“الكتابة والأجناس. شعرية الانفتاح في الشعر العربي الحديث”…أول أوّل دراسة نقدية فنّية في العالم العربي لمسألة “الكتابة والأجناس”

صدر كتاب جديد للباحثة المغربية د. حورية الخمليشي موسوم بعنوان “الكتابة والأجناس. شعرية الانفتاح في الشعر guilaf kitaba wa ajnasالعربي الحديث” في طبعة أنيقة عن دار التنوير بيروت، ودار الأمان الرباط (296 صفحة، لوحة غلاف للشّاعرة والكاتبة والرّسّامة الكبيرة إيتيل عدنان). ويأتي هذا العمل حسب المؤلّفة تقديراً للشعر ورسالته الكونية. لذلك أهدَت عملها إلى كلّ مؤمن بقدرات القصيدة.

الكتاب هو أوّل دراسة نقدية فنّية في العالم العربي لمسألة “الكتابة والأجناس” في أفق استكشافي جديد، ترصد فيه المؤلّفة ملامح الكمال والجمال في الشعر الحديث والمعاصر المنفتح على شعريات العالم، والمنفتح على أنماط الفنون من تشكيل ومسرح وموسيقى وتعبير جسدي وسينما وغيرها.

ولعل الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق كما ترى الباحثة هي: ما علاقة الكتابة بالأجناس؟ وكيف تجلّت الكتابة عند شعراء الحداثة؟ وما هي تجليات الكتابة عند شعراء وضعوا أسُساً لتأسيس مفهوم الكتابة الجديدة؟ وما دور الشعر في زمن أصبحت الصّورة تأخذ فيه مكاناً كبيراً، بينما فقدت الكلمة من قوتها الإعلامية لمصلحة الشيء المرئي؟ وبالتالي كيف نقرأ الشعر العربي الحديث والمعاصر؟ هل تكفي مسألة الذوق لقراءة الشعر؟ أم يجب على قارئ القصيدة المعاصرة أن يكون مُلمّاً بالعديد من الحقول المعرفية والمعارف المتعددة بمفاهيمها وتصوراتها لتعيين نظرية القراءة؟ وإلى أي حدٍّ يستطيع المتلقّي العربي تقبّل الجماليات الجديدة وإدراك مفاهيمها في عصر المعلوميات وثقافة الصورة؟ وما الذي تضيفه الوسائل الرقمية إلى الشعر؟ وهل الشعر في حاجةٍ إلى التقنيات الرقمية؟ وما علاقة الشعر بالتشكيل والموسيقى والرسم، زمن تكنولوجيا المعلومات والبثّ والتبادل الرقمي؟ وماذا عن قراءة الشعر في فضاء اللّوحة لقصائد يشكّل فيها الخطّ العربي نسقاً فكرياً متميّزاً لغةً وإبداعاً وتراثاً، كما يشكّل فيها المسرح والسينما مكاناً هامّاً في الشعر المعاصر في بُعده الجمالي والفنّي والفكري؟

تجارب فردية لشعراء كبار

تجمع هذه الدراسة بين المكتسبات التّصورية النّظرية المعرفية والمنهاجية لما كان قد أنجزته الباحثة في مؤلَّفات سابقة أهمّها “الشعر المنثور والتحديث الشعري” و”ترجمة النص العربي القديم وتأويله عند ريجيس بلاشير”. وهو ما جعل هذه الدراسة تمتاز بتفتّح فكري على طرق البحث المنهجي في دراسة الشعر الحديث والمعاصر، بالاعتماد على آخر التّنظيرات والمعطيات المستجدّة في حقل الشعرية ومسألة الحداثة من خلال كتاب “مفاهيم موسعة لنظرية شعرية. اللغة–الحركة-الموسيقى” للدكتور محمد مفتاح، بتوظيف مبدأ “التّفان” الذي يفيد تداخل الفنون، لتوضيح مدى انفتاح الشعر الحديث على الفنون الأخرى المجاورة له كالرسم والتشكيل والسينما والموسيقى والمسرح وغيرها.بالإضافة إلى مصطلح “التّمزيج” الذي تنتفي فيه الحدود بين الأجناس، مع إعطاء الأولوية للحاسّة البصرية التي تهيمن على كل الحواس.

houria khamlishi

د. حورية الخمليشي

وتناولت الباحثة في عملها تجارب فردية لشعراء كبار قدّموا أعمالاً تحتلّ مرتبة الصدارة في هدم الحدود بين الأجناس الشعرية والأجناس الكتابية انطلاقاً من “كتاب البيانات” الذي يضمّ بيانات الكتابة لأدونيس ومحمد بنيس وقاسم حداد، بالإضافة إلى شعرية محمود درويش كأحد كبار شعراء الحداثة الشعرية. وترى المؤلِّفة أن أزمة الشعر الحديث والمعاصر هي أزمة التّلقّي لنصوص منفتحة قابلة لأكثر من قراءة وأكثر من تأويل. وقد اعتمدت في عملها على مصادر ومراجع دقيقة عربية وغير عربية وعلى أكثر من مائة موقع إلكتروني.

تحديث ثقافي

وقسّمت الباحثة عملها على المستوى النظري والمنهجي إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول عنونته “القصيدة العربية بين الأغراض والأجناس”، ويتكوّن من أربعة فصول تناولت فيها الأغراض الشعرية عند القدماء، ومسألة الأجناس الشعرية والتحديث الشعري، والرومانسية والأجناس الشعرية، والبيانات الشعرية والتأسيس لمشروعية الكتابة.

أما القسم الثاني فجاء بعنوان “أجناس القصيدة العربية الحديثة”. ويتكوّن من ثلاثة فصول اهتمت فيها بالأجناس الشعرية ومسألة التحديث الشعري، والترجمة وبنية الانفتاح، والشعر والتلقي.

ويأتي القسم الثالث بعنوان “الشعر الحديث والتحديث الثقافي”. ويتكوّن من ثلاثة فصول تتضمّن تجربة الكتب الفنية وإشكالية التّجنيس، وبين الألوان الشعرية والألوان الفنية، والشعر وثقافة الصورة.

ويضمّ الكتاب صوراً ورسوماً لنماذج من اللّوحات التشكيلية المستوحاة من الأعمال الشعرية الكبرى، ولنماذج من الكتب الفنّية التي تتضمّنها الدراسة. هذه اللّوحات التي توضّح مدى تفوّق الفنّ في نقل الجوّ الشّاعري من القصيدة إلى اللّوحة وإلى المسرح والسينما والموسيقى وغيرها.

اترك رد