طوابير الفقر أو اشباح ضاحكة …. قصة قصيرة جداً

الأديب أحمد الصغير

اندفع داخل إدارة البريد لاستخلاص حوالة بريدية سريعة … دخل المكان فاختلطت عليه الصورة ولم يعد يدري أين ahmad-sghaier-1هو… طوابير من العجائز وكبار السن … هرج ومرج … صياح وصراخ وعون الاستقبال يحاول جاهدا تنظيم الصفوف دون جدوى ولا فائدة… تذكر أن اليوم هو موعد صرف المساعدات الاجتماعية الشهرية… وجميع هؤلاء ينتفعون بهذه المساعدة… شيوخ وعجائز، أرامل ومعوّقون وأيتام …

المشهد أشبه ما يكون بالمستشفى،،، أنين هنا وسعال هناك … وعجوز تمسك باليمنى حفيدها وفي يسراها كيس دواء لعدّة أمراض مزمنة… في أحد الأركان جلس طاعن في السن لم يعد يقوى على الوقوف، انتفت من وجهه علامات الحياة ولكنه مصّر على اشعال سيجارة رغم تدخل عون الاستقبال لمنعه من ذلك.

المشهد هنا لا يختلف كثيراً عمّا نراه في أشدّ المجتمعات تخلفاً واحتقاراً لإنسانية الإنسان … هؤلاء ثلاث عجائز جئن مع بعضهن فاغتنمن الفرصة للحديث عن فلانة وعلان وعن فلان وعلان، إلى أن يأتي دورهن في استلام المساعدة … تسمّر في مكانه وحاول أن يستوعب ما يراه وأن يجد له في قيم ومبادئ الإنسانية عنوانا فعجز تفكيره وانهارت كل النظريات الاجتماعية التي تشدق بها ذات يوم.ENTRY ID: 202102

اقتربت منه احدى العجائز تفوح من عرقها المتصبب على جبينها رائحة الانكسار والألم والعجز والخصاصة، وطلبت منه أن يتثبت لها في مبلغ المساعدة، فهي لم تعد قادرة على تمييز الأوراق النقدية … احتسب ما في يدها و تنهّد.

هؤلاء انتزعوا منهم حق الحياة فاذا هم …. اشباح ضاحكة

اترك رد