إحلم، يا رجل! (14)… بالحلم تحقِّق رغائبَك!

الأديب إيلي مارون خليل

elieإحلم، يا رجل!
إحلم، تكسرْ قهرك!
مقهورٌ، أنت، في حياتك؟ لا أسألُك عن المُسَبِّبات، أنا! أعرف. أقلّه، أفترض أنّني أعرف.

كثيرةٌ، هي، ومتنوِّعة. مرئيّة ومحجوبة. مباشرة وغير مباشرة. قريبة محيطة، وبعيدة نائية. عائليّة وغريبة. فرديّة وجَماعيّة. عاطفيّة وعقليّة. وكلُّ مُسَبِّبٍ آلمُ من زميلِه. يبدأ، يظلّ يبدأ، متناسلًا من ذاته، متفرِّعًا، متشعِّبًا، موغِلًا في الوِجدان لا لينتهي، إنّما ليزدادَ عمقًا، قلقًا، لؤمًا، ألمًا.

لماذا أنا!؟ يتساءل كلُّ مقهورٍ. هو لا يرى قَهْرَ السِّوى. أو، إن كان “موضوعيًّا”، رأى أنّ آلام أيِّ آخرٍ، تقلّ عن آلامه، وتاليًا، فقهرُه يفوقُ قَهْرَ الآخرين! فالإنسانُ يبالغُ في كلّ ما يخصُّه، ألمًا، قهرًا، حزنًا، فرحًا، كآبةً، سعادة، تشاؤمًا، تفاؤلًا… لا يستطيع المرءُ، أبدًا لا يستطيعُ أن يكون “موضوعيًّا”، في مثل هذه الحالات النّفسيّة، الإنسانيّة، الشُّعوريّة، العاطفيّة.

لماذا لا يستطيع، إلى الموضوعيّة، سبيلًا!؟

لأنّها، في ظروف الحياة، هذه الظّروف تحديدًا، قاسيةٌ، صعبةٌ، قهّارة. هي تفترض الفكر، المنطق، التَّجَرُّد… والإنسانُ بعيدٌ عنها بطبعه. لا يُمكنُه أن يرى إلى نفسه بعين سِواه، ما تفترضه الموضوعيّةُ العقلانيّة العلميّة الباردة. ألإنسان “محترٌّ” دومًا. لا يمكن للـ”مُحْتَرِّ” إلّا أن يكون ذا عاطفة ناريّة متطرِّفة، فمن أين له “الموضوعيّة” العلميّة الحِياديّة!؟ ثمّ إنّ “الموضوعيَّ” لا يستطيع الإقناع! لا يُقنِعُ إلّا العاطفيّ المُتَطَرِّفُ. لا يُزرع في الذّاكرة، إلّا العاطفيُّ المتطرِّف. لا ينسلّ إلى الأعماق، إلّا العاطفيُّ المتطرِّف. لا “يوجِعُ” القلبَ، إلّا العاطفيُّ المتطرِّف.

إنّ هذا العاطفيَّ المتطرِّف، حائر مُحَيِّر.

حائرٌ، بَدءًا. هو مُتقلقلٌ دائم، لا يثبت على فكرة، ولا يستقرّ على رأي. إنّما هو يريد إظهار قَهْرِه والألم. ويخشى، في الآن عينِه، ألّا يكون قادرًا على إيصال مدى القهر والآلام، إلى مَن يريدُهم متعاطفين معه، منحازين إليه. إلّم يحصُل له ذلك، يحاول مجدَّدًا، حائرًا محيِّرًا. يحار في لماذا لا “يفهمه” النّاس، ويحار النّاسُ في أمره، لماذا يعتبر هذا الإنسانُ أنّه الوحيدُ المقهورُ، أو الأكثر قَهْرًا، من بينهم!

إذًا، فهذا الحائرُ المُحَيِّرُ، العاطفيُّ المتطرِّف، يحيا حالة مَرَضيّةً غير مُرْضية. عِلاجُها!؟ الحلم! بهذه البَساطة؟ بهذه البَساطة!

إحلم، يا هذا!

إحلم تنجلِ الغيوم من سمائك، والسُّوَيداءُ من مُحيطك! لا تعشْ مفكِّرًا في القهر وأسبابِه، فالنّتائجُ وخيمة. لا تشغل بالَك بأسباب القهر، تُقهر أكثر! إنسَ تلك الأسباب، تشعر بأنّها زالت. إن فكّرت بالمآسي، كانت حياتُك سلسلةُ منها. إحذرْ! إحذرْ واحلمْ!

تقول: وبِمَ أحلمُ!؟ بالحبّ، بالجمال، بالخير، بالسّعادة… تخيَّل أنّك عاشقٌ، وإن لم تكن، فالتّخَيُّل يؤخَذُ على محمل الجِدّ، فيحصُل. تخيّل أنّ الحياة، حقًّا، حلوةٌ، وسببُ شعورٍ بالجمال، بالخير، بالفرح، بالسّعادة… تصبحْ، حقًّا، كذلك. إيمانُك بأمرٍ يجعله يتحقّق!

إحلم، يا رجل، تحقِّق رغائبَك!
إحلمْ!

ألأحد 21 سبتمبر 2014

اترك رد