو الحال بين: الفارسية والكرديّة / الإسبانيّة والبرتغالية / و البنجابية والأوردية.

لا يخلو حتى أكثر من نصف رباعيّات الترجمات المنظومة الجيّدة للخيّام ، مثلاً، من هنّات وزلاّت في فهم معاني متون العديد منها ، ومن الحذف والحشو والتحوير حد الإبتعاد كثيراً عن أصولها الفارسية ، بل والفصام أحياناً ! كما لو انها رباعيّات منظومة تحت تأثير الخيّام ! ولذا فهي مضلّلة لاتجدي في دراسة أفكار الخيّام والحكم على فلسفته ، كما لا تجدي للترجمة عنها (كوسيطة) إلى لغات أخرى ، ولو تُرجِمَت إلى الفارسيّة (دون تنويه) ؛ لما تعرّف الإيرانيّون على (25%) منها بصفتها من رباعيّات لعمر الخيّام!

ولكي لا يظلّ كلامي رهن التجريد ؛ سأوجز رأيي النابع من مسيرتي الترجميّة المتواضعة منذ أربعين عاماً مابين اللغتين الكرديّة والعربيّة ، ثمّ الترجمة إليهما عن اللغات : الفارسيّة ، الإنكَليزيّة ، الإسبانيّة والتركيّة ؛ لطرح البديل الناجع.

فعند ترجمتي للقريض (الشعر المنظوم) كمثل (رباعيّات الخيّام) واجهتني اشكاليّة الترجمة عن الفارسيّة إلى العربيّة (وهما غيرمتقاربتين عائليّاً، لكنّهما متجاورتان ثقافيّاً – حضاريّاً)؛ فقد اضطررت إلى اختيار طريق يتوسّط (القريض الصّارم) و(النثر الفضفاض) وهو الذي استدرجني إلى المزج بين البحور الثلاثة (المتدارك/ الخبب ، الرجز والمتقارب) حتى أقصى الأوجه (الجوازات / الزحافات) الممكنة ، ولا أظنني أوّل من يمزج بين بحرين وأكثر؛ فقد سبقني الكثيرون منذ عقود طويلة ، بل منذ قرون…

لكنّ ما آزر مسعاي هو العلاّمة الدكتور كمال أبوديب الذي مابرح يحدوني باجتهاده التنظيري والتطبيقي- التحليلي منذ عقود…ومع ذلك لمْ أنعت ترجمتي بـ (المنظومة) إنّما بـ (المنثومة) المازجة بين النظم والنثر المسجوع ؛ مادمت لمْ ألتزمْ إلتزاماً أرثدوكسيّاً باستخدام كلّ بحر على حدة ؛ طبعاً لإيلائي الإهتمام بترجيح أولويّة نقل المعنى على الإنصياع لجمال المبنى. ومن هنا أعتقد أنّ المزج بين البحور المذكورة ينطوي على امكانات جديدة هائلة لرفد البنية الإيقاعيّة لـ (الشعر المنثوم) حيث يكون في وسع الشاعر أن يستحضر ويجسّد رؤيته ورؤياه المتلاحمتين دون التفريط بالجرس والإيقاع الضروريين للشعر، مع تلافي الإنزلاق في النثريّة المنفلتة الفضفاضة ؛ مادامت ” التجربة الجديدة تبحث لنفسها باستمرار عن بنى إيقاعيّة وتركيبيّة جديدة ، كما حدث في زمن مقارب ، في عمليّة نشوء الموشّح وتطوّره ، وكما حدث، بعد قرون من الثبات، في اكتناه بنى إيقاعيّة جديدة في الشعر العربي الحديث، بدءاً من الريادات الرومانتيكيّة (جبران، عريضة، شعر المهجر مثلاً) وانتهاء بالشعر الحرّ وقصيدة النثر المعاصرة” على حدّ استقصاء الدكتور كمال ابوديب ؛ لاكتساب ظهور (الرباعيّة) وتبلورها في التراث الشعري العربي دلالته الإيقاعيّة [ مع تعديل التسميتين (الشعر الحر إلى شعر التفعيلة) و(قصيدة النثر إلى الشعر الحر) ج.ز].jalal 4

وهذا ما فعلته أيضاً في ترجمة (مرثية خورخيه مانريكي لأبيه) عن الإسبانية إلى العربيّة. ومن المؤمّل إنجاز ترجمة منثومة لـ (حيدر بابا سلاماً) للشاعر الآذربايجاني شهريار إلى العربيّة.

