البروفسور الأب يوسف مونس
كان فالنتين معلماً ومربياً مسيحياً، وكان في المدينة حيث تقيم، صبية جميلة عمياء. وكان والدها حاكماً للمدينة وهو يحب ابنته الوحيدة العمياء، ساهراً على راحتها وتربيتها احسن تربية، وطلب من فالنتين دون ان يعلم انه مسيحي ان يأتي الى قصره ليعلم ابنته ويدرسها، مثقفاً اياها بعلوم وثقافة تلك الايام.
فراح فالنتين يهتم بتربية وتثقيف تلك الصبية الجميلة العمياء. وهي تتابع باجتهاد وذكاء دروس معلمها فالنتين. وكان فالنتين من مرة الى اخرى يخبرها عن يسوع المسيح وعن حبه وحياته وتعاليمه وكانت الصبية تطلب منه المزيد من اخبار وتعاليم ومعجزات وتصرفات يسوع وعن عجائبه خاصة شفاء الاعمى، طالبة من الرب يسوع ان يشفيها من عماها ويدعها ترى النور وجمال الكون.
وعندما انهى فالنتين تعليمها وشاء الانصراف عنها فاجأته طالبة منه ان يعمّدها فتمنع خوفاً عليها من والدها الحاكم. فالحت عليه. عندها سكب المياه على رأسها وعمدّها باسم الثالوث الاقدس الاله الواحد الاب والابن والروح القدس بعد ان اعلنت ان المسيح هو ابن الله وهو مخلص العالم كما ورد في اعمال الرسل.
وعندما تعمدت انفتحت عيناها ورأت النور فصرخت انني ارى، لقد فتحت يا فالنتين عقلي للعلم والمعرفة والحقائق الكبرى، وفتحت قلبي لنور الايمان بيسوع المسيح الاله الحق ومخلص وفادي العالم. وركضت الى والدها وهي تصيح وتصرخ كما صرخ الاعمى في الانجيل بعد ان قال له يسوع «اتفتح» وانفتحت عيناه ورأى النور فراح يصرخ ويركض ويقول انني ارى انني ارى. وعندما رآها والدها فرح بها وسألها كيف تم ذلك وهو يضمها الى صدره. فقالت لقد عمدني فالنتيوس وفتح قلبي على نور الايمان بيسوع وحبه بعد ان انار عقلي بمعرفة العلوم والحقائق الوجودية الكبرى.
فغضب الاب كيف تركت ابنته الايمان بالالهة التي يؤمن هو بها، وقد رباها على الايمان بها وطلب معونتها، فامر ان يأتوه بفالنتين، ولما حضر فالنتين امامه صرخ به قائلا : طلبت منك ان تنير عقل ابنتي بالمعرفة فانرت قلبها وعينيها بنور المسيح!
وقال للجلاد اقطع رأسه فوراً ولم يسمع الى استعطاف ابنته لاجل فالنتين.
وقطعوا رأس فالنتين، واخذت الصبية الجميلة جسد فالنتين ودفنته على كعب لوزة مزهرة واضعة باقة زهر من زهر اللوز (الذي يقال عنه مجنون) والذي يزهر في شباط ايام البرد والثلج كاتبة على الباقة: «الى فالنتين مع حبي». وراحت كل سنة تأتي الصبية الى القبر وتضع باقة زهر اللوز كاتبة: «الى فالنتين مع حبي».
واللوز يزهر في ايام البرد والثلج والشتاء قبل جميع الاشجار ويزهر معه ايضاً الوزال والجربان والبلان، انها بداية ربيع الحياة والحب والعشق، وتحول مع الايام العيد المسيحي الى عيد العشق فقط دون اي معنى روحي مسيحي، فلنعط اليوم لهذا العيد معناه الحقيقي في الحب ولا نحوله الى عيد تجاري وثنيّ.
****
(*) أمين سر اللجنة الاسقفية للإعلام