قال الروائي التركي أورهان باموك، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب (2006)، إنه عني منذ شرع في الكتابة بالتأريخ الفني لمن لا تاريخ لهم وهم عموم الشعب ممن لا يذكرهم المؤرخون،إذ يركز التاريخ الرسمي غالباً على “السرديات الكبرى” الخاصة بالحكام.
أضاف باموك في افتتاح “مهرجان القاهرة الأدبي” مساء السبت 14 فبراير إن أعماله ترجمت إلى 62 لغة، ولكنه غير متأكد من دقة الترجمة وما إذا كانت حافظت على روح النص الذي كتبه، باستثناء اللغة الإنكليزية التي يجيدها ويطمئن إلى من يترجم أعماله إليها.
تابع أنه في سبيل كتابة أعمال روائية أبطالها من المواطنين العاديين اهتم بالبحث عن أشياء صغيرة خاصة بهؤلاء، ومنها فرشاة الأسنان ومتى بدأ استخدامها وأدوات المعيشة وكافة التفاصيل التي لا يلتفت إليها المؤرخون الرسميون.
“مهرجان القاهرة الأدبي” الذي افتتح في بيت السحيمي الأثري بالقاهرة الفاطمية يحمل شعار “مزج الثقافات وتواصل الأجيال”، ويشارك فيه أدباء من 16 دولة هي: ألمانيا، سويسرا، المجر، تركيا، بولندا، سلوفاكيا، التشيك، أيرلندا، استونيا، اليونان، الكويت، الأردن، السودان، ليبيا ولبنان إضافة إلى مصر.
وكان افتتاح المهرجان حواراً تركياً مصرياً مثله كل من باموك والروائي المصري إبراهيم عبد المجيد الذي قال إنه عني بالتأريخ لمدينة الإسكندرية التي ولد فيها، وكانت عنوانا لبعض أعماله بداية من روايته “لا أحد ينام في الإسكندرية” التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني قبل سنوات.
أضاف أن إقحام السياسة في الرواية يفسد انتماءها للأدب، لهذا السبب يركز في أعماله التي تتماس مع أحداث سياسية -مثل روايته “في الصيف السابع والستين” عن حرب 1967- وعلى ما يشغل الناس من هموم إنسانية وإعادة بعث الروح في أماكن اندثرت.
تابع إن رواية “في الصيف السابع والستين” تأخر نشرها خمس سنوات بسبب وجود رقابة على نشر الكتب حتى عام 1979، وأن سقف حرية التعبير حين ينخفض يدفع الكاتب للبحث عن حلول فنية “يتحايل بها على القيود الرقابية في أي دولة دكتاتورية… هذا موجود في كثير من روايات أميركا اللاتينية” ومنها “سيدي الرئيس” للغواتيمالي ميغيل أنخل أستورياس (1899-1974) الحاصل جائزة نوبل في الآداب (1967).
بدوره أوضح باموك أن تاريخ الإبداع الأدبي ارتبط دائماً بالقيود على حرية التعبير التي تمنح الكاتب فرصا للبحث عن صيغ فنية متنوعة للهروب من سقف الرقابة، وهذا ما عاناه الكاتب الروسي الشهير فيودور دستويفسكي (1821-1881) الذي واجه مثل هذا التضييق أيضاً.
أما المدير التنفيذي لـ “مهرجان القاهرة الأدبي” محمد البعلي فاعتبر أن المهرجان يهدف إلى إيجاد قنوات للتواصل بين جمهور الأدب وكتاب ينتمون إلى أجيال وثقافات مختلفة. وأضاف في تصريح لـ “رويترز” إنه يأمل أن يقام المهرجان سنوياً لتعزيز التبادل الثقافي بين الأدب العربي والآداب الأجنبية.
أشار إلى أن المهرجان الذي يستمر أسبوعا وتدعمه وزارة الثقافة المصرية وكلية الألسن بجامعة عين شمس ومراكز ثقافية في ألمانيا وسويسرا وأيرلندا وسلوفاكيا والمجر ودور نشر مصرية، ستقام أنشطته في أماكن أثرية في القاهرة الخديوية “وسط البلد” والقاهرة الفاطمية، منها بيت السحيمي، بيت الشعر “بيت الست وسيلة”، وكالة الغوري وبيت السناري.
(رويترز)
*****