ولي أن أشير هنا إلى تسميتي للمزج بين البحور(الخبب و الرجز والمتقارب) ألا وهي (أوقيانوس المخر) حيث كوّنت كلمة (مخر) من (الأحرف الأوائل للكلمات : متقارب و خبب و رجز) أمّا تأكيدي على تسميّة (منثوم) فلإحتواء (أوقيانوس المخر) على بحر الرجز (حمار الشعراء) وإباحة استخدام جوازات (زحافات) البحور جمعاء ! ولقد رجّحت تسمية (المخر) على تسمية أخرى هي (المتخازب) ؛ لكونها ذات معنى ودالّة أيضاً على طبيعة مزج البحور الثلاثة في أوقيانوس ، وليست هي مجرّد تجميع أحرف. وهكذا يمكن للشعراء والمترجمين الماخرين والمخّارين أن يمخروا عباب هذا الأوقيانوس الرحيب، وكلّي ثقة وآمل بظهور ماخرين ومخّارين مبدعين يصولون ويجولون فيه بأقصى حريّة ممكنة…

لقد بذلت قصارى جهدي في ترجمتي المنثومة لرباعيّات الخيّام الأصيلة ؛ لعلّني أحقق القسط الأكبر من طموحي، في التوفيق بين روحيّة المتن وحرفيّته وإقامة التوازن والإنسجام بين المعنى والجرس دونما تضحية نافرة بأيّ منهما ، وأينما أضطررت إلى إضافة (غير موجودة في المتن الفارسي) ؛ لجلو معنى حيناً ، وحيناً لاستكمال مبنى (تقفية أو تسجيع) وحيناً لكليهما ، وضعت الكلمة بين قوسين مقرونين [ ] أمّا التسمية (ترجمة منثومة = نظم + نثر مسجوع) فلم تخطر على بالي ولمْ أهتد إليها إلاّ منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ، رغم ممارستي لفحواها أحياناً ، منذ أواسط سبعينات القرن الماضي ، في كتابة شعري وترجمتي للشعر إلى اللغتين العربيّة والكرديّة عن لغات أخرى. ومع ذلك لا أستبعد وجود من سبقني إلى ابتكارها، إنّما حسبها أن تكون في شعري وترجماتي الشعريّة إسماً على مسمّى برسوخ تطبيقيّ مُجدٍ ؛ إذ لايهمّني بطبعي شأن التجاريب العابرة… وعليه أعتقد بأني أفلحت في ترجمة رباعيّات الخيّام بدقة وأمانة ممكنتين، محققاً بعض ما توخيته وليس أقصاه، وكذا الحال في ترجمتي لمرثية مانريكي لأبيه، قبل أكثر من عقد.

وهكذا فإن (الترجمة المنثومة) هي طريقتي في ترجمة القريض (الشعر المنظوم) أمّا طريقتي في ترجمة (الشعر الحر) فهي (حرّة) يلازمني فيها همّ التوفيق بين حرفيّة المتن وروحيّته ؛ لإنجاز ترجمة فنّيّة ذات أقصى شعريّة ممكنة ، عبر الإقتصاد في استخدام المفردات قدر المستطاع ، وانتقائها إنتقاءً دقيقاً ؛ بغية التعبير بدقّة وعمق عن جوهر المتن (المصدر) وشحن الترجمة بالموسيقى الداخليّة والإيقاع ؛ ولذا قد أُضطر أحياناً إلى تصرّف بسيط هنا وهناك كحذف مفردة تبدو لي زائدة في لغة (الهدف) أو إضافة مفردة عند الضّرورة القصوى ، أو استبدال بعض صيغ التنكير والتعريف والمفرد والجمع ، مع الإلتزام بأزمنة الأفعال، و قد أترجم لفظتين أو ثلاث إلى لفظة واحدة مجزية للمعنى ، وكذلك التقليل قدر الإمكان من الأسماء الموصولة ، ومن ثمّ بعض التأخيروالتقديم لجمل وعبارات وأسطر هنا وهناك ؛ وكلّ ذلك إمتثالاً لما تقتضيه خصوصيّة اللغة العربية أو اللغة الكرديّة ، إنّما من دون الإخلال بمعاني المتن (المصدر)، أمّا الموسقة والتوقيع (من الإيقاع) والتقفية فتأتي دون قسر، وإنّما تنبثق تلقائيّاً من ثراء معجم لغة الضّاد وإعجازها المشهود ، أو ثراء معجم اللغة الكرديّة.

