بعد مرور أسبوع تقريباً على الهجوم الذي تعرضت له مجلة “تشارلي إيبدو” الساخرة بسبب نشرها للرسوم المسيئة للنبي(ص)، يمكن أن نقرأ النتائج والتداعيات بعقل بارد بعيداً عن العواطف والردود السريعة، فأين كنا قبل الهجوم؟ وأين أصبحنا بعد الهجوم:
1- لقد أدى الهجوم إلى انتشار موجة جديدة من العنصرية والعداء ضد العرب والمسلمين والإسلام في العالم، ولا سيما ضد المهاجرين من أصول عربية وإسلامية في العالم.
2- استفاد الكيان الصهيوني من الهجوم كي يعود إلى الواجهة الدولية عبر المشاركة المباشرة لرئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتنياهو في تظاهرة باريس ومن خلال تجديد الدعوة ليهود فرنسا للهجرة إلى الكيان الصهيوني كونه “الملاذ الآمن” لهم.
3- قامت المجلة بطباعة عدة ملايين من النسخ والتي تضمنت مجدداً الرسوم المسيئة للنبي(ص) مما يعني الانتشار الأوسع لهذه الرسوم بدل منع انتشارها، كما قامت مجلات وصحف عالمية بنشر هذه الرسوم.
4- لم تجر مناقشة هادئة لمنع الاساءة للمقدسات الدينية الإسلامية أو المسيحية أو غيرها، رغم صدور العديد من البيانات والمواقف الرافضة للإساءة للمقدسات الدينية، وبالمقابل تعززت الدعوات والمواقف الداعية لحماية الحريات وعدم التعرض لمن يسيء للمقدسات الدينية.
5- جرت اعتداءات عديدة على المسلمين وعلى الأماكن الإسلامية في أوروبا رغم سعي القادة الأوروبيين لرفض هذه الاعتداءات ورفض المزج بين “الإسلام” والإرهاب والتطرف.
وفي مقابل هذه النتائج قد تكون برزت دعوات ومواقف تدعو لمواجهة التطرف الديني وإعادة النظر بالسياسات الغربية تجاه العالم العربي والإسلامي والدعوة لتعاون دولي في مواجهة التطرف، لكن هذه الأصوات لا تزال خافتة، والبعض يحاول الاستفادة من نتائج ما جرى لتحميل بعض الدول مسؤولية تصنيع “المتطرفين” ومن أجل الدعوة للبحث عن حلول سياسية لأزمات المنطقة.
لكن إذا قارنا النتائج السلبية لما جرى ببعض الانعكاسات الإيجابية، نجد أن الأولى تتقدم على التالية، وذلك يجعلنا نؤكد على الدعوة للتفكير ملياً وبعمق حول من يقف وراء هذه الهجمات؟ ومن المستفيد منها؟ وكذلك حول كيفية مواجهة هذه الموجة الجديدة من الإساءة للإسلام والمقدسات الدينية في الغرب، وبروز ما يسميه البعض “ظاهرة اللادينيين”.
نحن إذاً أمام منعطف فكري وسياسي و استراتيجي جديد في العالم وكل ذلك يحتاج لوقفة تأمل هادئة بعيداً عن العواطف وردود الفعل السريعة.
*****
(*) مقدمة المقتطف الإسلامي الصادر عن مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر