ميخائيـل نعيمـة ودولـة الإنسـان !

الأديب ميشال معيكـي

بدعوة من النادي اللبناني للكتاب، أُقيـم لقاء ثقافي ، أمام نصب ميخائيل نعيمة في بسكنتا – الشخروب.
michel-maiike-1في ذكرى ميلاد نعيمة المئة وخمسٍ وعشرين، نستعيد قامة نهضوية، في الفكر والأدب والفلسفة… رفيق جبران والريحاني ، احد مؤسّسي الرابطة القلمية في المهجر الأميركي …
جمـع بين حضارات الشرق وروسيا وأميركا …

مرحلة اميركا، طبعت بكل تأثيراتها الكثير من اعماله ونيويورك ليست مجرّد مدينة! يقول في كتاب المراحل «إنها التنين الممتدّ بين نهرين. الفاغر فمه ليشرب البحر ويبتلع البرّ، دون ان يرتوي يوما او يشبع!»

أميركا، مرحلة الغربة والتمزّق، نيويورك « مدينة الأزمات والالآت، الـدردور الرهيب»، الرابطة القلمية، انتجت أدب غربة بالمفهوم الميتافيزيكي ( نعيمة – جبران )، وتمزّقا زمانياً– كيانياً في«مذكرات الأرقش»…

في احدى رسائلها، كتبت صديقة جبران، ماري هاسكل:« يذكّرني نعيمة وجبران – وهما ينشدان الكليّ المطلق في نفسيهما، بمتسلّقي جبال هملايا، بإرهاقٍ شديد، صعوداً إلى ذرى القمم». هذا التوق الى الخلاص والحريّة، يوجزه جبران في إحدى رسائله الى صديقه نعيمة:

«سنلتقي في المستقبل، في صومعة على كتف واد من أودية لبنان، إن هذه المدينة الغشّاشة، (ويعني نيويورك) قد شدّت أوتار روحينا حتى كادت تنقطع!!!

علينا أن نرحل يا ميشا قبل أن تنقطع!!!»

وتنتهي الرابطة القلمية عن حافة سرير جبران، مسجّى في مستشفى القديس Vincent في نيويورك 1931. نعيمة يُسْبل جفون صديقه، يتأمله للمرة الأخيرة، وينسحب وحيدا الى لبنان، الى شخروب وحدته، بعيدا عن نيويورك “تنيّن البحر والبرّ”…

بسكنتا ، الشخروب، لقاء “مرداد”…

الخلاص والعودة الى الجذور!!!،

*****

ميخائيـل نعمية،

صاحب فكر انتقائي يفتح افاقا للتفكر والتأمل والنقاش…

يقول: “أنا متديّن على طريقتي. أنا مسيحيّ وبوذيّ وطاويّ… الإنسان فرخ إله، يتدرّج على مدى الزمان، لا على مدى عمر واحد ! ويصبح مجرّدا عن كل الشهوات ، ويندمج في الله ! والله يعني المطلق. وبما أننا نعيش في عالم النسبة وازدواجية الخير والشرّ، فالله هو القوّة المنزّهة عن الخير والشرّ وكل الصفات!

« أين كنـّا؟ لماذا وجدنا؟ هل الموت هو نهاية العمر والحياة ؟ هل توجد حياة بعد الموت؟» أسئلة طالما ردّدها نعيمة …

في كتابه “سبعون”، أعلن نعيمة يأسه من الأنظمة السياسية في المدنيّة الحديثة. قال:«لقد بتّ أحمل سمة بدونها، لا استطيع أن أتجاوز حدود بلدي الصغير!

فالأرض ليست أرضي إلاّ بمقدار! ولا استطيع التنقل إلا بمقدار!

ولن افلت أبداً من اسمي ومن مسقط رأسي، وتاريخ ولادتي، ومن رعويّتي لدولة من الدول!»
وكما الكثيرين من رجال الفكر، يتطلع نعيمة إلى مشروع انسان عظيم- طوباويّ طبعاً– يقول: «نحن سائرون الى دولة تتلاشى فيها الحدود التي نعرف!!»

ثم يطلق صيحة من أعالي الشخروب، منحدر الصوّان، يعلن فيها نواميس دولة الإنسان: « كفانا خدمة للموت أيها الناس! آن لنا أن نخدم الحياة… أتمضون في تجزئة الأرض، وتقيمون السواتر والجنود والحصون؟!

إنه لأيسر أن تقيموا حدوداً بين أمواج البحر والرياح، وأشعة الشمس، من ان تقيموها بين إنسان وإنسان!!
لتقم على أكتاف دويلات الناس، دولة الإنسان!

لقد آن الآوان، أيها الناس!!!»

*****

في الشخروب ذلك المساء، أمام النّصب، استذكرالمحتفون صوتا نهضويا استشرافياً…
أما دولة الإنسان، فقائمة فقط في دفاتـر ميخائيـل نعيمـة!!

*****
(*) “علـى مسؤوليتــي”  إذاعـة صوت لبنـان

اترك رد