إن اللغتين العربيّة والكرديّة ثريتان جداً في مجال الترجمة الشعريّة بالذات مقارنة بأبرز اللغات العالمية ؛ ففي اللغة العربيّة توجد بضع مفردات مترادفة للخوف بتدرجاته : وجل ، خشية ، رهبة ، رعب ، فزع ، هلع ، ذعر…والكثير من المفردات للخمر : راح ، حميّا ، مدامة ، صهباء ، شمول ….على سبيل المثال ، لا الحصر. وهذا الثراء يخيّر المترجم لينتقي اللفظة المناسبة معنىً و موسيقى (محتوى ً و مبنىً) وبذلك يفلح المترجم المتمرّس القدير في أن يشعرن حتى ترجمته النثريّة. ويجب ألاّ ننس أنّ على المترجم أن يتغيّا ” ألاّ تبدو القصائد المترجمة كأنّها أجنبيّة ، إنّما كأنّها مولودة في تلك اللغة و متأصّلة فيها ” كما أكّد فراي لويس دو لين.

وطبعاً من نافل القول إن المترجم يجب أن يجيد ويتقن اللغتين (المصدر والهدف) وأن يكون محيطاً بثقافتيهما ومتعمقاً فيهما ، ومن المفضل جداً أن يكون شاعراً ؛ فالحدس الشعري خير معين للمترجم الشاعر أو الشاعر المترجم ؛ لأن أغلب المترجمين (ممّن ليسوا بشعراء) تجيء ترجماتهم فضفاضة ركيكة و متخشّبة. والجدير ذكره هنا هو أن مترجمي الشعر المبدعين الكبار هم شعراء كبار في الوقت نفسه : باسترناك (1890- 1960) ، ميخائيل هامبوركَر (1924- 2007) ، أوكتافيو باث (1914- 1998) ، احمد شاملو (1925- 2000) و حسب الشيخ جعفر…ولكنّ كون المترجم شاعراً يسبّب مشكلة غير متوقعة ، ألا وهي خطورة هيمنة شخصيّته الشعريّة على شخصيّته الترجميّة ؛ ممّا تفضي ترجمته إلى (الخيانة البيضاء = الحلال) أحياناً ! وأحياناً إلى (الخيانة اللامغفورة) كما فعل أحمد رامي (مثلاً) في ترجمته لرباعيّات الخيّام ؛ فهو ليس مترجماً بالمعنى الإصطلاحي الفنّي إلاّ في قرابة ربعها ، أمّا الرباعيّات الباقيّة فهي في أفضل الأحوال تُعَدّ في رأيي من شعره المنظوم تحت تأثير رباعيّات الخيّام ، وهي حقل غني للدراسات التناصّيّة.jalal 5

ولأن الترجمة علم و فن وإبداع وليست بممارسة مزاجيّة أو عشوائيّة ؛ فإن الإستعانة بالقواميس والدراسات عن الشعر وشروحه ضرورية جداً، إنّما ينبغي الإنتباه إلى ان القواميس تقترح معان ودلالات متعدّدة للفظة الواحدة ، بينما ينبغي حسمها كمجازات وكنايات ، ناهيكم عن الإنزياحات الدلاليّة …في سياق المتن وعدم الإذعان للقواميس بصورة مطلقة ، وان من أهم المشكلات ، بل المعضلات التي تواجه المترجم عند ترجمة الشعر ، في نظري ، هي مشكلة نقل (الجناسات) على صعيديّ اللفظ والمعنى المتواشجين ، و نقل الإيديومات (الكنايات) ناهيكم عن المفردات ذات القرابة الإشتقاقيّة والإهتزازات والإزاحات الدلاليّة في لغة الشعر نفسها المتواشجة مع مستوى ثقافة الشاعر ، بل وخصوصيّة لغة كلّ شاعر على انفراد ؛ بحيث يجد المترجم نفسه أمام تحدّيات لغويّة تتطلّب التسوية الناجعة في (لغة الإستقبال – الهدف).

