إحلم، يا رجل! (15) ينهشك الواقع؟ أنقذ نفسَك بالحلم

الأديب إيلي مارون خليل

لا شكّ في أنّ الواقعيّة هي، أحيانًأ، إحدى طُرُقِ النّجاح، النّجاحِ المضمون. لكنّها، في أحيان أخرى، لا elieتكون كذلك! فكيف!؟ أيُعقَل أن تكون الأمرَ ونقيضَه!؟ أم أنّ في القولِ ما فيه من تُرَّهاتٍ، أو سَفسَطاتٍ، أو غباوات!؟

تُفْضي الواقعيّةُ إلى القناعة. فهل هذا هو المطلوب، إجتماعيًّا ونفسيًّا وفكريًّا وحياتيًّا و.. على كلِّ صعيد!؟ ألا تقضي القناعةُ على الطّموح، وهذا، بدَورِه، على الحلم، وهذا على السّعادة!؟

تكون القناعةُ سببَ السّعادَةِ، حين يكون الإنسانُ غيرَ طمّاعٍ! ألطّمَعُ غيرُ الطُّموحِ. ألطّمَعُ فتّاك! مرضٌ روحيّ نفسيّ فكريّ اجتماعيّ دينيّ سياسيّ فَتّاك! وإلّا، بمَ نفسّر جشع أهلِ الإقطاع الاجتماعيّ السّياسيّ الدّينيّ؟ وبمَ نبرٍّر تَكالبَهم، ولا تعميم، علينا، وعملِهم لمصالحهم، بعيدًا جدًّا عن القِيَم، وعن الفضائل، وعن مصالح “النّاس والعِباد”؟

تكون القناعةُ طريقَ السّعادةِ، حين تكون الاكتفاء الفائض على النّفسِ، والمَفيض منها، في انسجامٍ تَكامليّ مِثاليٍّ وتامٍّ. في هذا الفيض كمالٌ “شَعشَعانيٌّ” دائمُ الإشراقِ الحميم، صادرٌ عن النّفسِ، فائضٌ عليها، فلا حاجة لأمر، ولا حاجة لشيء. تكون النّفسُ، في هذه الحال، مرآةً نقيّةَ الصّفاءِ للكُلِّيّةِ المُنبَثِقة من المِثال ــ الكمال. فماذا تبتغي، بعدُ!؟

ولا تكون كذلك، حين يكتفي صاحبُها بالكفيفِ الشّحيح المُقَتَّرِ المُقَتِّرِ، فلا رؤيا ولا إحساسَ بالنّقصِ، ولا ثُعورَ بحيويّةِ الخدمةِ وضرورتِها البنّاءة!

ولا تكونُ طريقَ نجاحٍ، ولا سَعادة، حينَ هي واقعيّةُ قناعةٍ عن قُصورٍ، أو خوفٍ، أو رهاب. في هذه الحال، هي، أيضًا، حالةُ مرض. فالإنسان للنّجاح، لسعادة إتمام الطّموحِ الّلا محدود. وهذه مَهَمّتَه الّتي من أجلها أُوجِد. وإلّا، كانت الحياةُ فترةَ انتظارٍ للنّهاية المحتَّمة بالموت. حياةٌ مثلُ هذه؟ اسمٌ مستَعار للسّوداويّة والتَّطَيُّر.

أرى أنّ الواقعيّةَ تكمُنُ في أن تعرف، أنت، طاقاتِك وهواياتِك بالتّحديد، بمنطقٍ عقلانيّ، فتكون مُلِمًّا بذاتِك، فاهمًا جوّانيّتَك، واعيًا دورَك، مسؤولًا عن رؤاك، وإلّا، فإنّك، عن النّجاح بعيدٌ، ومن الفوضى قريب، ولغير الواقعي الواعي زميل.

تستطيع أن تكون واقعيًّا طَموحًا معًا. بل إنّه لَواجِبٌ عليك أن تكون كذلك. كإنسانٍ؟ جوهرُك الطُّموحُ. ميزتُك النّجاح. غايتُك السّعادة، انطلاقًا نحو الكمال!

ما يقودُك إلى هذا!؟

إنّه الحلمُ! الحُلمُ الحقيقيُّ الرّافضُ الواقعيّةَ المريضةُ، الفتّاكةُ، المُظلِمة. ألقناعةُ ليست نقيضَ الطّموح. ألطّموحُ رَديفُ الحُلْمِ. ألحُلْمُ حَثٌّ على العملِ الّذي يذهبُ إلى حدود الرّشاقةِ العَمَليّةِ المؤدِّيةِ إلى أتَمِّ إتْمامِ النّجاح!

يَنهَشُكَ الواقعَ؟ أنقذْ تفسَكَ بالحُلمِ. تُحاوِلُ أوحالُ ألواقع أن تُقيّدَك، خلّص نفسَكَ منها بالمخاطَرة! لا ينجحُ إلّا الحالِمونَ المُخاطرون!

إحلم، يا رجل! إحلم! تنجُ من مخالب القَناعةِ الواقعيّة العِلميّة الخؤون!
إحلم، يا رجل! إحلم! تنجُ بعمرِكَ السّريع، تتجاوز الزّمن الغادر.
إحلم!

ألاثنين 22 سبتمبر 2014

اترك رد