عينا فاتن حمامة أجمل من عيني الجوكوندا. ليس في وجه الممثّلة المصريّة غموضُ ابتسامةِ الإيطاليّة، لكنّ فيه إشراق الطفولةِ الخالدة الغموض في شفافيّة براءتها.
تظنّ أنْ ليس في وجهها غير العذوبة والأنوثة، لكنّك لا تلبث أن تكتشف السخرية، سخرية لطيفة أخويّة، وسخريةٌ متمرّدة كهبّةِ نسمةِ حرير، وسخريةٌ إذا غضبت فكشجرةِ وردٍ تُزايدُ على الريح التي تراقصها. إذا حزنتْ يحزنُ المشاهد ويدمع قبلها. عادةً يقال إنّها جسّدت في السينما «البنت الغلبانة».
لا أحبّ هذه الصورة، فيها بؤسويّة لا تُشبه فاتن حمامة إطلاقاً. قل إنّها جسّدت «البنت» في المطلق: البنت التي يُخاف عليها، التي تستثير فيك طبائع الحماية، البنت الوَسَط بين الطفلة والمراهقة والمراهقة ومراهقة أكثر نضجاً، البنت التي، من فرط نضارتها وإدخالها الروح إلى حياتك، لا تريد لها أن تكون إلّا معك.
ومَن ذا يودّ أن يسمع اسمه من صوت آخر بعد أن تناديه فاتن حمامة باسمه؟ والارتعاشات أو الدموع غير الظاهرة التي ميّزت صوتها، ارتعاشات كحِيَل الأولاد الخائفين من قسوة الكبار، دموع نجاةٍ تارةً وخوف طوراً، دموعُ مَن خَبِر الحياة قبل أن يولد.