إن هذه المعضلة ليست قائمة بين اللغات المتباعدة عن بعضها البعض فحسب ، بل حتى بين لغتين متجاورتين ثقاحضارياً كالفارسية والعربية ، وحتى بين اللغات من الأرومة اللغوية الواحدة نفسها والمتجاورة مثلما بين الفارسيّة والكرديّة ، وبين التركيّة والتركمانيّة. وغالباً ما لاتتذلل هذه المعضلة المرتبطة بخصوصيّات اللغات إلاّ بتصرف إبداعي من قبل المترجم ؛ أيّ أنْ يؤلّف المترجم في لغة الهدف ما يعادل موضوعيّاً ما في لغة المصدر (المتن) ! وهنا يجب ألاّ تغيب عن البال مشكلات إختلافات الدلالات الرمزيّة للألوان والحيوانات والطيور وغيرها كثير ، بين الثقافات ، فالجُعَل (مثلاً) يرمز للخلود في الثقافة المصريّة القديمة ، فهل هو كذلك في الثقافة العربيّة القديمة والحديثة ، أو في اللغة الكرديّة ؟! والجواب (كلاّ) طبعاً.

ومن المشكلات العويصة إختلاف البنى القواعدية ، بدءاً ببنية الجملة( تسلسل الفعل والفاعل والمفعول به أو التكملة..والصفة والموصوف) وحتى التفاصيل الأخرى الكبيرة والصغيرة بين اللغات المختلفة الأرومة مثلما الحال بين اللغتين الكردية والعربيّة ، فليس ثمّة مثلاً (مفعول مطلق) و(مفعول وجوباً) ولا (حال منصوب) في اللغة الكرديّة ، لكن هذه المشكلة تخف كثيراً عند الترجمة بين لغات الأرومة الواحدة كاللغات : الإسبانية ، البرتغاليّة ، الغاليثيّة ، الكتلانيّة ، الرومانيّة ، والإيطاليّة، ولعلّ الشاعر صلاح ستيتيه قد شخص مشكلة ترجمة النظام اللغوي بقوله:

“… فمن السهل الترجمة من اللغة العربية إلى لغات أخرى ذات أصول ساميَة ، تتقارب في تكويناتها اللغويّة والشكليّة ، والصعوبة تكمن في الإنتقال من تكوين كامل للغة معيّنة إلى تكوين آخر. ماذا ننقل من لغة إلى أخرى؟ ننقل الهيكل فقط ، ويبقى عصيّاً إنتقال الذوق ، الطعم ، النكهة ؛ فإختلاف امرأة عن إمرأة أخرى يكمن في نكهتها ، لون عينيها ، تكوين جسدها، تقاطيع وجهها ، وهذا ما يفصل امرأة عن أخرى ! (…) إن الترجمة هي نقل الهيكل العظمي وليس النور الشفاف للجسد ، والصعوبة الجوهريّة في ميدان الترجمة في نقل الهيكل والجسد في آن واحد “.

