مكة – الدمام (*)
يوجه مستشار الهيئة العربية للمسرح الدكتور يوسف عايدابي (متخصص في علوم المسرح والسينما) في اليوم العربي للمسرح رسالته من على منبر مسرح محمد الخامس في افتتاح الدورة السابعة من «مهرجان المسرح العربي» التي ستعقد في الرباط من 10 إلى 16 يناير 2015. في ما يلي نص الرسالة:
يعاني وطني السودان، أكثر من غيره على صعدٍ كثيرةٍ، سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، من انشطار الهوية؛ فشق منه عربي، وشقه الآخر أفريقي.
لسانه عربي، ورطاناته متعددة متنوعة.
سحناته عربية وأفريقية، وجذوره مختلفة عديدة؛ فهو جسر ثقافة العرب إلى أفريقيا، وهو محل تفاعل ثقافات أفريقيا مع العروبة.
ولقد انشغل المثقفون بهموم الوطن وأناسه، وذهبوا في ذلك الانشغال مذاهب شتى، كان لنا نصيب منها في مطالع ستينيات القرن الماضي، فعندما كنّا شبابا في جامعة الخرطوم، تنادينا، نحن كوكبة من شعراء الوطن، لطرح حيّز إبداعي جديد للثقافة السودانية تمييزا لها، تحت مسمى «الغابة والصحراء» نحو تعددية اثنية وثقافية، ولتنوع لقوس قزح ثقافي للهوية المتمددة والوطن المتمدد ليلم أشتات الأعراق والثقافات المتباينة؛ وبحيث يكون للجهات وناسها أصواتهم وأثرها وفعلها في ثقافة المركز.
لا نريد مسرحا للنخبة أو لفئة قليلة في بلداننا التي ترزح تحت نير الحروب والجوع والفقر والمرض.
في مثل بلادي الكليلة العليلة الممزقة، المقطوع شطرها – الغابة جنوبا، والمنفصل شقها – الصحراء شمالا، لا نريد للمسرح إلا أن يكون أداة اجتماعية ووسيلة للمقاومة والكفاح ضد التفرقة والاحتراب.
على المسرح أن يكون في مناطق النزاع والشقاق، وفي أماكن العلم والتنمية، فرصة للتسامح والتعايش والحوار؛ بل ولتقريب شقة الخلاف والاختلاف.
مسرح اليوم في بلداننا هو ذلك الحبل السري، فلا ينبغي أن يكون إلاّ عضويا بسيطا مباشرا، متحللا من الزوائد، منطلقا من الناس ومن وحيهم.
أن يكون المسرح وصلا في كل مكان، فما جدوى مسرح في المدينة لمن يسخّره لإلهاء في غير مصلحة الناس، بينما ربوع البلاد في غم وهم وظلمة ليل؟ نريد المسرح بدرا في ليل الأوطان، ونورا في دروبها، وصوتا هادرا في ميادينها، ونفيرا في بواديها؛ بل وبوسع المسرحِ أن يكون وسيلة ماضية مستدامة لتنمية الإنسان الجديد والمجتمع العربي الجديد.
فما علينا كمسرحيين إلاّ أن نعيد النظر في فكرة المسرح ودوره ووظيفته المبتغاة، وأن نتأكد أننا لا نحاكي ونتبع الغرب سيرا في الركب المتعولم..إن ظروفنا الراهنة إجمالا مضطربة متقلبة، وأناسنا يتطلعون حقيقة إلى ثقافة بديلة مختلفة تهديهم السبيل إلى وجود مغاير، وحياة أكثر سلما وعدالة.
وعلى المسرح أن يكون في طليعة أدوات المستقبل، وإلاّ فهو لزوم ما لا يلزم، زبد يذهب جفاء، فيا أهل المسرح، استيقظوا.
المسرحيون ينتفضون مع كلمة عيدابي
وجد بعض المسرحيين العرب رسالة يوم المسرح العربي التي كتبها الدكتور يوسف عيدابي من السودان، ونشرتها الهيئة العربية للمسرح، تنبيهاً ودعوة ليقظة المسرح العربي في الشأن الوطني والاجتماعي، وتفعيل دوره في محاربة العنصرية والتعصب في المجتمعات العربية.
