يوحنا العاشر في تنصيب مطران الكويت : كأن قدر هذا المشرق أن يكون حنطة تطحنها الصراعات وتكتفي عليها الأمم بالترثي العقيم

ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر خدمة صلاة الشكر في كنيسة yazigy- kueit 11البشارة في الكويت وسلم لمطرانها المنتخب غطاس هزيم عصا الرعاية، بحضور نائب وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ علي الجراح الصباح ممثلا أمير الكويت صباح الجابر الأحمد الصباح وعدد من المطارنة والسفراء.

وفي نهاية الصلاة اكد يوحنا العاشر في كلمته انه “شرف لأنطاكية وواجب أن ترعى أبناءها أينما حلوا، شرف لها ومجد أن تفخر بهم وترسل لهم مما أعطاها الله من مواهب. شرف لها وواجب أن ترنو بناظرها إلى من خرج من جرنها العمادي إلى أصقاع الدنيا ولم تخرج هي من قلبه، كنيسة مجيدة لا عيب فيها ولا غضن رغم ضعفات البشر. شرف لها ومجد لكنيستها أيضا أن تكون بذرة تسامح وشعلة بقاء في أرض المشرق وأن تكون سفيرة محبة وتواصل مع كافة مكوناته. شرفها ومجدها أيضا أن تتكلم لغة شعبها ومنطقتها وأن تكون سفيرة يسوع إلى لغة الضاد وشراع ثقافة الضاد إلى المسيحية في كل بقاع الأرض”.

اضاف: “نحن اليوم في الكويت، في هذا البلد الطيب الذي ووجودنا يعبر عن صلب وجود كنيسة أنطاكية التاريخي والمستمر في الخليج العربي والجزيرة العربية. ووجودنا هذا هو رسالة بمسؤولية أنطاكية بشرف رعاية أبنائها. ومن هنا نرسل التحية إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح وإلى معاونيه في الحكم ونضرع إلى الله أن يحفظهم وشعب الكويت الطيب بخير وسلام. وإننا نعبر عن شكرنا لرعاية سموه لأبنائنا”.

وتابع: “اليوم جئنا بخير خلف لخير سلف. إننا واثقون أن سيدنا غطاس سيكمل أتعاب سيدنا قسطنطين الذي نطلب جميعا بركة صلواته ونقر له بكل عرفان ونصلي إلى الله أن يمنحه العمر الطويل. ونثق وبأنه وفي شيخوخته الطيبة وبسنيه الملآى بثمار الأتعاب مثال وتجسيد لذلك القول (التي لك مما لك أقدمها لك يا ربي على كل شيء)، لقد أعطى سيدنا قسطنطين وزناته وبذرها في كل الخليج العربي، وخير وزناته وأثقلها هو تواضع الكبار”.yazigy- kueit 11-2

وتوجه الى المطران الجديد بالقول: “وأما لسيدنا غطاس فنقول: اليوم سلمناك عصا الرعاية، واخترنا أن نخاطبك ونقول وتوكأ عليها وتقو بها روحيا لتتمكن من أن تشق أمواج البحر المتلاطمة حول الكنيسة المقدسة. هذه العصا قوة لك تتكئ عليها عندما تكون والرعية الموكلة إليك أوتار قيثارة واحدة تعزف نشيد تمجيدها للمسيح اتحادا، قوة، محبة، تناغيا نحن واثقون أنك سيده. هذه العصا هي شعبك الذي تتقوى به ويقوى بك. هو عكازك وأنت عكازه. لقد عرفنا فيك الغيرة الرسولية والأصالة الإيمانية أيها الأخ. ووجدنا فيك إنسانا انتقاه حب الناس والإلفة معهم راعيا وأبا وأخا. فيك يا سيدنا نتحسس إيمان محردة وغيرة أبنائها الطيبين. ومن هنا نرسل التحية لهم ونضرع إلى الله أن يؤهلنا أن نكون بينهم في أقرب وقت”.

وتوجه الى الشعب المشارك، قائلا: “وأما لشعبنا المؤمن فنقول: كنيسة أنطاكية مشتل كينونة لكل منكم. نحن مسيحيي هذه الديار مجبولون بأديمها. لم نكن فيها ضيوفا ولن نكون. نوازل التاريخ إن كثرت وإن قلت فهي لا تلغي حقيقة واحدة وهي: أن أرض بطريركية أنطاكية كانت موئلا لعيش واحد مهما اختلف الدين ومهما تناثرت الطوائف. وهذه الأرض تتطلع دوما إلى ناصع صفحات تاريخها وتأمل من المستقبل أن يكون على صورة ناصع صفحات تاريخها. نحن نفخر بكم يا أبناءنا في الكويت. نحن منكم وفيكم مهما ابتعدت المسافة. ونحن نعلم أنكم مجبولون بمحبتكم لكنيستكم الأم. وهي اليوم ودوما تبادلكم المحبة إذ تعلم أنها مشتولة في قلوبكم وأن إيمانها مزروع في صدوركم ومنقول دوما من الكبير إلى الصغير”.

اما عن الازمات في المنطقة فقال: “من هنا، من الكويت نصلي من أجل السلام في سوريا والاستقرار في لبنان. نصلي من أجل المخطوفين ومنهم أخوانا المطرانان يوحنا وبولس والذي يتناسى العالم قضيتهم، وكأن النفس المشرقية هي أبخس ثمنا من الآخرين. وكأن قدر هذا المشرق أن يكون حنطة تطحنها الصراعات وتكتفي عليها الأمم بالترثي العقيم. نصلي أيضا لكي يعي الجميع أن منطق اللقيا أقوى من طبول الصراعات وأن بذر قيم التسامح الديني، والذي نشهده عيانا، هو أول ما يطفئ التكفير والإرهاب والعنف ورفض الآخر”.

وختم: “حمى الله الكويت. وخدمة مباركة نتمنى لك يا سيدنا غطاس. نهنىء الأبرشية براعيها ونهنىء الراعي بأبرشيته. ومن هنا أبعث بالبركة الرسولية لكل أبنائنا في الخليج العربي والجزيرة العربية. وأسأل الرب القدير أن يحوطهم بعنايته الإلهية، هو المبارك أبد الدهور آمين”.

كان يوحنا العاشر ترأس قداسا إلهيا في الكويت تم في خلاله تنصيب مطران الكويت غطاس هزيم في كنيسة البشارة. شاركه في الخدمة: المطارنة غطاس هزيم (الكويت)، الياس كفوري (صيدا وصور)، جورج ابو زخم (حمص)، باسيليوس منصور (عكار)، إغناطيوس الحوشي (فرنسا)، المتروبوليت نيفن صيقلي، والأساقفة لوقا الخوري، ديمتري شربك وإيليا طعمة ولفيف الآباء الكهنة والشمامسة.

حضر القداس حشد من المؤمنين غصت بهم الكنيسة. وتمنى البطريرك للمطران الجديد خدمة مباركة تكمل المسيرة التي بدأها المطران قسطنطين باباستفانو، وأكد “قيم التسامح الديني والعيش الواحد”، وحيا أبناء الرعية في الكويت، مهنئا الراعي برعيته والرعية براعيها.

اترك رد