وفي كلّ الأحوال لابدّ للمترجم من أن يراعي (قدر المستطاع) التركيب النحوي للجملة الشعريّة في لغة (المصدر) وألاّ يتصرّف به في لغة (الهدف) إلاّ في أقصى اضطرار؛ إذ ” لاشك في أن عدم التمييز بين الفعل والمصدر والاسم والنعت والمفرد والجمع واسم الفاعل والفعل ، هو مشكلة من مشاكل ترجمة الشعر، ذلك أن المعنى في كل لغات العالم إنما هو مخلوق في غاية الرقة والشفافية ، فكل تغيير في الصيغة والتركيب مكلَّف بتأدية معنى معيّن. وطبقاً لذلك، لا يجوز للمترجم الذي يترجم نصاً من العربية إلى أية لغة أخرى أن يترجم ( بزغ) إلى ( بزوغ) فالمعنى ليس واحداً بين الفعل والمصدر، فلكل واحد منهما بنية زمنية ودلالة مختلفة. هذا يعني أن تغيّر الصيغة يترتب عليه تغيير في الدلالة الزمنية يكتمل بها المعنى العام للكلمة ” كما يقول الأستاذ ناظم عودة . وكذلك ينبغي الإنتباه إلى إختلاف المفردات (الكلمات..) المتقابلة في لغتيّ (المصدر) و(الهدف) من حيث الطول (عدد الأحرف) والجرس ؛ فلربّما تتكوّن جملة ذات موسيقى بهيجة في لغة (الهدف) بدلاً عن جملة ذات موسيقى محزنة أصلاً!

لئن ظل المترجم من قبل ومن بعد مقيّداً بالمتن ، فإذا لم يفلح في إنجاز معادل موضوعي لمضمون المتن وجرسه الموسيقي ؛ فالأولى به أن ينقل المضمون بدقة وأمانة ؛ فله الأولويّة وهذا ” أضعف الإيمان” على أن يقتصد في الشروح والتعليقات اللغويّة المرهقة. و من الخطأ الفاحش أن يحسب المترجم متون المصدر مثاليّة و مقدّسة ؛ مهما ارتقت ، فيصاب بالرهاب أمامها ! أمّا أنْ يتجاوز المترجم المتن في لغة الصدر ويؤلّف من عنديّاته في لغة الهدف ؛ فلا يدخل قطعاً حقل فن الترجمة ، ولاأحسبنّه ترجمة إبداعيّة، وما فعله فيتزجيرالد و احمد رامي و مام هجار موكرياني و محمد صالح القرق أمثلة ساطعة على ذلك!
و هنا يجب إيراد رأي المترجم المتمرّس القدير عبدالقادر الجنابي:

“هناك من يتحجج بأنه لا يترجم حرفيا فتمتلئ ترجمته بالمعاني الخاطئة. الترجمة إما أن تكون دقيقة أو لا؟ ودقتها لا يعني أنها تفقد نبرتها الشعرية أو الجمالية، وإنما أن يتحول الأصل ، في ترجمة الشعر، إلى نص مواز له. في الترجمة الأمينة لروح النص وشكله ليس هناك حتى مجال للترادف ، عليك اختيار الكلمة الدقيقة التي لا يمكن أن تستبدل حتى بمرادف”.

إن ترجمة الشعر عن لغة وسيطة ثانية أو ثالثة غير محبّذة ، ولايبرّرها سوى الإضطرار، أيّ ما يشبه (التيمّم) في غياب الماء ؛ إذ ماذا يفعل مترجم مثلي إزاء الشعر الذي يستحق الترجمة عن اللغات : الأرمنيّة، الجورجيّة، الباسكيّة، الأمازيغيّة، المليالاميّة، اليابانية والسواحليّة، على سبيل المثال، لا الحصر. وهنا يمكن إنجاز ترجمات جيّدة عن لغات وسيطة مع استشارة المتون الأصليّة بلغاتها الأصليّة ؛ إن أمكن ذلك. ويمكن الركون – إلى حدّ لابأس به- إلى الترجمة عن لغة وسيطة لمتن من لغة من عائلتها نفسها مثل ترجمة الشاعر المهدي اخريف لشعر بيسوا البرتغالي عن الإسبانيّة إلى العربيّة. ومع ذلك تبقى هكذا ترجمات في حكم (التيمّم) فـ “إذا حضر الماء ؛ بطل التيمّم ” حتماً. وفي الوقت نفسه من المفيد جداً ، إستشارة الترجمات الجيّدة الموجودة في اللغات الوسيطة ، وحتى الدراسات التحليلية للأشعار المختارة للترجمة ، عند ترجمة الشعر عن اللغات الأصليّة.

