“فرانس 24”
تعرضت جريدة “شارلي إيبدو” الساخرة في باريس، إلى هجوم إرهابي صباح الأربعاء 7يناير، نفذه ثلاثة مسلحين مجهولين، وراح ضحيته 12 شخصا من بينهم أربعة رسامين معروفين كشارب وولانسكي وكابي حسب مصادر قضائية.
روى إيمانويل كيمينير، رئيس نقابة الشرطة ” أليانس” وقائع الهجوم للصحافة قائلا:”قتل 12 شخصا من بينهم شرطيان موجودان أمام مقر صحيفة “شارلي إيبدو”. في البداية ضل المسلحون العنوان وذهبوا إلى رقم 6 من شارع نيكولا أبير حيث مقر الصحيفة، لكنهم بعدما سألوا سكان في العمارة أكدوا لهم أن مقر “شارلي إيبدو” يقع في رقم 10 وليس في رقم 6. فقصدوا مباشرة المقر وأطلقوا النار بالداخل بشكل كثيف وبواسطة أسلحة حربية”.
وأضاف رئيس نقابة شرطة ” أليانس” : بعد قيامهم بهجومهم لاذ المسلحون بالفرار على متن سيارة ستروين إلى ضاحية “بانتان”، ثم استقلوا سيارة رينو استولوا عليها بالقوة، مشيرا إلى أن الأمن الفرنسي يبحث عنهم وسيعثر عليهم”٠
واكتظت الشوارع والطرقات المؤدية إلى مقر صحيفة “شارلي إيبدو” بالصحافيين والمارة الذين علقوا على الهجوم الذي استهدف المجلة الساخرة.
” والدتي تبكي من شدّة الخوف”
قال ريال ياسين، شاب لا يتعدى عمره 17 سنة، لقد شعرت بخوف كبير عندما سمعت طلقات الرصاص. أسكن في العمارة نفسها التي يوجد فيها مقر “شارلي إيبدو”، لكن لحسن الحظ كنت خارج العمارة خلال وقوع الهجوم ولم أتمكن من الدخول بعد وقوع الحادث.
وأضاف ياسين وهو مضطرب و كأنه لا يفهم ماذا وقع:” تلقيت مكالمة هاتفية من والدتي التي داخل البيت وهي تبكي وتقول لي: “ياسين لا تقترب من المنزل ولا تقترب من العمارة. ثمة إرهابيون بالداخل. أهرب بعيدا ولا تعد إلى البيت”. أخبرتني أنها سمعت طلقات رصاص وأصواتاً مرتفعة، وكانت تبكي من شدة الخوف والحزن. حاولت الاتصال بها هاتفيا مرات، لكن دون جدوى. ربما كانت نائمة أو تلقت إسعافات ومساعدة من طرف الشرطة وعناصر الدفاع المدني”.
“كيف تمكن إرهابيون من عبور باريس وبأسلحة ثقيلة”؟
سيرج ديفريسي، مدير الوكالة العقارية في بلدية باريس، عبر عن حزنه وغضبه الشديدين بعد مقتل صحافيي “شارل إيبدو” وشرطيين.
وقال في حوار مع فرانس 24 قرب مكان وقوع الحادث:” كان مقر الصحيفة محروسا من طرف الشرطة على مدار الساعة. لكن منذ شهر ونصف على الأقل، خُففت الحراسة ورحلت سيارة الشرطة من أمام المقر، واكتفت الشرطة بدوريات تفقدية مِنْ حين إلى آخر”، معربا عن أسفه إزاء قرار تخفيف الحراسة المفروضة على مقر الجريدة الساخرة. وتساءل:” كيف تمكن إرهابيون عبور باريس ومعهم أسلحة ثقيلة وقتل صحافيَيْن ثُمَّ الفرار من دون أن تتمكن الشرطة من توقيفهم أو إلقاء القبض عليهم رغم وجود خطة “فيجي بيرات الأمنية؟”.
التساؤل نفسه طرحه مواطن آخر يسكن قرب مكان وقوع الحادث، وقال إن فرنسا تدرك أنها مستهدفة من الإرهابيين بسبب مشاركتها في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكن رغم ذلك يبدو أنها لم تأخذ التهديدات على محمل الجد”.
كانت قوات الأمن انتشرت بكثافة وسط العاصمة باريس، فيما أغلقت ساحة “باستيل” وكل الطرق المجاورة لها، وتوافدت عشرات من سيارات الإسعاف لنقل الجرحى والقتلى إلى المستشفيات القريبة من مكان الحادث، وانتشرت عناصر من الشرطة على أسطح العمارات القريبة من مقر مجلة “شارلي إيبدو” وفي الشار حيث مقرّها.
“يوم أسود للصحافة الفرنسية”
منعت الصحافة التي غطت الحادث بقوة من الاقتراب من مقر “شارلي إيبدو”، أو استجواب السكان في العمارة حيث مقر الصحيفة الساخرة. وفور سماع الخبر، انتقل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند برفقة وزير الداخلية برنار كازنوف إلى مكان الهجوم، وحضرت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، ورئيس الجمعية الوطنية كلود بارتلون.
وفي حديث مقتضب مع الصحافة، أكد هولاند أن الهجوم إرهابي، معلناً رفع سقف خطة ” فيجي بيرات” الأمنية، متوعدا بإلقاء القبض على المسلحين وبملاحقتهم قضائيا، داعيا الفرنسيين إلى الوحدة والتحلي بالمسؤولية وبرودة الدم.
