توّج البطريرك يوحنّا العاشر زيارته إلى الجبل المقدس بالاحتفال بالقداس الإلهي في الكنيسة المركزية لدير القديس بولس. شاركه في الخدمة ممثل البطريرك المسكوني مطران ميليتو ابوستولوس، مطران فيريا بندلايمون، مطران فرنسا وأوروبا الغربية والوسطى اغناطيوس، الأسقف اثناسيوس (فهد)، الوكيل البطريركي الأسقف أفرام (معلولي)، وممثلو الأديار العشرين في الجبل، رئيس دير القديس بولس الأب المتوحد بارثانيوس، كهنة وشمامسة وذلك بحضور البروتوس اي الأول في الجبل المقدس، الراهب سمعان.
بعد القداس شارك البطريرك المحتفلين مائدتهم الرهبانية، وألقى خلالها كل من رئيس الدير والأول كلمة احتفاء بالمناسبة، فردّ البطريرك شاكرا للبطريرك المسكوني ولحكومة الجبل ورهبانه ولرئاسة الدير، حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة.
في خطوة غير مسبوقة في التاريخ الكنسي لبطريرك إنطاكي أرثذوكسي، وضع البطريرك يوحنّا العاشر حجر الأساس لمبنى المكتبة والمتحف في دير القديس بولس في الجبل المقدس (آثوس) في اليونان. وقد كتب على حجر الزاوية ما يلي: “لمجد الهنا القدوس المثلث الأقانيم، وضع حجر الأساس لهذا البناء بيد غبطة بطريرك انطاكية السيد يوحنّا العاشر، اخينا في هذا الدير، في عهد رئاسة الارشمندريت بارتانيوس”.
وكان البطريرك غرس شجرة أرز في حديقة دير الفاتوبيدي حملت اسمه، تخليداً لزيارته التاريخية إلى الجبل المقدس (آثوس).
جولة في الأديرة
كان البطريرك زار ديرَ اللافرا الكبير الذي أسسه القديس أثناسيوس الآثوسي في القرن العاشر. وقد استُقبِل وفق العرف المتبع لاستقبال رؤساء الكنائس في جبل آثوس. وافاه رئيس الدير وكهنته ومحفل الرهبان بالشموع إلى مدخل الدير حاملين الإنجيل المقدس، وقد ارتدى بعض منهم الحلة الكهنوتية.
دخل البطريرك والوفد المرافق له على أنغام الترانيم وقرع الأجراس والنواقيس ورش الغار، إلى أن وصلو إلى الكنيسة الكبرى في الدير، حيث رُفِعَت صلاة الشكر. وقد تخلل الصلاةَ كلمةٌ ترحيبية لرئيس الدير. ورد عليه البطريرك بكلمة، ثم تم تبادل الهدايا وسجد الجميع لذخائر القديسين. بعد ذلك شارك البطريرك والوفد المرافق الآباءَ في مائدتهم الرهبانية.
وبعد الظهر توجه البطريرك يوحنا والوفد إلى “الأكاديمية الآثوسية”، حيث التقى طلابَ وإدارةَ الأكاديمية.
كذلك زار دير الإيفيرون (تأسس حوالي سنةِ 979)، حيث استُقبِل بحفاوة والمراسم المعهودة في الأديرة الرهبانية. كان باستقباله رئيس الدير والأب المتوحد باسيليوس. وقد صلى البطريرك أمام أيقونة البوابة العجائبية طالباً شفاعتها من أجله ومن أجل شعبه ومن أجل السلام في المشرق. بعد ذلك كان له جولة في متحف الدير.
بعد ذلك توجه البطريرك إلى قلاية القيامة حيث يرقد الأبِ إسحق عطا الله، أول راهب لبناني لمع في النسك في الجبل المقدس. وتجدر الإشارة إلى أن ثمة علاقة روحية قديمة ربطت الأب إسحق بالبطريرك يوحنا.
أيضاً، زار البطريرك قلاية “البورازيري”، حيث قدم مطران حلب المغيب بولس نذوره الرهبانية. وهناك رفع البطريرك صلاة الشكر على نية تحرير الأسرى، وفي مقدمهم المطرانان يوحنا وبولس، وعودة السلام إلى ربوع المشرق.
كان للبطريرك محطة في دير “الفاتوبيذي” الذي يحوي، إضافة إلى الكنيسة المركزية، أكثر من 35 كنيسةٍ ضمن أسواره. حضر استقبال الفاتوبيذي مطران ليماسول أثناسيوس الذي وافى خصيصاً من قبرص ليكون باستقبال صديقه البطريرك في الدير. في هذا المكان تمنى الأب يوسف الفاتوبيذيني يوماً عندما التقى الشماسَ يوحنا أن يرتقي هذا الشماسُ عرشَ أنطاكية. وكذلك ذكر رئيس الدير أن أنطاكياً آخر كانت تربطه علاقةٌ مع الدير ألا وهو البطريرك الأنطاكي سيلفستروس (1724- 1764)، القبرصي الأصل الذي ترهب في دير الفاتوبيذي.
بعد صلاة الشكر تبرّك الجميع من زنار السيدة العذراء ومن جمجمة القديس يوحنا الذهبي الفم حيث ما زالت أذنه اليسرى كما هي. ثم جال الجميع في متحف الدير الكبير الذي يحوي كنوزاً كنسيةً وافرة، محفوظة بشكل تقني عالٍ، ومنها أناجيل ومخطوطات وأيقونات وأوان كنسية وألبسة ليتورجية. في نهاية الزيارة التُقطت صورةٌ تذكاريةٌ جماعيةٌ للبطريرك مع كل أفراد هذه الأخوية.