وهنا تنبغي الإشارة إلى ترجمات (إستثنائيّة) جيّدة لشعر لوركا عن اللغتين الإنكَليزيّة والفرنسيّة هي أفضل بكثير من ترجماته عن الإسبانيّة!

من المستحسن جداً أن يرافق الشاعر نفسه مترجم شعره ( إن كان ذا دراية جيّدة أو لابأس بها بلغة الهدف) ليشرح غوامض المعاني في شعره ، و يبصّره بالزلاّت والهفوات ؛ إن وجدت ، أو يوضّح في الأقل هذه العبارة أو تلك الجملة المستغلقة في متن شعره ، إنّما بشرط أن تبقى الكلمة الأخيرة للمترجم في صياغة نص الترجمة بعد تشخيص الهنّات والزلاّت ومعالجتها.

إن النقد الترجمي النزيه ضروري جداً، وليس الإنتقاد الجارح ؛ فللنقد البنّاء دور مهم ومؤثر في التقويم والتقييم…وهنا تجدر الإشارة إلى إنجازات الناقد الألمعي عبدالقادر الجنابي والأستاذ صلاح نيازي في هذا المجال.

من المؤسف ان مترجمي الشعر عندنا كثار، لكن أغلبهم يترجم نصوصاً بائسة لاترقى إلى مصاف نصوص شعرائنا من الدرجة العاشرة ! بل حتى خواطر طلبة المرحلة المتوسّطة ، ولهذه الترجمات آثار سيئة على ذائقة المتلقين والمتلقيات ، لاسيّما إذا كانوا / كنّ شعراء /شواعر ناشئين / ناشئات ! فعلى سبيل المثال قرأت (15 كتاباً- مختارات من الشعر الأمريكي..) للمترجم القدير/ الشاعر المبدع سامر أبي هواش ، تخلو ثلاثة أرباعها من ألق الشعر في الترجمة العربيّة ، علماً أن أباهواش مترجم متمرّس ، بل وشاعر مرهف الحس ، لكنّ كعب أخيل هو أن يترجم نصوصاً غير جديرة بالترجمة ؛ ولتوضيح رأيي هذا ؛ أتساءل : هل أنّ جميع أشعار مولانا جلال الدين الرومي و حافظ الشيرازي بالمستوى الراقي نفسه ؟ وهل أن مؤلّفات دانتي كلّها بمستوى الكوميديا الإلهيّة ؟ وهل أنّ جميع سونيتات شيكسبير بالمستوى نفسه ، وهل ان جميع مسرحيّاته بمستوى (هاملت) ؟ وهل ترقى تآليف سرفانتس جميعها إلى مصاف دونكيخوتيه ؟! إذنْ لابدّ من اختيار النصّ الأرقى لترجمته ، فهو الأولى والأجدر ، دون هدر الوقت والجهد في ترجمة النصوص اليسيرة الترجمة (حائط نصيّص !/ باللهجة العراقيّة).

ولابدّ هنا من التأكيد على نقطتين مهمّتين جدّاً ومترابطتين في الوقت نفسه، ألا وهما ليست هناك لغة كبيرة وأخرى لغة صغيرة ، وإنما هناك شاعر كبير وآخر صغير، ثمّ انه لو كانت الكتابة بلغة منتشرة عالميّاً لازمة للعالميّة ؛ لكان جميع الذين يكتبون باللغات : الإنكَليزيّة ، الإسبانيّة ، الروسيّة ، الفرنسيّة ، الألمانيّة والصينيّة (وغيرها من اللغات المحسوبة كبيرة وحيّة) مبدعين عالميين كباراً، إلاّ أن الأمر مرتبط بمستوى الكتابة وليس باللغة المكتوبة بها حصراً.

وختاماً تجدر الإشارة إلى أسماء نخبة مبدعة من مترجمي ومترجمات الشعر إلى اللغة العربيّة، مع الإعتذار لكلّ من لايحضرني اسمه الآن ، علماً بأني لست بصدد إعداد كشاف بأسماء المترجمين والمترجمات ، وإنّما الأمر يتعلّق بذائقتي الشخصيّة قارئاً ، شاعراً ومترجماً.