من ناحيته، أعلن رئيس منظمة “مراسلون بلا حدود” أن اليوم الأربعاء هو يوم أسود بالنسبة إلى الصحافة الفرنسية، فيما دعا الصحافي الفرنسي من أصل تونسي سيرج مواتي إلى التظاهر السلمي في شوارع باريس تنديدا بهذه الهجمات، موضحا أن غالبية المسلمين في فرنسا ضد هذه الأفعال.
تنديد في الشارع
تلبية لدعوة نقابات وجمعيات ووسائل الإعلام وأحزاب سياسية، تجمع أكثر من خمسة آلاف شخص مساء الأربعاء، في ساحة الجمهورية “لاريبوبليك” في قلب العاصمة التي لا تبعد كثيراً عن مكان وقوع الاعتداء، تنديدا بالعمل الإرهابي الذي استهدف مقر صحيفة شارلي إيبدو. و تجمع المشاركون ابتداء من الساعة 17،00 (16،00 تغ) وقطع السير في هذه الساحة.
وحمل بعضهم شارة سوداء كتب عليها “أنا شارلي”، كما رفعت لافتات كتب عليها “شارب مات حرا” في إشارة إلى رسام الكاريكاتور ومدير الصحيفة الذي قتل في الاعتداء مع ثلاثة رسامين آخرين.
هولاند: سلاحنا وحدتنا
في كلمة قصيرة للأمة نقلتها شبكات التلفزيون دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من جديد إلى وحدة المجتمع، وقال: “سلاحنا الأفضل هو وحدتنا. لا شيء يمكن أن يقسمنا ولا شيء يجب أن يفرقنا”، موضحاً أن الإعلام ستنكس لمدة ثلاثة أيام
.
وأضاف: “أريد هنا، أن أعبر باسمكم عن كل تقديرنا وامتناننا للأسر، للضحايا، للجرحى، للأقارب، لكل الذين أدماهم اليوم هذا الاغتيال الجبان، إنهم اليوم أبطالنا لذلك أعلنت أن غدا سيكون يوم حداد وطني، وسيتم الالتزام في الساعة الثانية عشرة(11 ت غ) بدقيقة صمت في جميع المؤسسات العامة وأدعو الشعب كله إلى الانضمام إليها”. وأعلن أنه سيجمع الخميس “رئيسي مجلسي البرلمان والقوى الممثلة فيه لإظهار حزمنا المشترك”.
وقال: “اليوم الجمهورية كلها هي المعتدى عليها، الجمهورية هي حرية التعبير، الجمهورية هي الثقافة، هي الإبداع هي التعددية هي الديموقراطية، هذا هو الذي كان مستهدفاً. الحرية ستكون دائما اقوى من الهمجية (…) ولا شيء يمكن أن يجعلنا ننحني…
مسلحون محترفون
أفادت مصادر في الشرطة الفرنسية، أن طريقة تحرك المسلحين الذين هاجموا صحيفة”شارلي إيبدو” الساخرة، في باريس صباح الأربعاء 7 يناير، وهدوءهم وتصميمهم الظاهر، إنما تكشف عن أشخاص تلقوا تدريباً عسكرياً عاليا.
ويبدو المسلحون في الصور التي التقطها أشخاص كانوا في المكان، أنهم يتصرفون بمهنية عالية ويشنون هجوما خطط له بدقة، حسب ما أفاد عضو سابق في جهاز لحماية الشخصيات وشرطي سابق في الشرطة القضائية.
وقال أحد الشرطيين: “حرفيتهم ظاهرة من طريقة الإمساك بأسلحتهم وتحركهم الهادىء غير المتسرع. من المؤكد أنهم تلقوا تدريباً عسكرياً. هؤلاء ليسوا أشخاصا عاديين خطر ببالهم فجأة القيام بعمل من هذا النوع”.
وأضاف أنهم يمسكون برشاشات كلاشنيكوف ملتصقة بأجسادهم، ويطلقون الرصاص طلقة طلقة متجنبين الرشقات، ما يكشف أنهم تدربوا تماما على استخدامها.
أما الشرطي الثاني الذي عمل سابقاً في الشرطة القضائية فيقول: “الملفت أكثر من أي شيء آخر رباطة جأشهم. من المرجح أن يكونوا تدربوا في سوريا أو العراق أو أي مكان آخر وربما في فرنسا، إلا أن الأكيد أنهم تابعوا تدريبا عالياً”.
يضيف: “الدليل على تصرفهم بدم بارد أنهم أخطأوا في البداية بالعنوان، وتوقفت سيارتهم أمام الرقم 6 في الشارع، في حين أن مقر الصحيفة يقع في الرقم 10. لم يرتبكوا، لم يطلقوا النار بل توجهوا بهدوء إلى مكاتب تحرير الصحيفة في الرقم 10”.
وفي أحد الاشرطة التي صورت من سطح منزل مجاور، بالإمكان مشاهدة شخصين من أصل ثلاثة مجهزين عسكرياً بشكل مميز: اللباس أسود، الوجه ملثم، أحذية رياضية، جعب لمخازن الرصاص قد تخفي سترات واقية من الرصاص. وبينما كانا يغادران المكان شاهدا شرطياً على دراجة هوائية فنزلا من السيارة وأطلقا النار عليه بدم بارد وطلقة طلقة. بعدها اقترب أحدهما منه وأجهز عليه برصاصة في الرأس وهو ممدد أرضا بعد إصابته. وبعدما تأكدا من عدم وجود شرطي آخر في المكان صعدا إلى السيارة من دون هرولة.
كلام الصور
1- غلاف شارلي إيبدو
2- الهجوم على الصحيفة
3- الصحافيون الشهداء
4- رسم كاريكاتوري لشارب
5- الرئيس فرانسوا هولاند متفقدا مقر الصحبفة
6- أثار الاعتداء على الصحيفة