«ذكرتني الكلمة بما حدث إبان ثورة يناير فقد التفت جموع الثوار لنوع مسرح لم يألفوه من قبل، وهو عروض مسرح الشارع التي كانت تقدم بشكل دائم في ميدان التحرير، بمثابة عقد جديد بين المثقفين المسرحيين وعامة الثوار، للتعبير الحقيقي عن الوطن».
أحمد خميس – مسرحي مصري
«أشار عيدابي بسبابة الجمال والفكر إلى المسرح الذي نريد، مسرح لعموم المواطنين، أداة اجتماعية للمقاومة والكفاح ضد التفرقة، ووسيلة مستدامة لتنمية الإنسان الجديد، يلم أشتات الأعراق والثقافات المتباينة، بعيدا عن الصيغ الوافدة المستوردة، متخذاً من مجمل أشكال التلاقي والتجمعات الشعبية مكانا لمسرحه لصيقة بالناس وبقضاياهم، وهي كلمة تعكس وجدان مثقف منشغل بهموم وطنه الذي ليس إلا رمزا لوطننا الواسع بل عالمنا الأوسع، وبإيجاد حيز إبداعي وثقافي جديد نعيد في كنفه كمسرحيين النظر في فكرة المسرح ودوره».
عبدالجبار خمران – مسرحي مغربي
«يحتاج عالمنا العربي اليوم إلى منارة فنية فكرية وإنسانية، إلى منبر حر وصريح، يشير بجرأة إلى مواقع الخلل في مجتمعاتنا، يجاهِر بقضايانا المحقة، يلقي الضوء على جراحنا وانقساماتنا العديدة، ليرسم من خلالها خريطة التلاقي والتعايش والتسامح، ذكرتني هذه الكلمة بوظيفة المسرح الأساسية، وهي الأكثر نبلا والأكثر فعالية في بناء إنسان مدرك ومجتمع عربي أصيل لا يشبه إلا ذاته».
لارا حتى – مسرحية لبنانية
«عيدابي مثقف حقيقي واع بحقيقة الأزمة التي يتخبط فيها المسرح العربي اليوم، نتيجة لتحولات عنيفة عصفت بعدد من آمال الشعوب العربية، فهل للمسرح اليوم إمكانية لإعادة إنتاج نفسه مدفوعا بأحقيته التاريخية في احتضان أعباء الشعوب ومحنها، وبلورتها في خطوط منفردة تعطي للمواطن أملا آخر في المستقبل؟ وضع المسرحيين العرب أمام مسؤولياتهم التاريخية اليوم تفرضه المنعطفات التي تمر بها بلداننا وعلينا أن نفعل شيئا ما».
وليد داغسني – مخرج مسرحي تونسي
«هي كلمة تحمل تعبيرا بليغا عن وضع المسرح العربي، صاغها عارف بالمسرح ومتعمق في مشكلاته،المسرح الذي يلم الشتات ويكون «فرصة للتسامح والتعايش والحوار»، هذه الكلمة تشخص حال المسرح وتبحث عن المسرح الحقيقي».
عباس الحايك – مسرحي سعودي
الرسائل السابقة
بدأ هذا التقليد في هذه المناسبة منذ العاشر من يناير 2008 و الذي صادف الإعلان الرسمي عن ميلاد الهيئة العربية للمسرح وانعقاد مؤتمرها التأسيسي، وألقى كل من:
• 2008 الفنان اللبناني الدكتور يعقوب الشدراوي من على منبر قصر الثقافة في الشارقة.
• 2009 في القاهرة الفنانة المصرية سميحة أيوب.
• 2010 في تونس الكاتب التونسي عز الدين المدني.
• 2011 على منصة اليونسكو ببيروت الفنان العراقي يوسف العاني.
• 2012 في الأردن الفنانة الكويتية سعاد عبدالله.
• 2013 الفنانة المغربية ثريا جبران، ألقتها وهي على سرير الشفاء.
• 2014 في الشارقة، الشيخ الدكتور سلطان القاسمي.
*****
(*) صحيفة مكة