عن الإنكَليزيّة: توفيق صايغ / عبدالقادر الجنابي/ عابد اسماعيل/ سركَون بولص / فاضل السلطاني/ احمد مرسي/ ممدوح عدوان / سعدي يوسف / شهاب غانم/ ياسين طه حافظ / بدر توفيق/ زين العابدين فؤاد/ رفعت سلاّم / فاطمة ناعوت/ سامر ابو هواش / محمد حلمي الريشة ، كامل يوسف حسين ، محمد عيد ابراهيم ، محمد عفيفي مطر/ احمد شافعي …

عن الفرنسيّة: كاظم جهاد / عبدالقادر الجنابي/ أدونيس/ اسكندر حبش/ سعد صائب / سمير الحاج شاهين، شاكر لعيبي / شربل داغر..

عن الروسيّة: حسب الشيخ جعفر / حياة شرارة/ برهان شاوي / ماجد علاء الدين ..

عن الإسبانيّة: المهدي اخريف/ طلعت شاهين / صالح علماني..

عن الألمانية: كاظم جهاد / صالح كاظم/ احمد حسّان/ خالد المعالي..

عن الإيطاليّة: عيسى الناعوري/ محمد بن صالح ..

عن اليونانيّة: نعيم عطيّة / محمد حمدي ابراهيم ..

عن الفارسيّة: محمد غنيمي هلال / إسعاد قنديل / عبدالعزيزبقوش/ محمد نورالدين/ موسى بيدج .

عن التركيّة: عبداللطيف بندر أوغلو/ عبدالوهاب الداقوقي/ نصرت مردان/ عبدالقادر عبداللي..

عن البولونيّة: هاتف الجنابي /عدنان مبارك

عن اليابانيّة: محمد عضيمة

عن الدانماركيّة : جمال جمعة

عن العبريّة : نائل الطوخي / سلمان مصالحة.

عن بضع لغات: عبدالغفار مكاوي/ جمانة حداد.

ولئن كان وجود مترجمين ومترجمات مبدعين و مبدعات بين لغتين حالة إستثنائيّة نادرة ؛ فمن الصعوبة جدّاً تصديق وجود مترجم أو مترجمة عن بضع لغات أو أكثر رغم عدم إستحالة ذلك هنا و هناك ، فقد كان المترجم الأوكراني ميكولا لوكاش يترجم عن إثنتين وعشرين لغة ، والمترجم الفرنسي أرمان روبان يترجم عن خمس عشرة لغة!

وختماً لابدّ من القول أنّ مثل المترجم في المجتمعات المتخلفة كمثل السّمك “مأكول و مذموم”! يقتات الشعارير على ثماره سرّاً ويذمّونه سرّاً و جهراً ، وإذا ما أصدر شعرور أو شعرورة كرّاسة خواطر؛ ينبري النويقدون لتقريظها أيّما تقريظ ببضع مقالات ، ناهيكم عن الدراسات التي تتخللها الخطاطات (الرسمات) الهندسيّة والجبريّة والمعادلات الكيمياويّة والهرمنوتيكيّة وفضلات بارت ، فوكو، دريدا وكرستيفا…..! ومع كلّ ذلك يظلّ الإمبراطور عارياً (رحم الله اندرسن) أمّا الترجمات حتى الرائعة منها فلاتحظى بأيّ اهتمام جاد إلاّ ماندر ، وقد يُستَكثَر عليها حتى الخبر والعرض في أغلب الأحيان ، لا بل يتربص بها البعض لنهشها وازدرادها بالبراثن والأنياب ! وكان الله في عون مترجمينا ومترجماتنا.

*****

(*) هذه الشهادة منشورة في مجلّة (بيت الشعر) الإماراتية (ع8) يناير2013 ، وكان المفروض أن أقدّمها في مهرجان الفجر الشعري العالمي بطهران في شباط 2011، لكنهم حذفوا فقرة الشهادات، وقرأت بضعاً من قصائدي باللغتين الكرديّة والعربيّة ، وقرأ أحدهم ترجمتي الفارسيّة ، التي راجعها (مشكوراً) صديقي الشاعر والمترجم الإيراني المعروف موسى بيدج .

اترك رد